السؤال العاشر : إذا عرض أمر في دار من حريق أو هجوم سارق أو ظهور منكر فهل يجب الاستئذان  ؟ الجواب : كل ذلك مستثنى بالدليل فهذا جملة الكلام في الاستئذان ، وأما السلام فهو من سنة المسلمين  التي أمروا بها ، وأمان للقوم وهو تحية أهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   " لما خلق الله تعالى آدم  عليه السلام ونفخ فيه الروح عطس ، فقال الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه يرحمك ربك يا آدم  اذهب إلى هؤلاء الملائكة - وهم ملأ منهم جلوس - فقل السلام عليكم ، فلما فعل ذلك رجع إلى ربه فقال هذه تحيتك وتحية ذريتك "   . 
وعن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   " حق المسلم على المسلم  ست ; يسلم عليه إذا لقيه ، ويجيبه إذا دعاه ، وينصح له بالغيب ، ويشمته إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ، ويشهد جنازته إذا مات " وعن ابن عمر  قال قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :   " إن سركم أن يسل الغل من صدوركم فأفشوا السلام بينكم "   . 
أما قوله تعالى : ( ذلكم خير لكم    ) فالمعنى فيه ظاهر ، إذ المراد أن فعل ذلك خير لكم وأولى لكم من الهجوم بغير إذن ( لعلكم تذكرون    ) أي لكي تتذكروا هذا التأديب فتتمسكوا به ، ثم قال : ( فإن لم تجدوا فيها    ) أي في البيوت أحدا ( فلا تدخلوها    ) لأن العلة في الصورتين واحدة وهي جواز أن يكون هناك أحوال مكتومة يكره إطلاع الداخل عليها ، ثم قال : ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا    ) وذلك لأنه كما يكون الدخول قد يكرهه صاحب الدار فكذا الوقوف على الباب قد يكرهه ، فلا جرم كان الأولى والأزكى له أن يرجع إزالة للإيحاش والإيذاء ، ولما ذكر الله تعالى حكم الدور المسكونة ذكر بعده حكم الدور التي هي غير مسكونة  ، فقال : ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة    ) وذلك لأن المانع من الدخول إلا بإذن زائل عنها واختلف المفسرون في المراد من قوله : ( بيوتا غير مسكونة    ) على أقوال : 
أحدها : وهو قول  محمد بن الحنفية  أنها الحانات والرباطات وحوانيت البياعين والمتاع المنفعة ، كالاستكنان من الحر والبرد ، وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع ، يروى أن أبا بكر  قال يا رسول الله إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان وإنا نختلف في تجارتنا فننزل هذه الخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن ؟ فنزلت هذه الآية   . 
وثانيها : أنها الخربات يتبرز فيها ، والمتاع التبرز . 
وثالثها : الأسواق . 
ورابعها : أنها الحمامات . 
والأولى أن يقال إنه لا يمتنع دخول الجميع تحت الآية فيحمل على الكل ، والعلة في ذلك أنها إذا كانت كذلك فهي مأذون بدخولها من جهة العرف ، فكذلك نقول إنها لو كانت غير مسكونة ولكنها كانت مغصوبة ، فإنه لا يجوز للداخل أن يدخل فيها لكن الظاهر من حال الخانات أنها موضوعة لدخول الداخل . 
وأما قوله : ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون    ) فهو وعيد للذين يدخلون الخربات والدور الخالية من أهل الريبة . 
				
						
						
