الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن أكل عامدا بطلت صلاته ; لأنه إذا أبطل الصوم الذي لا يبطل بالأفعال فلأن يبطل الصلاة أولى ، وإن كان [ أكل ] ناسيا لم تبطل كما لا يبطل الصوم ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : قال أصحابنا : إذا أكل في صلاته أو شرب عمدا بطلت صلاته سواء قل أو كثر هكذا صرح به الأصحاب ، وحكى الرافعي وجها أن الأكل القليل لا يبطلها ، وهو غلط وإن كان بين أسنانه شيء فابتلعه عمدا أو نزلت عن رأسه نخامة فابتلعها عمدا بطلت صلاته بلا خلاف ، فإن ابتلع شيئا مغلوبا بأن جرى الريق بباقي الطعام بغير تعمد منه أو نزلت النخامة ولم يمكنه إمساكها لم تبطل صلاته بالاتفاق ، ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق عن نص الشافعي في مسألة الريق ، ونقله فيها أيضا القاضي أبو الطيب في تعليقه عن نص الشافعي في الجامع الكبير للمزني ، أما إذا وضع سكرة أو نحوها في فيه فذابت ونزلت إلى جوفه من غير مضغ ولا حركة ففي بطلان صلاته وجهان مشهوران في طريقتي العراقيين والخراسانيين ( أحدهما ) : [ ص: 23 ] لا تبطل حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه عن الشيخ أبي حامد ; لأنه لا يوجد منه فعل ( والثاني ) : تبطل وهو الصحيح عند الأصحاب ; لأنه مناف للصلاة قال القاضي أبو الطيب : هذا هو الصحيح ، قال هو وغيره : والضابط على هذا أن ما أبطل الصوم أبطل الصلاة ، ولا خلاف في بطلان الصوم بهذا قال البغوي وغيره والمضغ وحده يبطل الصلاة وإن لم يصل شيء إلى الجوف حتى لو مضغ علكا بطلت صلاته ، فإن لم يمضغه بل وضعه في فيه ، فإن كان جديدا يذوب فهو كالسكرة فتبطل صلاته على الصحيح ، وإن كان مستعملا لا يذوب لم تبطل كما لو أمسك في فمه حصاة أو إجاصة فإنها لا تبطل قطعا .

                                      هذا كله في العامد فلو أكل ناسيا للصلاة أو جاهلا بتحريمه - فإن كان قليلا - لم تبطل بلا خلاف وإن كثر بطلت على أصح الوجهين كالوجهين في الكلام الكثير وقطع البغوي بالبطلان في الكثير وتعرف القلة والكثرة بالعرف .

                                      ( فرع ) في مذهب العلماء في الأكل والشرب في الصلاة .

                                      قال ابن المنذر : أجمع العلماء على منعه منهما وأنه إن أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا لزمه الإعادة فإن كان ساهيا قال عطاء : لا تبطل وبه أقول وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي : تبطل قال : وأما التطوع فروي عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا في صلاة التطوع وقال طاوس : لا بأس به قال ابن المنذر لا يجوز ذلك ولعل من حكى ذلك عنه فعله سهوا .




                                      الخدمات العلمية