المسألة الثامنة : لمذهب القائلين بأن الصوم جائز فرعان :
الفرع الأول : اختلفوا في أن فقال الصوم أفضل أم الفطر ؟ أنس بن مالك وعثمان بن أبي أوفى : الصوم أفضل ، وهو مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة ومالك والثوري وأبي يوسف ومحمد ، وقالت طائفة أفضل الأمرين الفطر ، وإليه ذهب ابن المسيب والشعبي والأوزاعي وأحمد وإسحاق ، وقالت فرقة ثالثة : أفضل الأمرين أيسرهما على المرء .
[ ص: 67 ] حجة الأولين : قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) [ البقرة : 185 ] وقوله تعالى : ( وأن تصوموا خير لكم ) .
حجة الفرقة الثانية : أن أفضل ، فوجب أن يكون الإفطار أفضل . القصر في الصلاة
والجواب : أن من أصحابنا من قال : الإتمام أفضل ؛ إلا أنه ضعيف ، والفرق من وجهين :
أحدهما : أن الذمة تبقى مشغولة بقضاء الصوم دون الصلاة إذا قصرها .
والثاني : أن فضيلة الوقت تفوت بالفطر ولا تفوت بالقصر .
حجة الفرقة الثالثة : قوله تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) [ البقرة : 185 ] ، فهذا يقتضي أنه إن كان الصوم أيسر عليه صام ، وإن كان الفطر أيسر أفطر .
الفرع الثاني : أنه إذا أفطر كيف يقضي ؟ فمذهب علي وابن عمر أنه يقضيه متتابعا ، وقال الباقون : التتابع مستحب وإن فرق جاز . والشعبي
حجة الأولين وجهان :
الأول : أن قراءة أبي : " فعدة من أيام متتابعات " .
والثاني : أن القضاء نظير الأداء فلما كان الأداء متتابعا ، فكذا القضاء .
حجة الفرقة الثانية : أن قوله : ( فعدة من أيام أخر ) نكرة في سياق الإثبات ، فيكون ذلك أمرا بصوم أيام على عدد تلك الأيام مطلقا ، فيكون التقييد بالتتابع مخالفا لهذا التعميم ، وعن أنه قال : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه ، إن شئت فواتر وإن شئت ففرق ، والله أعلم . أبي عبيدة بن الجراح
وروي أن فقال له : " أرأيت لو كان عليك دين فقضيته الدرهم والدرهمين أما كان يجزيك ؟ فقال : نعم . قال : فالله أحق أن يعفو ويصفح علي أيام من رمضان أفيجزيني أن أقضيها متفرقا " . رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -