( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا    ) 
قوله تعالى : ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون  والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا    ) 
في الآية مسائل : 
المسألة الأولى : اعلم أنه يمكن تفسير الآية بحيث يكون الوالدان والأقربون وراثا ، ويمكن أيضا بحيث يكونان موروثا عنهما . 
أما الأول : فهو أن قوله : ( ولكل جعلنا موالي مما ترك    ) أي : ولكل واحد جعلنا ورثة في تركته ، ثم كأنه قيل : ومن هؤلاء الورثة ؟ فقيل : هم الوالدان والأقربون ، وعلى هذا الوجه لا بد من الوقف عند قوله : ( مما ترك    ) . 
وأما الثاني : ففيه وجهان : 
الأول : أن يكون الكلام على التقديم والتأخير ، والتقدير : ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالي ، أي : ورثة ، و ( جعلنا ) في هذين الوجهين لا يتعدى إلى مفعولين ؛ لأن معنى ( جعلنا ) خلقنا . 
الثاني : أن يكون التقدير : ولكل قوم جعلناهم موالي نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ، فقوله : ( موالي ) على هذا القول يكون صفة والموصوف يكون محذوفا ، والراجع إلى قوله : ( ولكل ) محذوفا ، والخبر وهو قوله : ( نصيب ) محذوف أيضا ، وعلى هذا التقدير يكون ( جعلنا ) متعديا إلى مفعولين ، والوجهان الأولان أولى ؛ لكثرة الإضمار في هذا الوجه . 
المسألة الثانية : لفظ مشترك بين معان : 
أحدها : المعتق ؛ لأنه ولي نعمته في عتقه ؛ ولذلك يسمى مولى النعمة . 
وثانيها : العبد المعتق ، لاتصال ولاية مولاه في إنعامه عليه ، وهذا كما يسمى الطالب غريما ؛ لأن له اللزوم والمطالبة بحقه ، ويسمى المطلوب غريما لكون الدين لازما له . 
وثالثها : الحليف ؛ لأن المحالف يلي أمره بعقد اليمين . 
ورابعها : ابن العم ؛ لأنه يليه بالنصرة للقرابة التي بينهما . 
وخامسها : المولى الولي ؛ لأنه يليه بالنصرة ، قال تعالى : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا    )   [ ص: 69 ]   ( مولى لهم    ) [ محمد : 11 ] . 
وسادسها : العصبة ، وهو المراد به في هذه الآية ؛ لأنه لا يليق بهذه الآية إلا هذا المعنى ، ويؤكده ما روى أبو صالح  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا أولى بالمؤمنين ، من مات وترك مالا فماله للموالي العصبة  ، ومن ترك كلا فأنا وليه   " وقال - عليه الصلاة والسلام - : " اقسموا هذا المال ، فما أبقت السهام فلأولى عصبة ذكر   " . 
				
						
						
