( 2362 ) مسألة : قال : وجملة ذلك أن الزعفران وغيره من الطيب ، إذا جعل في مأكول أو مشروب ، فلم تذهب رائحته ، لم يبح [ ص: 151 ] للمحرم تناوله ، نيئا كان أو قد مسته النار . وبهذا قال ( ولا يأكل من الزعفران ما يجد ريحه ) . وكان الشافعي وأصحاب الرأي لا يرون بما مست النار من الطعام بأسا ، سواء ذهب لونه وريحه وطعمه ، أو بقي ذلك كله ; لأنه بالطبخ . استحال عن كونه طيبا . مالك
وروي عن ، ابن عمر ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، أنهم لم يكونوا يرون بأكل الخشكنانج الأصفر بأسا ، وكرهه وطاوس القاسم بن محمد ، وجعفر بن محمد ، ولنا ، أن الاستمتاع به ، والترفه به ، حاصل من حيث المباشرة ، فأشبه ما لو كان نيئا ، ولأن المقصود من الطيب رائحته ، وهي باقية ، وقول من أباح الخشكنانج الأصفر محمول على ما لم يبق فيه رائحة ، فإن ما ذهبت رائحته وطعمه ، ولم يبق فيه إلا اللون مما مسته النار ، لا بأس بأكله . لا نعلم فيه خلافا ، سوى أن القاسم وجعفر بن محمد ، كرها الخشكنانج الأصفر . ويمكن حمله على ما بقيت رائحته ; ليزول الخلاف . فإن لم تمسه النار ، لكن ذهبت رائحته وطعمه ، فلا بأس به .
وهو قول . وكره الشافعي ، مالك والحميدي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، الملح الأصفر ، وفرقوا بين ما مسته النار ، وما لم تمسه .
ولنا ، أن المقصود الرائحة ، فإن الطيب إنما كان طيبا لرائحته ، لا للونه ، فوجب دوران الحكم معها دونه .
( 2363 ) فصل : فإن ذهبت رائحته ، وبقي لونه وطعمه ، فظاهر كلام إباحته ; لما ذكرنا من أنها المقصود ، فيزول المنع بزوالها . وظاهر كلام الخرقي ، في رواية أحمد تحريمه . وهو مذهب ، صالح . قال الشافعي : محال أن تنفك الرائحة عن الطعم ، فمتى بقي الطعم دل على بقائها ، فلذلك وجبت الفدية باستعماله . القاضي