(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) .
لما بين إنكارهم للتوحيد ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31037_32026_29284تكذيبهم للرسول ومبالغتهم فيه حيث إنهم كانوا يقسمون على أنهم لا يكذبون الرسل إذا تبين لهم كونهم رسلا ، وقالوا : إنما نكذب
بمحمد صلى الله عليه وسلم لكونه كاذبا ، ولو تبين لنا كونه رسولا لآمنا كما قال تعالى عنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) ( الأنعام : 109 ) وهذا مبالغة منهم في التكذيب ، كما أن من ينكر دين إنسان قد يقول : والله لو علمت أن له شيئا علي لقضيته وزدت له ، إظهارا لكونه مطالبا بالباطل ، فكذلك ههنا عاندوا وقالوا : والله لو جاءنا رسول لكنا أهدى الأمم ، فلما جاءهم نذير أي
محمد صلى الله عليه وسلم جاءهم ؛ أي صح مجيئه لهم بالبينة ما زادهم إلا نفورا ، فإنهم قبل الرسالة كانوا كافرين بالله ، وبعدها صاروا كافرين بالله ورسوله ؛ ولأنهم قبل الرسالة ما كانوا معذبين كما صاروا بعد الرسالة .
وقال بعض المفسرين : إن
أهل مكة كانوا يلعنون
اليهود والنصارى على أنهم كذبوا برسلهم لما جاءوهم ، وقالوا : لو جاءنا رسول لأطعناه واتبعناه ، وهذا فيه إشكال من حيث إن المشركين كانوا منكرين للرسالة والحشر مطلقا ، فكيف كانوا يعترفون بالرسل ، فمن أين عرفوا أن
اليهود كذبوا وما جاءهم كتاب ولولا كتاب الله وبيان رسوله من أين كان يعلم المشركون أنهم صدقوا شيئا وكذبوا في شيء ؟ بل المراد ما ذكرنا أنهم كانوا يقولون : نحن لو جاءنا رسول لا ننكره ، وإنما ننكر كون
محمد رسولا من حيث إنه كاذب ، ولو صح كونه رسولا لآمنا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42فلما جاءهم ) أي فلما صح لهم مجيئه بالمعجزة ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42أهدى ) وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد أهدى مما نحن عليه وعلى هذا ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42من إحدى الأمم ) للتبيين كما يقول القائل : زيد من المسلمين ، ويدل على هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ) أي صاروا أضل مما كانوا ، وكانوا يقولون : نكون أهدى .
وثانيهما : أن يكون المراد أن نكون أهدى من إحدى الأمم ، كما يقول القائل : زيد أولى من عمرو .
وفي الأمم وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد العموم أي أهدى من أي إحدى الأمم ، وفيه تعريض .
وثانيهما : أن يكون المراد تعريف العهد أي أمة
محمد وموسى وعيسى ، ومن كان في زمانهم .
[ ص: 31 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43استكبارا في الأرض ) ونصبه يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون حالا أي مستكبرين في الأرض .
وثانيها : أن يكون مفعولا له أي للاستكبار .
وثالثها : أن يكون بدلا عن النفور .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ومكر السيئ ) إضافة الجنس إلى نوعه ، كما يقال : علم الفقه ، وحرفة الحدادة ؛ وتحقيقه أن يقال : معناه ومكروا مكرا سيئا ، ثم عرف لظهور مكرهم ، ثم ترك التعريف باللام ، وأضيف إلى السيئ لكون السوء أبين الأمور ، ويحتمل أن يقال بأن المكر يستعمل استعمال العمل كما ذكرنا في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10والذين يمكرون السيئات ) ( فاطر : 10 ) أي يعملون السيئات ، ومكرهم السيئ ، وهو جميع ما كان يصدر منهم من القصد إلى الإيذاء ومنع الناس من الدخول في الإيمان وإظهار الإنكار ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) أي لا يحيط إلا بفاعله ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43إلا بأهله ) فوائد :
أما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43يحيق ) فهي أنها تنبئ عن الإحاطة التي هي فوق اللحوق ، وفيه من التحذير ما ليس في قوله : ولا يلحق أو ولا يصل ، وأما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43بأهله ) ففيه ما ليس في قول القائل :
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_30532_30531ولا يحيق المكر السيئ إلا بالماكر ، كي لا يأمن المسيء فإن من أساء ومكره سيئ آخر قد يلحقه جزاء على سيئة ، وأما إذا لم يكن سيئا فلا يكون أهلا فيأمن المكر السيئ ، وأما في النفي والإثبات ففائدته الحصر بخلاف ما يقول القائل : المكر السيئ يحيق بأهله ، فلا ينبئ عن عدم الحيق بغير أهله ، فإن قال قائل : كثيرا ما نرى أن الماكر يمكر ويفيده المكر ويغلب الخصم بالمكر ، والآية تدل على عدم ذلك ؟ فنقول : الجواب عنه من وجوه :
أحدها : إن المكر المذكور في الآية هو المكر الذي مكروه مع النبي صلى الله عليه وسلم من العزم على القتل ، والإخراج ولم يحق إلا بهم ، حيث قتلوا يوم
بدر وغيره .
