أما قوله : ( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) ففيه مباحث :
البحث الأول : قرأ ابن كثير " ضيقا " ساكنة الياء وكذا في كل القرآن ، والباقون مشددة الياء مكسورة ، فيحتمل أن يكون المشدد والمخفف بمعنى واحد ، كسيد وسيد ، وهين وهين ولين ولين ، وميت وميت ، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم " حرجا " بكسر الراء ، والباقون بفتحها قال الفراء : وهو في كسره ونصبه بمنزلة الوجل والوجل ، والقرد والقرد ، والدنف والدنف . قال الزجاج : الحرج في اللغة أضيق الضيق ومعناه : أنه ضيق جدا ، فمن قال : إنه رجل حرج الصدر بفتح الراء فمعناه : ذو حرج في صدره ، ومن قال : حرج جعله فاعلا ، وكذلك رجل دنف ذو دنف ، ودنف نعت .
[ ص: 150 ] البحث الثاني : قال بعضهم : الحرج ، بكسر الراء الضيق ، والحرج بالفتح جمع حرجة ، وهو الموضع الكثير الأشجار الذي لا تناله الراعية . وحكى الواحدي في هذا الباب حكايتين : إحداهما : روي عن عن عبيد بن عمير أنه قرأ هذه الآية وقال : هل هاهنا أحد من ابن عباس بني بكر . قال رجل : نعم . قال : ما الحرجة فيكم . قال : الوادي الكثير الشجر المشتبك الذي لا طريق فيه . فقال : كذلك قلب الكافر . ابن عباس
والثانية : روى الواحدي عن أبي الصلت الثقفي قال : قرأ رضي الله عنه هذه الآية ، ثم قال : ائتوني برجل من عمر بن الخطاب كنانة جعلوه راعيا فأتوا به ، فقال له عمر : يا فتى ما الحرجة فيكم . قال : الحرجة فينا الشجرة تحدق بها الأشجار فلا يصل إليها راعية ولا وحشية . فقال عمر : كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الخير .