فصل
" ومن فهو على ما يتيقن منهما " سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة ؛ لما روى تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة عبد الله بن زيد قال : " " أخرجه الجماعة إلا شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، قال : " لا ينصرف حتى يسمع [ ص: 345 ] صوتا أو يجد ريحا . وعن الترمذي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي سعيد الخدري " رواه إن الشيطان يأتي أحدكم في الصلاة ، فيأخذ شعرة من دبره ، فيمدها ، فيرى أنه قد أحدث ، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا أحمد ، ولفظه : " وأبو داود " وعن إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له : قد أحدثت ، فليقل له : كذبت ، إلا ما وجد ريحا بأنفه أو سمع صوتا بأذنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة " رواه إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا مسلم ، ورواه والترمذي أحمد ولفظه : " " . فلما نهاه عن قطع الصلاة وعن الخروج من المسجد مع الشك دل على جواز بناء الصلاة على طهارة مستصحبة مبنية على اليقين ، ولو كان يجب عليه الوضوء خارج الصلاة لجاز له ، أو لوجب عليه في الصلاة كسائر النواقض ، ولا فرق في ذلك بين أن يتساوى الأمران عنده أو يغلب على ظنه أحدهما لما ذكرنا من الأحاديث ، ولأن الظن إذا لم يكن له ضابط في الشرع ، وليس عليه إمارة شرعية أو عرضية لم يلتفت إليه ، كظن صدق أحد المتداعيين ، بخلاف القبلة والوقت ، ولأنه شك في بقاء زاول طهارته ، فيبني على اليقين ، كما لو شك في نجاسة الثوب والبدن والبقعة بعد تيقن الطهارة ، قال حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا لا يشك فيه ابن أبي موسى بعد أن ذكر ذلك : " إن خيل إليه أنه قد أحدث وهو في [ ص: 346 ] الصلاة لم يلتفت إليه ولم يخرج من الصلاة ، وإن خيل إليه ذلك وهو في غير الصلاة فالأحوط له أن يتوضأ ويصلي " وهو كما قال ، فإنا وإن جوزنا له البناء على يقين الطهارة ، فإن الأفضل له أن يتطهر لما تردد ؛ لأن في ذلك خروجا من اختلاف العلماء ، فإن منهم من لا يجوز له الدخول في الصلاة بطهارة مشكوكة ، ولأن التجديد مع اليقين مستحب فمع الشك أولى ؛ ولأن عدم الطهارة فيها ريب وشبهة ، وليس في الاحتياط فيها مشقة ولا فتح لباب الوسوسة ، فكان الاحتياط لها أفضل ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " " وقوله : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " بخلاف الشك العارض في الصلاة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه قد نهى عن الخروج من أجله ؛ ولأن فيه إبطالا للصلاة بالريب والشبهة ومطاوعة الشيطان في ذلك ، فلذلك نهي عنه ، وقياس المذهب أن قطع الصلاة المفروضة لذلك محرم ؛ لأجل نهي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن إبطال الفرض بعد الشروع فيه غير جائز .