المسألة الأولى : قال القفال رحمه الله : في الآية إضمار ، والتقدير : فحللتم فما استيسر ، وهو كقوله : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [ البقرة : 148 ] أي فأفطر فعدة ، وفيها إضمار آخر ، وذلك لأن قوله : ( فما استيسر من الهدي ) كلام غير تام لا بد فيه من إضمار ، ثم فيه احتمالان :
أحدهما : أن يقال : محل " ما " رفع ، والتقدير : فواجب عليكم ما استيسر .
والثاني : قال الفراء : لو نصبت على معنى : اهدوا ما تيسر كان صوابا ، وأكثر ما جاء في القرآن من أشباهه مرفوع .
المسألة الثانية : " استيسر " بمعنى تيسر ، ومثله : استعظم ، أي : تعظم ، واستكبر : أي تكبر ، واستصعب : أي تصعب .
المسألة الثالثة : الهدي : جمع هدية ، كما تقول : تمر وتمرة ، قال أحمد بن يحيى : أهل الحجاز يخففون " الهدي " وتميم تثقله ، فيقولون : هدية ، وهدي ، ومطية ، ومطي ، قال الشاعر :
حلفت برب مكة والمصلى وأعناق الهدي مقلدات
ومعنى " الهدي " : ما يهدى إلى بيت الله عز وجل تقربا إليه ، بمنزلة الهدية يهديها الإنسان إلى غيره تقربا إليه ، ثم قال علي وابن عباس والحسن وقتادة : الهدي أعلاه بدنة ، وأوسطه بقرة ، وأخسه شاة ، فعليه ما تيسر من هذه الأجناس .