( القسم الثاني ) ، وهو تحصيل ما لا بد للناس منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية ، كحفظ القرآن ، والأحاديث ، وعلومهما ، والأصول ، والفقه ، والنحو ، واللغة ، والتصريف ، ومعرفة رواة الحديث ، والإجماع ، والخلاف ، وأما ما ليس علما شرعيا ، ويحتاج إليه في قوام أمر الدنيا كالطب ، والحساب ففرض كفاية أيضا نص عليه فرض الكفاية الغزالي ، واختلفوا في تعلم الصنائع التي هي سبب قيام مصالح الدنيا كالخياطة ، والفلاحة ، ونحوهما ، واختلفوا أيضا في أصل فعلها فقال إمام الحرمين والغزالي : ليست فرض كفاية ، وقال الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري المعروف بالكيا الهراسي صاحب إمام الحرمين : هي فرض كفاية . وهذا أظهر ، قال أصحابنا : وفرض الكفاية المراد به تحصيل ذلك الشيء من المكلفين به أو بعضهم ، ويعم وجوبه جميع المخاطبين به ، فإذا فعله من تحصل به الكفاية سقط الحرج عن الباقين ، وإذا قام به جمع تحصل الكفاية ببعضهم فكلهم سواء في حكم القيام بالفرض في الثواب ، وغيره . فإذا فالكل يقع فرض كفاية ، ولو أطبقوا كلهم على تركه أثم كل من لا عذر له ممن علم ذلك ، وأمكنه القيام به ، أو لم يعلم ، وهو قريب أمكنه العلم ، بحيث ينسب إلى تقصير ، ولا يأثم من لم يتمكن ; لكونه غير أهل أو لعذر . صلى على [ ص: 52 ] جنازة جمع ثم جمع ثم جمع
ولو فوجهان : أحدهما : يتعين عليه الاستمرار لقلة من يحصل هذه المرتبة ، فينبغي ألا يضيع ما حصله ، وما هو بصدد تحصيله ، وأصحهما لا يتعين ; لأن الشروع لا يغير المشروع فيه عندنا إلا في الحج ، والعمرة ، ولو خلت البلدة من مفت فقيل : يحرم المقام بها ، والأصح لا يحرم إن أمكن الذهاب إلى مفت ، وإذا قام بالفتوى إنسان في مكان سقط به فرض الكفاية إلى مسافة القصر من كل جانب . اشتغل بالفقه ، ونحوه ، وظهرت نجابته فيه ، ورجي فلاحه ، وتبريزه
واعلم أن للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بفرض العين ; لأنه أسقط الحرج عن الأمة ، وقد قدمنا كلام إمام الحرمين في هذا في فصل ترجيح الاشتغال بالعلم على العبادة القاصرة .