[ ص: 305 ] مسألة :
" ولمس الذكر بيده "
ينقض الوضوء في ظاهر المذهب ، وروي عنه أنه لا ينقض لما روى مس الذكر قيس بن طلق عن أبيه قال : رواه الخمسة وقال قال رجل يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ فقال : ( هل هو إلا بضعة منه ) : هذا أحسن شيء في هذا الباب . الترمذي
وعن أبي أمامة قال : رواه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر فقال : " إنما هو جزء منك " . ابن ماجه
ولأنه عضو منه فلم ينقض كسائر الأعضاء ، وهذا لأن النقض إما بخارج أو بمظنة خارج وكلاهما مفقود ، وعلى هذه الرواية الوضوء منه مستحب ، ونص عليه حملا لأحاديث الأمر به على ذلك توفيقا بين الأحاديث في [ ص: 306 ] ذلك والآثار ، والصحيح الأول لما روت بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ) رواه الخمسة . من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ
وفي لفظ : ( النسائي ) وقال إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ : هذا حديث حسن صحيح ، وقال الترمذي أحمد : حديث بسرة صحيح .
وعن قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أم حبيبة ) رواه من مس فرجه فليتوضأ ابن ماجه . والأثرم
قال الإمام أحمد : حديث صحيح ، وقال أم حبيبة أبو زرعة : حديث في هذا الباب صحيح ، وعن أم حبيبة - رضي الله عنه - أن النبي صلى [ ص: 307 ] الله عليه وسلم قال : ( أبي هريرة ) رواه إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء الشافعي وأحمد ، وقال هذا من أجود ما روي في هذا الباب . أبو علي بن السكن
وقد روي النقض به عن بضعة عشر من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء النقض بمسه عن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وزيد بن خالد والبراء بن عازب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، وهو شيء لا يدرك بالرأي والقياس فعلم أنهم قالوا عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعارض هذا أن يكون هو المتمسك باستصحاب الحال والبراءة الأصلية ، وأما حديث وأنس بن مالك قيس [ ص: 308 ] وأبي أمامة ، فعنه أجوبة : أحدها : تضعيفه فقد ضعفه أحمد ويحيى وقال أبو زرعة وأبو حاتم : قيس لا تقوم به حجة ، وجعفر بن الزبير كذبه شعبة ، وقال البخاري : هو متروك . والنسائي
وثانيها : أنه منسوخ لأن طلق بن علي الحنفي " كان قدومه وهم يؤسسون المسجد " رواه ، وتأسيس المسجد كان في السنة الأولى من الهجرة ، وأخبار الإيجاب من رواتها الدارقطني ، وإنما أسلم ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبو هريرة خيبر في السنة السابعة من الهجرة وبسرة بنت صفوان أسلمت عام الفتح في السنة الثامنة .
وثالثها : أن أحاديثنا ناقلة عن الأصل ، وحديثهم مبق على الأصل ، فإن كان الأمر به هو المنسوخ لزم التعبير مرتين ، وإن كان ترك الوضوء هو المنسوخ لم يلزم التعبير إلا مرة واحدة فيكون أولى ، وهذه قاعدة مستقرة أن الناقل أولى من المبقي لما ذكرنا .
ورابعها : أنه يمكن أن يكون المراد بحديث ترك الوضوء ما إذا لمسه من وراء حائل لأن في رواية عن النسائي طلق قال : والمصلي في الغالب إنما يمسه من فوق ثيابه ، يؤيد ذلك أنه علل ذلك بأنه بضعة منك وهذا التعليل مساواته كسائر البضعات والمضغ وهذه التسوية متحققة فيما فوق الثوب ، فأما دون الثوب فيتميز وجوب الغسل والمهر والحد وفساد العبادات بإيلاجه وتنجس الخارجات منه وغير ذلك فكيف يقاس بغيره . خرجنا وفدا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فتابعناه وصلينا معه ، فلما قضى الصلاة جاء رجل كأنه بدوي فقال يا رسول الله ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة قال : [ ص: 309 ] ( وهل هو إلا مضغة منك ) أو قال ( بضعة منك )
وخامسها : أنا قدرنا التعارض ، فأحاديثنا أكثر رواة وأصح إسنادا وأقرب إلى الاحتياط وذلك يوجب ترجيحها .