( 2534 ) مسألة : قال : ( فإذا وصل إلى منى  ، رمى جمرة العقبة  بسبع حصيات ، يكبر في إثر كل حصاة ، ولا يقف عندها ) حد منى  ما بين جمرة العقبة  ووادي محسر  ، كذلك قال  عطاء  ،  والشافعي    . وليس محسر  والعقبة  من منى    . ويستحب سلوك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى  ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سلكها . كذا في حديث  جابر    . فإذا وصل منى  بدأ بجمرة العقبة  ، وهي آخر الجمرات مما يلي منى  ، وأولها مما يلي مكة  ، وهي عند العقبة ، وكذلك سميت جمرة العقبة فيرميها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ويستبطن الوادي ، ويستقبل القبلة  ، ثم ينصرف ولا يقف . وهذا بجملته قول من علمنا قوله من أهل العلم . 
وإن رماها من فوقها جاز ; لأن  عمر  رضي الله عنه جاء والزحام عند الجمرة ، فصعد فرماها من فوقها . والأول أفضل ; لما روى عبد الرحمن بن يزيد  ، أنه مشى مع {  عبد الله  ، وهو يرمي الجمرة ، فلما كان في بطن الوادي أعرضها فرماها ، فقيل ، له : إن ناسا يرمونها من فوقها . فقال : من هاهنا ، والذي لا إله إلا هو ، رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة رماها   } . متفق عليه . 
وفي لفظ : { لما أتى  عبد الله  جمرة العقبة ، استبطن الوادي ، واستقبل القبلة ، وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن ، ثم رمى بسبع حصيات ، ثم قال : والله الذي لا إله غيره ، من هاهنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة   } . قال الترمذي    : وهذا حديث صحيح ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم . ولا يسن الوقوف عندها ; لأن  ابن عمر  ،  وابن عباس  ، رويا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى جمرة العقبة  ، انصرف ولم يقف   } . رواه  ابن ماجه    . ويكبر مع كل حصاة ; لأن  جابرا  قال : فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة . وإن قال : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وعملا مشكورا . 
فحسن ; فإن  ابن مسعود   وابن عمر  كانا يقولان نحو ذلك . وروى  حنبل  ، في ( المناسك ) ، بإسناده عن  زيد بن أسلم  ، قال : رأيت  سالم بن عبد الله  استبطن الوادي ، ورمى الجمرة بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة : الله أكبر الله أكبر . ثم قال : اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وعملا مشكورا . فسألته عما صنع ؟ فقال : حدثني أبي { أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة من هذا المكان ، ويقول كلما رمى حصاة مثلما قلت   } . وقال  إبراهيم النخعي    : كانوا يحبون ذلك . 
( 2535 ) فصل : ويرميها راكبا أو راجلا كيفما شاء    ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها على راحلته . رواه  جابر  ،  وابن عمر  ، وأم أبي الأحوص  ، وغيرهم . قال  جابر    : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول : لتأخذوا عني مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه .   } رواه  مسلم    . 
وقال  نافع    : كان  ابن عمر   [ ص: 219 ] يرمي جمرة العقبة  على دابته يوم النحر . وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشيا ، ذاهبا وراجعا . وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأتيها إلا ماشيا ، ذاهبا وراجعا . رواه  أحمد  ، في ( المسند ) . 
وفي هذا بيان للتفريق بين هذه الجمرة وغيرها . ولأن رمي هذه الجمرة مما يستحب البداية به في هذا اليوم عند قدومه ، ولا يسن عندها وقوف ، ولو سن له المشي إليها لشغله النزول عن البداية بها ، والتعجيل إليها ، بخلاف سائرها . 
				
						
						