وثانيها : هو أن نقول : المكر السيئ عام وهو الأصح ، فإن النبي عليه السلام نهى عن المكر ، وأخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا ، فإن الله يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " .
وعلى هذا فذلك الرجل الممكور به لا يكون أهلا فلا يرد نقضا .
وثالثها : أن الأمور بعواقبها ، ومن مكر به غيره ونفذ فيه المكر عاجلا في الظاهر ، ففي الحقيقة هو الفائز ، والماكر هو الهالك وذلك مثل راحة الكافر ومشقة المسلم في الدنيا ، ويبين هذا المعنى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فهل ينظرون إلا سنة الأولين ) يعني : إذا كان لمكرهم في الحال رواج فالعاقبة للتقوى والأمور بخواتيمها ، فيهلكون كما هلك الأولون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) .
لَمَّا بَيَّنَ إِنْكَارَهُمْ لِلتَّوْحِيدِ ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31037_32026_29284تَكْذِيبَهُمْ لِلرَّسُولِ وَمُبَالَغَتَهُمْ فِيهِ حَيْثُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُقْسِمُونَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَ الرُّسُلَ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ كَوْنُهُمْ رُسُلًا ، وَقَالُوا : إِنَّمَا نُكَذِّبُ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ كَاذِبًا ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَنَا كَوْنُهُ رَسُولًا لَآمَنَّا كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=109وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا ) ( الْأَنْعَامِ : 109 ) وَهَذَا مُبَالَغَةٌ مِنْهُمْ فِي التَّكْذِيبِ ، كَمَا أَنَّ مَنْ يُنْكِرُ دِينَ إِنْسَانٍ قَدْ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لَهُ شَيْئًا عَلَيَّ لَقَضَيْتُهُ وَزِدْتُ لَهُ ، إِظْهَارًا لِكَوْنِهِ مُطَالِبًا بِالْبَاطِلِ ، فَكَذَلِكَ هَهُنَا عَانَدُوا وَقَالُوا : وَاللَّهِ لَوْ جَاءَنَا رَسُولٌ لَكُنَّا أَهْدَى الْأُمَمِ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ أَيْ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُمْ ؛ أَيْ صَحَّ مَجِيئُهُ لَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ، فَإِنَّهُمْ قَبْلَ الرِّسَالَةِ كَانُوا كَافِرِينَ بِاللَّهِ ، وَبَعْدَهَا صَارُوا كَافِرِينَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَلِأَنَّهُمْ قَبْلَ الرِّسَالَةِ مَا كَانُوا مُعَذَّبِينَ كَمَا صَارُوا بَعْدَ الرِّسَالَةِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ
أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يَلْعَنُونَ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى أَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِرُسُلِهِمْ لَمَّا جَاءُوهُمْ ، وَقَالُوا : لَوْ جَاءَنَا رَسُولٌ لَأَطَعْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ ، وَهَذَا فِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا مُنْكِرِينَ لِلرِّسَالَةِ وَالْحَشْرِ مُطْلَقًا ، فَكَيْفَ كَانُوا يَعْتَرِفُونَ بِالرُّسُلِ ، فَمِنْ أَيْنَ عَرَفُوا أَنَّ
الْيَهُودَ كَذَّبُوا وَمَا جَاءَهُمْ كِتَابٌ وَلَوْلَا كِتَابُ اللَّهِ وَبَيَانُ رَسُولِهِ مِنْ أَيْنَ كَانَ يَعْلَمُ الْمُشْرِكُونَ أَنَّهُمْ صَدَّقُوا شَيْئًا وَكَذَّبُوا فِي شَيْءٍ ؟ بَلِ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ لَوْ جَاءَنَا رَسُولٌ لَا نُنْكِرُهُ ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُ كَوْنَ
مُحَمَّدٍ رَسُولًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَاذِبٌ ، وَلَوْ صَحَّ كَوْنُهُ رَسُولًا لَآمَنَّا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42فَلَمَّا جَاءَهُمْ ) أَيْ فَلَمَّا صَحَّ لَهُمْ مَجِيئُهُ بِالْمُعْجِزَةِ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42أَهْدَى ) وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَهْدَى مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ) لِلتَّبْيِينِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : زَيْدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ) أَيْ صَارُوا أَضَلَّ مِمَّا كَانُوا ، وَكَانُوا يَقُولُونَ : نَكُونُ أَهْدَى .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ نَكُونَ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : زَيْدٌ أَوْلَى مِنْ عَمْرٍو .
وَفِي الْأُمَمِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعُمُومَ أَيْ أَهْدَى مِنْ أَيِّ إِحْدَى الْأُمَمِ ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ .
وَثَانِيهِمَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ أَيْ أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى ، وَمَنْ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ .
