المسألة الثالثة : : القذف ينقسم إلى محظور ومباح وواجب ، وجملة الكلام أنه إذا لم يكن ثم ولد يريد نفيه فلا يجب ، وهل يباح أم لا ؟ ينظر إن رآها بعينه تزني أو أقرت هي على نفسها ووقع في قلبه صدقها أو سمع ممن يثق بقوله أو لم يسمع ، لكنه استفاض فيما بين الناس أن فلانا يزني بفلانة ، وقد رآه الزوج يخرج من بيتها أو رآه معها في بيت ، فإنه يباح له القذف لتأكد التهمة ، ويجوز أن يمسكها ويستر عليها . فيما يبيح القذف
لما روي " " أما إذا سمعه ممن لا يوثق بقوله أو استفاض من بين الناس ، ولكن الزوج لم يره معها ، أو بالعكس ، لم يحل له قذفها ، لأنه قد يذكره من لا يكون ثقة ، فينتشر ويدخل بيتها خوفا من قاصد أو لسرقة أو لطلب فجور فتأبى المرأة ، قال الله تعالى : ( أن رجلا قال يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس ، قال طلقها . قال إني أحبها ، قال فأمسكها إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ) [ النور : 11 ] أما إذا كان ثم ولد يريد نفيه ، نظر فإن تيقن أنه ليس منه بأن لم يكن وطئها الزوج أو وطئها لكنها أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الوطء أو لأكثر من أربع سنين يجب عليه نفيه باللعان ; لأنه ممنوع من استلحاق نسب الغير كما هو ممنوع من نفي نسبه ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " " فلما حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم كان الرجل أيضا كذلك ، أما إن احتمل أن يكون منه بأن أتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الوطء ولدون أربع سنين ، نظر إن لم يكن قد استبرأها بحيضة ، أو استبرأها وأتت به لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء ، لا يحل له القذف والنفي وإن اتهمها بالزنا . أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولم يدخلها الله جنته
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين جحد ولده وهو ينظر إليه " فإن استبرأها وأتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء يباح له القذف والنفي . والأولى أن لا يفعل لأنها قد ترى الدم على الحبل وإن أتت امرأته بولد لا يشبهه بأن كانا أبيضين فأتت به أسود ، نظر إن لم يكن يتهمها بالزنا فليس له نفيه ، لما روى أيما رجل رضي الله عنه : " أبو هريرة " وإن كان يتهمها بزنا أو يتهمها برجل فأتت بولد يشبهه هل يباح له نفيه ؟ فيه وجهان : أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن امرأتي ولدت غلاما أسود ، فقال هل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال ما ألوانها ؟ قال حمر ، قال فهل فيها أورق ؟ قال : نعم ، قال فكيف ذاك ؟ قال نزعه عرق قال فلعل هذا نزعه عرق
أحدهما : لا لأن العرق ينزع .
والثاني : له ذلك لأن التهمة قد تأكدت بالشبهة .