[ ص: 213 ]   ( فصل ) 
وأما ارتجاع زوجته المطلقة قبل الإحرام ، أو في حال الإحرام  ففيه روايتان : 
إحداهما : له ذلك ، قالها عبد الله  ، وهي اختيار الخرقي  ، ... ، وأبي الخطاب  وغيرهم ; لأن الرجعية زوجة بدليل ثبوت الإرث بينهما وثبوت الطلاق والخلع بينهما ، وأن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا مهر ولا رضاء فارتجاعها ليس ابتداء ملك ، وإنما هو إمساك كما قال تعالى : ( فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف    ) ولأن الرجعة كانت مباحة ، فارتجاعها ليس استحلالا لفرج ، وإن كانت محظورة فمجرد إزالة الحظر ليس ممنوعا منه كتكفير المظاهر ، ولأن الأصل عدم الحظر والمنع ، وإنما حظرت السنة النكاح ، والرجعة ليست نكاحا ولا في معناه فتبقى على الأصل . 
والثانية : لا تجوز الرجعة ، وإن أفضى إلى البينونة في حال الإحرام ، نقلها   [ ص: 214 ] أحمد بن أبي عبدة  ، والفضل بن زياد  وحرب  ، وهي اختيار القاضي وأكثر أصحابه مثل الشريف أبي جعفر  وابن عقيل  وأبي المواهب العكبري  وأبي الخطاب  في خلافه ... ; لأن المحرم ممنوع من التكلم بالنكاح  وهو الرفث ، والارتجاع : تكلم به ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه أن ينكح أو ينكح أو يخطب ، وارتجاعه أقرب إليه من أن ينكح غيره أو أن يخطب ، فإذا منع من أن يزوج أو يخطب فمنعه من الرجعة أولى ، وهذا لأن المقصود حسم أبواب النكاح ومنع التعلق به بوجه من الوجوه ، والمرتجع متعلق به تعلقا ظاهرا ، ولأن الارتجاع وسيلة إلى الوطء ومقدمة له ، فإن الراغب في الرجعة لا يؤمن عليه أن يرغب في الوطء ، فمنع منها كالطيب ، وعامة المعاني والأشياء المعتبرة في النكاح قد يمكن اعتبارها في الرجعة ، بل ربما كان الارتجاع أشد داعية من ابتداء النكاح ، فإن تشوق النفس إلى امرأة يعرفها أكثر من تشوقها إلى امرأة لا يعرفها ، ولهذا منع في قضاء الحج من الاجتماع بالمرأة ، ولأن المنع من النكاح لم يكن لنقص في ملك التصرف ونقص في المحل ، وإنما كان المعنى يعود إلى ... . 
ولأن الرجعة استحلال مقصود للبضع ، وإثبات لملك النكاح فمنع منه كالعقد المبتدأ ، وذلك لأن الطلاق يوجب التحريم وزوال ملك النكاح ، إما في الحال أو في المآل بعد انقضاء العدة ، والرجعة ترفع هذا التحريم ، وتعيد الملك   [ ص: 215 ] تماما ، ولا نسلم أنه ليس بنكاح بل هو نكاح ، ولهذا تصح بلفظه على أحد الوجهين ، وفي الآخر إنما لم يصح بلفظه لكونه لا يدل على خصوص معنى الرجعة ، كالوجهين في صحة الإجارة بلفظ البيع من أن الإجارة معاوضة محضة ، ولأن كل من لا يصح منه النكاح بحال لا يصح الرجعة كالصبي والمجنون والكافر ، ولأن من حظر عليه الإحرام شيئا حظر عليه استصلاحه واستبقاؤه . 
فأما المرأة المطلقة إن كانت هي المحرمة ، فهل للزوج الحلال أن يرتجعها  ؟ ... . 
فإن لم يكن له ذلك فهل للرجعية أن تحرم ؟ .... . 
ويجوز أن يفيء المولى باللسان وهو محرم  ، ذكره ابن عقيل    ; لأن الإيلاء لا يوجب التحرم ويجوز أن يصالح الناشز ، ويجوز أن يكفر   [ ص: 216 ] المظاهر وهو محرم    ; لأن الظهار لا يوجب خللا في العقد ، حتى تكون الكفارة مصلحة للعقد ، وليست كلاما من جنس الرفث فليست مثل النكاح لفظا ولا معنى ، وإنما هي عتق أو إطعام أو صيام يحلل يمينا عليه ، ولأن مقصودها لرفع حكم اليمين تحليلا أو تكفيرا ، كما أن مقصود شراء الجارية ملك الرقبة ، ولهذا قد تؤثر في حل الفرج وقد لا تؤثر ، كما لو وطئ ثم زال النكاح بموت المرأة أو طلاقها ، فإنه يجب عليه التكفير ، كما أن ملك الرقبة قد يؤثر في حل الفرج ، وقد لا يؤثر . 
				
						
						
