( 4926 ) فصل : فأما المكاتب ، فإن لم يملك قدر ما عليه فهو عبد ، لا يرث ، ولا يورث ،  وإن ملك قدر ما يؤدي ، ففيه روايتان ; إحداهما ، أنه عبد ما بقي عليه درهم ، لا يرث ، ولا يورث . يروى ذلك عن  عمر  ،  وزيد بن ثابت  ،  وابن عمر  ، وعائشة  ، وأم سلمة  ،  وعمر بن عبد العزيز  ،  والشافعي  رضي الله عنه  وأبي ثور    . وعن  ابن المسيب  ،  وشريح  ، والزهري  ، نحوه ; لما روى أبو داود  بإسناده ، عن  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المكاتب عبد ما بقي عليه درهم   } . وفي لفظ ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أيما عبد كاتب على مائة أوقية ، فأداها إلا عشر أواق ، فهو عبد ، وأيما عبد كاتب على مائة دينار ، فأداها إلا عشرة دنانير ، فهو عبد   } . وعن  محمد بن المنكدر  ، وعمر بن عبد الله مولى غفرة  ، وعبد الله بن عبدة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعتاب بن أسيد    : { من كاتب مكاتبا فهو أحق به حتى يقضي كتابته   } . 
وقال  القاضي  ،  وأبو الخطاب    : إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته ، وعجز عن الربع ، عتق ; لأن ذلك يجب إيفاؤه للمكاتب ، فلا يجوز إبقاؤه على الرق لعجزه عما يجب رده إليه 
والرواية الثانية ، أنه إذا ملك ما يؤدي ، فقد صار حرا ، يرث ، ويورث ، فإذا مات له من يرثه ورث ، وإن مات فلسيده بقية كتابته ، والباقي لورثته ; لما روى أبو داود  ،  [ ص: 230 ] بإسناده عن  أم سلمة  ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : إذا كان لإحداكن مكاتب ، وكان عنده ما يؤدي ، فلتحتجب منه   } . وروى الحكم  ، عن  علي   وابن مسعود  ،  وشريح    : يعطى سيده من تركته ما بقي من كتابته ، فإن فضل شيء ، كان لورثة المكاتب . 
وروي نحوه عن الزهري    . وبه قال  ابن المسيب    .  وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ،  والنخعي  ، والشعبي  ، والحسن  ،  ومنصور  ،  ومالك  ،  وأبو حنيفة  ، غير أن  مالكا  جعل من كان معه في كتابته أحق ممن لم يكن معه . قال في مكاتب هلك ، وله أخ معه في الكتابة ، وله ابن  ، قال : ما فضل من كتابته لأخيه دون ابنه . وجعله  أبو حنيفة  عبدا ما دام حيا ، فإذا مات أدى من تركته باقي كتابته ، والباقي لورثته 
وروي عن  عمر  رضي الله عنه أنه قال على المنبر : إنكم مكاتبون مكاتبين ، فأيهم أدى النصف فلا رق عليه . وعن  علي  عليه السلام إذا أدى النصف فهو حر . وعن  عروة  نحوه . وعن الحسن  ، إذا أدى الشطر فهو غريم . وعن  ابن مسعود  ،  وشريح  نحوه . وعن  ابن مسعود  ، إذا أدى ثلثا أو ربعا فهو غريم . 
وعن  ابن عباس  ، إذا كتب الصحيفة فهو غريم . وعن  علي  رضي الله عنه قال : تجري العتاقة في المكاتب في أول نجم . يعني يعتق منه بقدر ما أدى . وعنه أنه قال : يرث ، ويحجب ، ويعتق منه ، بقدر ما أدى . وقد روى  حماد بن سلمة  ، عن أيوب  ، عن عكرمة  ، عن  ابن عباس  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { قال : إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ، ورث بحساب ما عتق منه ، وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه .   } 
وفي رواية { يؤدي المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر ، وقدر ما رق منه دية العبد .   } قال  يحيى بن أبي كثير    : وكان  علي   ومروان بن الحكم  يقولان ذلك . وقد روي حديث  ابن عباس  ، عن عكرمة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، والحديث الذي رويناه لقولنا أصح منه ، ولا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا ، وما ذكرناه أولا أولى ، والله أعلم . 
				
						
						
