[ ص: 217 ] فصل : في وقد ذكرنا أن الطهر في أثناء الحيضة طهر صحيح ، فإذا التلفيق ومعناه ضم الدم إلى الدم الذين بينهما طهر ، فإنها تضم الدم إلى الدم ، فيكون حيضا ، وما بينهما من النقاء طهر على ما قررناه . رأت يوما طهرا ويوما دما ، ولم يجاوز أكثر الحيض
ولا فرق بين أن يكون زمن الدم أكثر من زمن الطهر أو مثله أو أقل منه مثل أن ترى يومين دما ويوما طهرا ، أو يومين طهرا ويوما دما ، أو أقل أو أكثر فإن جميع الدم حيض إذا تكرر ولم يجاوز لمدة أكثر الحيض ، فإن كان الدم أقل من يوم مثل أن ترى نصف يوم دما ونصفه طهرا ، أو ساعة وساعة فقال أصحابنا : هو كالأيام يضم الدم إلى الدم ، فيكون حيضا ، وما بينهما طهر ، إذا بلغ المجتمع منه أقل الحيض ، فإن لم يبلغ ذلك فهو دم فساد . وفيه وجه آخر ، لا يكون الدم حيضا ، إلا أن يتقدمه حيض صحيح متصل .
وهذا كله مذهب ، وله قول في النقاء بين الدمين أنه حيض وقد ذكرناه ، وذكرنا أيضا وجها لنا في أن النقاء متى كان أقل من يوم لم يكن طهرا . فعلى هذا متى نقص النقاء عن يوم كان الدم وما بينه حيضا كله ، فإن جاوز الدم أكثر الحيض ، بأن يكون بين طرفيه أكثر من خمسة عشر يوما ، مثل أن ترى يوما دما ويوما طهرا إلى ثمانية عشر يوما ، فهي مستحاضة لا تخلو من أن تكون معتادة ، أو مميزة ، أو لا عادة لها ولا تمييز ، أو يوجد في حقها الأمران . الشافعي
فإن كانت معتادة ، مثل أن يكون حيضها خمسة أيام في أول كل شهر ، فهذه تجلس أول يوم ترى الدم فيه في العادة ، وتغتسل عند انقطاعه ، وما بعد ذلك مبني على الروايتين في الطهر في أثناء الحيضة ; هل يمنع ما بعده أن يكون حيضا ، أو لا ؟ فإن قلنا يمنع ، فحيضها اليوم الأول خاصة وما بعده استحاضة ، وإن قلنا لا يمنع ، فحيضها اليوم الأول ، والثالث والخامس ، فيحصل لها من عادتها ثلاثة أيام والباقي استحاضة ، وفي وجه آخر أنه يلفق لها الخمسة من أيام الدم جميعها ، فتجلس السابع والتاسع .
والصحيح الأول ; لأن هذين اليومين ليسا من عادتها فلا . تجلسهما كغير الملفقة . وإن كانت مميزة جلست زمان الدم الأسود من الأيام ، فكان حيضها وباقيه استحاضة ، وإن كانت مبتدأة جلست اليقين في ثلاثة أشهر ، من أول دم تراه ، أو في شهرين ، ثم تنتقل بعد ذلك إلى ستة أيام أو سبعة . وهل يلفق لها السبعة من خمسة عشر يوما ، أو تجلس أربعة أيام من سبعة أيام ؟ على وجهين ، كما قلنا فيمن عادتها سبعة أيام ، فإذا قلنا تجلس زمان الدم من سبعة ، جلست الأول والثالث والخامس والسابع . وإن أجلسناها ستة أيام سقط السابع . وإن قلنا تلفق لها ، زادت التاسع والحادي عشر إن قلنا تجلس ستة ، وإن جلست سبعة زادت الثالث عشر وهكذا الحكم في الناسية .
وهذا أحد قولي إلا أنه لا يلفق لها [ ص: 218 ] عدد أيامها في أحد الوجهين . وقال الشافعي ، في المعتادة كما ذكرنا . وفي غيرها : ما عبر الخمسة عشر استحاضة وأيام الدم من الخمسة عشر حيض كلها إذا تكرر فإن كان يوما ويوما ، فلها ثمانية أيام حيض ، وسبعة طهر وإن كانت أنصافا فلها سبعة أيام ونصف حيض ومثلها طهر وهذا قول القاضي ابن بنت الشافعي ; لأن الطهر في اليوم السادس عشر يفصل بين الحيض وما بعده ، فإنها فيما بعده في حكم الطاهرات ، نأمرها بالصلاة والصيام .
ولنا : أن الطهر لو ميز بعد الخامس عشر لميز قبله ، كتميز اللون ، والحكم فيما إذا كان أنصافا أو مختلفا ، يوما دما وأياما طهرا أو أياما طهرا وأياما دما ، كالحكم في الأيام الصحاح المتساوية ، إلا أنه إذا كان الجزء الذي ترى الدم فيه أولا أقل من أقل الحيض ففيه وجه أنه لا يكون حيضا حتى يسبقه دم متصل يصلح أن يكون حيضا .
وإن قلنا الطهر يمنع ما بعده من كونه حيضا قبل التكرار ، وجاء في العادة ، فإنها تضم إلى الأول ما تكمل به أقل الحيض ; فإذا كانت ترى الدم يوما ويوما ، ضمت الثالث إلى الأول .
فكان حيضا في المرة الأولى والثانية ، ثم تنتقل إلى ما تكرر في المرة الثالثة أو الرابعة ، على اختلاف الوجهين ، وإذا رأت أقل من أقل الحيض ، ثم طهرت ثلاثة عشر يوما ، ثم رأت دما مثل ذلك ، وقلنا أقل الطهر ثلاثة عشر يوما ، فهو دم فساد ; لأنه لا يصلح أن يكون حيضة واحدة لفصل أقل الطهر بينهما ، ولا حيضتين ; لنقصان كل واحد منهما عن ، وإن قلنا أقل الحيض خمسة عشر ، ضممنا الأول إلى الثاني ، فكانا حيضة واحدة ، إذا بلغا بمجموعهما أقل الحيض ، وإن كان كل واحد من الدمين يبلغ أقل الحيض ، فهما حيضتان ، إن قلنا : أقل الطهر ثلاثة عشر وإن قلنا أقله خمسة عشر ، ضممنا الثاني إلى الأول فكانا حيضا واحدا ، إذا لم يكن بين طرفيهما أكثر من خمسة عشر يوما ، فإن كان بين طرفيهما خمسة عشر يوما لم يكن جعلهما جميعا حيضا فيجعل أحدهما حيضا والآخر استحاضة وعلى هذا فقس أقل الطهر