المسألة الثالثة : اتفقوا على أن شرط الاعتكاف  ليس الجلوس في المسجد وذلك لأن المسجد مميز عن سائر البقاع من حيث إنه بني لإقامة الطاعات فيه ، ثم اختلفوا فيه فنقل عن علي    - رضي الله عنه - أنه لا يجوز إلا في المسجد الحرام  ، والحجة فيه قوله تعالى : ( أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين    ) [ البقرة : 125 ] فعين ذلك البيت لجميع العاكفين ، ولو جاز الاعتكاف في غيره لما صح ذلك العموم ، وقال عطاء    : لا يجوز إلا في المسجد الحرام  ومسجد المدينة  ، لما روى عبد الله بن الزبير  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي   " . وقال حذيفة    : يجوز في هذين المسجدين وفي مسجد بيت المقدس  لقوله - عليه الصلاة والسلام : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا   " . وقال  الزهري    : لا يصح إلا في الجامع ، وقال  أبو حنيفة    : لا يصح إلا في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب  ، وقال  الشافعي    - رضي الله عنه : يجوز في جميع المساجد ، إلا أن المسجد الجامع أفضل حتى لا يحتاج إلى الخروج لصلاة الجمعة  ، واحتج  الشافعي    - رضي الله عنه - بهذه الآية لأن قوله : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد    ) عام يتناول كل المساجد . 
				
						
						
