( 1933 ) فصل : وإنما يمنع الدين الزكاة ، إذا كان يستغرق النصاب أو ينقصه ،  ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب ، أو ما لا يستغني عنه ، مثل أن يكون له عشرون مثقالا ، وعليه مثقال أو أكثر أو أقل ، مما ينقص به النصاب إذا قضاه به ، ولا يجد قضاء له من غير النصاب ، فإن كان له ثلاثون مثقالا ، وعليه عشرة ، فعليه زكاة العشرين وإن كان عليه أكثر من عشرة ، فلا زكاة عليه . وإن كان عليه خمسة ، فعليه زكاة خمسة وعشرين . ولو أن له مائة من الغنم ، وعليه ما يقابل ستين ، فعليه زكاة الأربعين . 
فإن كان عليه ما يقابل إحدى وستين ، فلا زكاة عليه ; لأنه ينقص النصاب ، وإن كان له مالان من جنسين ، وعليه دين جعله في مقابلة ما يقضي منه ، فلو كان له خمس من الإبل ومائتا درهم ، فإن كانت عليه سلما أو دية ، ونحو ذلك مما يقضى بالإبل ، جعلت الدين في مقابلتها ، ووجبت عليه زكاة الدراهم . وإن كان أتلفها أو غصبها ، جعلت قيمتها في مقابلة الدراهم ; لأنها تقضى منها . 
وإن كانت قرضا ، خرج على الوجهين فيما يقضى منه ، فإن كانت ، إذا جعلناها في مقابلة أحد المالين ، فضلت منها فضلة تنقص النصاب الآخر ، وإذا جعلناها في مقابلة الآخر ، لم يفضل منها شيء ، كرجل له خمس من الإبل ومائتا درهم ، وعليه ست من الإبل قيمتها مائتا درهم ، فإذا جعلناها في مقابلة المائتين لم يفضل من الدين شيء ، نقص نصاب السائمة ، وإذا جعلناها في مقابلة الإبل فضل منها بعير ، ينقص نصاب الدراهم ، أو كانت بالعكس ، مثل أن يكون عليه مائتان وخمسون درهما ، وله من الإبل خمس أو أكثر تساوي الدين ، أو تفضل عليه ، جعلنا الدين في مقابلة الإبل هاهنا ، وفي مقابلة الدراهم في الصورة الأولى ; لأن له من المال ما يقضي به الدين سوى النصاب . 
وكذلك لو كان عليه مائة درهم ، وله مائتا درهم وتسع من الإبل ، فإذا جعلناها في مقابلة الإبل لم ينقص نصابها ، لكون الأربع الزائدة عنه تساوي المائة وأكثر منها . وإن جعلناه في مقابلة الدراهم سقطت الزكاة منها ، فجعلناها في مقابلة الإبل ، كما ذكرنا في التي قبلها ، ولأن ذلك أحظ للفقراء . وذكر  القاضي  نحو هذا ، فإنه  [ ص: 344 ] 
قال : إذا كان النصابان زكويين ، جعلت الدين في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته ، وإن كان من غير جنس الدين . فإن كان أحد المالين لا زكاة فيه ، والآخر فيه الزكاة ، كرجل عليه مائتا درهم ، وله مائتا درهم ، وعروض للقنية تساوي مائتين ، فقال  القاضي    : يجعل الدين في مقابلة العروض . وهذا مذهب  مالك  ،  وأبي عبيد  ، قال أصحاب  الشافعي    : وهو مقتضى قوله ; لأنه مالك لمائتين زائدة عن مبلغ دينه ، فوجبت عليه زكاتها ، كما لو كان جميع ماله جنسا واحدا . 
وظاهر كلام  أحمد  ، رحمه الله ، أنه يجعل الدين في مقابلة ما يقضي منه ، فإنه قال في رجل عنده ألف وعليه ألف وله عروض بألف : إن كانت العروض للتجارة زكاها ، وإن كانت لغير التجارة فليس عليه شيء . وهذا مذهب  أبي حنيفة    . ويحكى عن  الليث بن سعد  ، لأن الدين يقضى من جنسه عند التشاح ، فجعل الدين في مقابلته أولى ، كما لو كان النصابان زكويين . 
ويحتمل أن يحمل كلام  أحمد  هاهنا على ما إذا كان العرض تتعلق به حاجته الأصلية ، ولم يكن فاضلا عن حاجته ، فلا يلزمه صرفه في وفاء الدين ; لأن الحاجة أهم ، ولذلك لم تجب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال ، ويكون قول  القاضي  محمولا على من كان العرض فاضلا عن حاجته ، وهذا أحسن ; لأنه في هذه الحال مالك لنصاب فاضل عن حاجته وقضاء دينه ، فلزمته زكاته ، كما لو لم يكن عليه دين . فأما إن كان عنده نصابان زكويان ، وعليه دين من غير جنسهما ، ولا يقضى من أحدهما ، فإنك تجعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته . 
				
						
						
