( 2536 ) فصل : ولرمي هذه الجمرة وقتان : وقت فضيلة ، ووقت إجزاء  ، فأما وقت الفضيلة فبعد طلوع الشمس . قال  ابن عبد البر    : أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رماها ضحى ذلك اليوم . وقال  جابر    : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده ، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس   } . أخرجه  مسلم    . وقال  ابن عباس    : { قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب   على حمرات لنا من جمع  ، فجعل يلطخ أفخاذنا ، ويقول : أبني ، عبد المطلب  لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس   } . رواه  ابن ماجه    . وكان رميها بعد طلوع الشمس يجزئ بالإجماع ، وكان أولى . وأما وقت الجواز ، فأوله نصف الليل من ليلة النحر . وبذلك قال  عطاء  ،  وابن أبي ليلى  ، وعكرمة بن خالد  ،  والشافعي    . وعن  أحمد  أنه يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس . وهو قول  مالك  ، وأصحاب الرأي  وإسحاق  ،  وابن المنذر    . وقال  مجاهد  ،  والثوري  ،  والنخعي    : لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس ; لما روينا من الحديث . ولنا ، ما روى أبو داود  ، عن  عائشة  رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر  أم سلمة  ليلة النحر ، فرمت جمرة العقبة  قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت . وروي أنه أمرها أن تعجل الإفاضة ، وتوافي مكة  بعد صلاة الصبح   } . واحتج به  أحمد    . وقد ذكرنا في حديث  أسماء  ، أنها رمت ، ثم رجعت ، فصلت الصبح ، وذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للظعن ، ولأنه وقت للدفع من مزدلفة  ، فكان وقتا للرمي ، كبعد طلوع الشمس ، والأخبار المتقدمة محمولة على الاستحباب ، وإن أخر الرمي إلى آخر النهار   ( جمرة العقبة    )   ، جاز . قال  ابن عبد البر    : أجمع أهل العلم ، على أن من رماها يوم النحر قبل المغيب ، فقد رماها في وقت لها ، وإن لم يكن مستحبا لها . وروى  ابن عباس    . قال {   : كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى  ، قال رجل : رميت بعدما أمسيت ؟ فقال : لا حرج   } . رواه  البخاري    . فإن أخرها إلى الليل ، لم يرمها حتى تزول الشمس من الغد . وبهذا قال  أبو حنيفة  ، وإسحاق  وقال  الشافعي  ،  ومحمد بن المنذر  ، ويعقوب    : يرمي ليلا ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ارم ، ولا حرج   } . ولنا ، أن  ابن عمر  ، قال : من فاته الرمي حتى تغيب الشمس ، فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ارم ، ولا حرج   } . إنما كان في النهار ; لأنه سأله في يوم النحر ، ولا يكون اليوم إلا قبل مغيب الشمس . وقال  مالك    : يرمي ليلا وعليه دم . ومرة قال : لا دم عليه . 
				
						
						
