[ ص: 260 ] فصل   : ولا يرث الحمل إلا بشرطين    ; أحدهما ، أن يعلم أنه كان موجودا حال الموت ، ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر ، فإن أتت به لأكثر من ذلك نظرنا ، فإن كان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث ، إلا أن يقر الورثة أنه كان موجودا حال الموت ، وإن كانت لا توطأ ، إما لعدم الزوج ، أو السيد ، وإما لغيبتهما ، أو اجتنابهما الوطء ، عجزا أو قصدا أو غيره ، ورث ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل وذلك أربع سنين في أصح الروايتين ، وفي الأخرى سنتان 
والثاني ، أن تضعه حيا ، فإن وضعته ميتا لم يرث ، في قولهم جميعا ، واختلف فيما يثبت به الميراث من الحياة ، واتفقوا على أنه إذا استهل صارخا ورث ، وورث . وقد روى أبو داود  بإسناده ، عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {   : إذا استهل المولود ورث   } . وروى  ابن ماجه  بإسناده ، عن  جابر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . واختلفوا فيما سوى الاستهلال ، فقالت طائفة : لا يرث حتى يستهل ، ولا يقوم غيره مقامه ، ثم اختلفوا في الاستهلال ما هو ؟ فقالت طائفة : لا يرث حتى يستهل صارخا 
فالمشهور عن  أحمد  رضي الله عنه أنه لا يرث حتى يستهل . وروي ذلك عن  ابن عباس  ،  والحسن بن علي  ،  وأبي هريرة  ،  وجابر  ،  وسعيد بن المسيب  ،  وعطاء  ،  وشريح  ، والحسن  ،  وابن سيرين  ،  والنخعي  ، والشعبي  ،  وربيعة  ،  ويحيى بن سعيد  ،  وأبي سلمة بن عبد الرحمن  ،  ومالك  ،  وأبي عبيد  ، وإسحاق    ; لأن مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم {   : إذا استهل المولود ورث   } 
أنه لا يرث بغير الاستهلال ، وفي لفظ ذكره  ابن سراقة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصبي المنفوس {   : إذا وقع صارخا فاستهل ورث ، وتمت ديته ، وسمي ، وصلي عليه ، وإن وقع حيا ولم يستهل صارخا ، لم تتم ديته ، وفيه غرة ; عبد ، أو أمة ، على العاقلة   } . ولأن الاستهلال لا يكون إلا من حي ، والحركة تكون من غير حي ، فإن اللحم يختلج سيما إذا خرج من مكان ضيق ، فتضامت أجزاؤه ، ثم خرج إلى مكان فسيح فإنه يتحرك من غير حياة فيه ، ثم إن كانت فيه حياة ، فلا نعلم كونها مستقرة . 
لاحتمال أن تكون كحركة المذبوح ، فإن الحيوانات تتحرك بعد الذبح حركة شديدة ، وهي في حكم الميت ، واختلف في الاستهلال ما هو ؟ فقيل : هو الصراخ خاصة . وهذا قول من ذكرنا في هذه المسألة . ورواه أبو طالب  ، عن  أحمد  ، فقال : لا يرث إلا من استهل صارخا . وإنما سمي الصراخ من الصبي الاستهلال تجوزا ، والأصل فيه أن الناس إذا رأوا الهلال صاحوا عند رؤيته ، واجتمعوا ، وأراه بعضهم بعضا ، فسمي الصوت عند استهلال الهلال استهلالا ، ثم سمي الصوت من الصبي المولود استهلالا ; لأنه صوت عند وجود شيء يجتمع له ، ويفرح به 
وروى  يوسف بن موسى  ، عن  أحمد  ، أنه قال : يرث السقط ويورث ، إذا استهل . فقيل له : ما استهلاله ؟ قال : إذا صاح أو عطس أو بكى . فعلى هذا كل صوت يوجد منه ، تعلم به حياته ، فهو استهلال . وهذا قول الزهري  ، والقاسم بن محمد    ; لأنه صوت علمت به حياته ، فأشبه الصراخ . وعن  أحمد  رواية ثالثة ، إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ، ورث ، وثبت له أحكام المستهل ، لأنه حي فتثبت له أحكام الحياة ، كالمستهل . وبهذا قال  الثوري  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ،  وأبو حنيفة  ، وأصحابه ،  وداود  
وإن خرج بعضه حيا فاستهل ، ثم انفصل باقيه ميتا ، لم يرث . وبهذا قال  الشافعي  رضي الله عنه . وقال  أبو حنيفة  ، وأصحابه : إذا خرج أكثره فاستهل ثم مات ، ورث ; لقوله عليه السلام {   : إذا استهل المولود ورث   } . ولنا ، أنه لم يخرج جميعه ، فأشبه ما لو مات قبل خروج أكثره . 
				
						
						
