( 1832 ) فصل : الحكم الثالث ، أن العشر يجب كالذي يشرب من السماء والأنهار ، وما يشرب بعروقه ، وهو الذي يغرس في أرض ماؤها قريب من وجهها ، فتصل إليه عروق الشجر ، فيستغني عن سقي ، وكذلك ما كانت عروقه تصل إلى نهر أو ساقية . ونصف العشر فيما سقي بغير مؤنة ، ، كالدوالي والنواضح ; لا نعلم في هذا خلافا . وهو قول فيما سقي بالمؤن ، مالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، وغيرهم . والشافعي
والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . رواه فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر ، وما سقي بالنضح نصف العشر ، قال البخاري العثري : ما تسقيه السماء ، وتسميه العامة : العذي . وقال أبو عبيد : هو الماء المستنقع في بركة أو نحوها ، يصب إليه ماء المطر في [ ص: 298 ] سواق تشق له ، فإذا اجتمع سقي منه ، واشتقاقه من العاثور ، وهي الساقية التي يجري فيها الماء ، لأنها يعثر بها من يمر بها . وفي رواية القاضي : { مسلم } . والسواني : هي النواضح ، وهي الإبل يستقى بها لشرب الأرض . وفيما يسقى بالسانية نصف العشر
وعن ، قال : { معاذ اليمن ، فأمرني أن آخذ مما سقت السماء ، أو سقي بعلا ، العشر ، وما سقي بدالية نصف العشر } . قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبو عبيد : البعل ، ما شرب بعروقه من غير سقي . وفي الجملة كل ما سقي بكلفة ومؤنة ، من دالية أو سانية أو دولاب أو ناعورة أو غير ذلك ، ففيه نصف العشر ، وما سقي بغير مؤنة ، ففيه العشر ; لما روينا من الخبر ، ولأن للكلفة تأثيرا في إسقاط الزكاة جملة ، بدليل المعلوفة ، فبأن يؤثر في تخفيفها أولى ، ولأن الزكاة إنما تجب في المال النامي ، وللكلفة تأثير في تقليل النماء ، فأثرت في تقليل الواجب فيها ، ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي في نقصان الزكاة ; لأن المؤنة تقل ، لأنها تكون من جملة إحياء الأرض ولا تتكرر كل عام .
وكذلك لا يؤثر احتياجها إلى ساق يسقيها ، ويحول الماء في نواحيها ، لأن ذلك لا بد منه في كل سقي بكلفة ، فهو زيادة على المؤنة في التنقيص ، يجري مجرى حرث الأرض وتحسينها . وإن كان الماء يجري من النهر في ساقية إلى الأرض ، ويستقر في مكان قريب من وجهها ، لا يصعد إلا بغرف أو دولاب ، فهو من الكلفة المسقطة لنصف الزكاة ، على ما مر ; لأن مقدار الكلفة وقرب الماء وبعده لا يعتبر ، والضابط لذلك هو أن يحتاج في ترقية الماء إلى الأرض بآلة من غرف أو نضح أو دالية ونحو ذلك ; وقد وجد . ا هـ .