[ ص: 31 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ ) وَنَصْبُهُ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ مُسْتَكْبِرِينَ فِي الْأَرْضِ .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ أَيْ لِلِاسْتِكْبَارِ .
وَثَالِثُهَا : أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنِ النُّفُورِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَمَكْرَ السَّيِّئِ ) إِضَافَةُ الْجِنْسِ إِلَى نَوْعِهِ ، كَمَا يُقَالُ : عِلْمُ الْفِقْهِ ، وَحِرْفَةُ الْحِدَادَةِ ؛ وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يُقَالَ : مَعْنَاهُ وَمَكَرُوا مَكْرًا سَيِّئًا ، ثُمَّ عُرِّفَ لِظُهُورِ مَكْرِهِمْ ، ثُمَّ تُرِكَ التَّعْرِيفُ بِاللَّامِ ، وَأُضِيفَ إِلَى السَّيِّئِ لِكَوْنِ السُّوءِ أَبْيَنَ الْأُمُورِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْمَكْرَ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْعَمَلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ ) ( فَاطِرٍ : 10 ) أَيْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ، وَمَكْرُهُمُ السَّيِّئَ ، وَهُوَ جَمِيعُ مَا كَانَ يَصْدُرُ مِنْهُمْ مَنِ الْقَصْدِ إِلَى الْإِيذَاءِ وَمَنْعِ النَّاسِ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ وَإِظْهَارِ الْإِنْكَارِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) أَيْ لَا يُحِيطُ إِلَّا بِفَاعِلِهِ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43إِلَّا بِأَهْلِهِ ) فَوَائِدُ :
أَمَّا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43يَحِيقُ ) فَهِيَ أَنَّهَا تُنْبِئُ عَنِ الْإِحَاطَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ اللُّحُوقِ ، وَفِيهِ مِنَ التَّحْذِيرِ مَا لَيْسَ فِي قَوْلِهِ : وَلَا يَلْحَقُ أَوْ وَلَا يَصِلُ ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43بِأَهْلِهِ ) فَفِيهِ مَا لَيْسَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ :
nindex.php?page=treesubj&link=30539_30549_30532_30531وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِالْمَاكِرِ ، كَيْ لَا يَأْمَنَ الْمُسِيءُ فَإِنَّ مَنْ أَسَاءَ وَمَكْرُهُ سَيِّئٌ آخَرُ قَدْ يَلْحَقُهُ جَزَاءً عَلَى سَيِّئَةٍ ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ سَيِّئًا فَلَا يَكُونُ أَهْلًا فَيَأْمَنُ الْمَكْرَ السَّيِّئَ ، وَأَمَّا فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَفَائِدَتُهُ الْحَصْرُ بِخِلَافِ مَا يَقُولُ الْقَائِلُ : الْمَكْرُ السَّيِّئُ يَحِيقُ بِأَهْلِهِ ، فَلَا يُنْبِئُ عَنْ عَدَمِ الْحَيْقِ بِغَيْرِ أَهْلِهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَثِيرًا مَا نَرَى أَنَّ الْمَاكِرَ يَمْكُرُ وَيُفِيدُهُ الْمَكْرُ وَيَغْلِبُ الْخَصْمَ بِالْمَكْرِ ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ ؟ فَنَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : إِنَّ الْمَكْرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ هُوَ الْمَكْرُ الَّذِي مَكَرُوهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَزْمِ عَلَى الْقَتْلِ ، وَالْإِخْرَاجِ وَلَمْ يَحِقْ إِلَّا بِهِمْ ، حَيْثُ قُتِلُوا يَوْمَ
بَدْرٍ وَغَيْرِهِ .
وَثَانِيهَا : هُوَ أَنْ نَقُولَ : الْمَكْرُ السَّيِّئُ عَامٌّ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنِ الْمَكْرِ ، وَأَخْبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
" لَا تَمْكُرُوا وَلَا تُعِينُوا مَاكِرًا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ " .
وَعَلَى هَذَا فَذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَمْكُورُ بِهِ لَا يَكُونُ أَهْلًا فَلَا يُرِدْ نَقْضًا .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْأُمُورَ بِعَوَاقِبِهَا ، وَمَنْ مَكَرَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَفَذَ فِيهِ الْمَكْرُ عَاجِلًا فِي الظَّاهِرِ ، فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْفَائِزُ ، وَالْمَاكِرُ هُوَ الْهَالِكُ وَذَلِكَ مِثْلُ رَاحَةِ الْكَافِرِ وَمَشَقَّةِ الْمُسْلِمِ فِي الدُّنْيَا ، وَيُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ ) يَعْنِي : إِذَا كَانَ لِمَكْرِهِمْ فِي الْحَالِ رَوَاجٌ فَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى وَالْأُمُورُ بِخَوَاتِيمِهَا ، فَيَهْلِكُونَ كَمَا هَلَكَ الْأَوَّلُونَ .