( فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا    ) وقوله تعالى : ( فهل ينظرون إلا سنة الأولين    ) أي ليس لهم بعد هذا إلا انتظار الإهلاك وهو سنة الأولين وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : الإهلاك ليس سنة الأولين إنما هو سنة الله بالأولين ، فنقول : الجواب عنه من وجهين : 
أحدهما : أن المصدر الذي هو المفعول المطلق يضاف إلى الفاعل والمفعول لتعلقه بهما من وجه دون وجه ، فيقال فيما إذا ضرب زيد عمرا : عجبت من ضرب عمرو كيف ضرب مع ما له من العزم والقوة ، وعجبت من ضرب زيد كيف ضرب مع ما له من العلم والحكمة ؟ فكذلك سنة الله بهم أضافها إليهم ؛ لأنها سنة سنت بهم ، وأضافها إلى نفسه بعدها بقوله :   [ ص: 32 ]   ( فلن تجد لسنة الله تبديلا    ) لأنها سنة من سنن الله ، إذا علمت هذا فنقول : أضافها في الأول إليهم حيث قال : ( سنة الأولين    ) لأن سنة الله الإهلاك بالإشراك ، والإكرام على الإسلام  ، فلا يعلم أنهم ينتظرون أيهما فإذا قال : سنة الأولين تميزت ، وفي الثاني أضافها إلى الله ، لأنها لما علمت فالإضافة إلى الله تعظيمها ، وتبين أنها أمر واقع ليس لها من دافع . 
وثانيهما : أن المراد من سنة الأولين استمرارهم على الإنكار واستكبارهم عن الإقرار ، وسنة الله استئصالهم بإصرارهم ، فكأنه قال : أنتم تريدون الإتيان بسنة الأولين ، والله يأتي بسنة لا تبديل لها ، ولا تحويل عن مستحقها . 
المسألة الثانية : التبديل تحويل فما الحكمة في التكرار ؟ نقول بقوله : ( فلن تجد لسنة الله تبديلا    ) حصل العلم بأن العذاب لا تبديل له بغيره ، وبقوله : ( ولن تجد لسنة الله تحويلا    ) حصل العلم بأن العذاب مع أنه لا تبديل له بالثواب لا يتحول عن مستحقه إلى غيره فيتم تهديد المسيء . 
المسألة الثالثة : المخاطب بقوله : ( فلن تجد    ) يحتمل وجهين وقد تقدم مرارا : 
أحدهما : أن يكون عاما ، كأنه قال : فلن تجد أيها السامع لسنة الله تبديلا . 
والثاني : أن يكون مع محمد  صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فكأنه قال : سنة الله أنه لا يهلك ما بقي في القوم من كتب الله إيمانه ، فإذا آمن من في علم الله أنه يؤمن يهلك الباقين ، كما قال نوح    : ( إنك إن تذرهم    ) ( نوح : 27 ) أي تمهل الأمر وجاء وقت سنتك . 
				
						
						
