( 538 ) فصل : وأما صلاة العشاء فيستحب تأخيرها إلى آخر وقتها إن لم يشق ، وهو اختيار أكثر أهل العلم ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين . قاله الترمذي وحكي عن أن الأفضل تقديمها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { الشافعي } وروى الوقت الأول رضوان الله ، والوقت الآخر عفو الله القاسم بن غنام ، عن بعض أمهاته ، عن أم فروة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤخرها ، وإنما أخرها ليلة واحدة ، ولا يفعل إلا الأفضل . إن أحب الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة لأول وقتها
ولنا قول : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر من العشاء التي يدعونها العتمة وقول النبي صلى الله عليه وسلم { أبي برزة } وهو حديث حسن صحيح ، وأحاديثهم ضعيفة . أما خبر " الوقت الأول رضوان الله " فيرويه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف وحديث أم فروة رواته مجاهيل ، قال رحمه الله : لا أعلم شيئا ثبت في أوقات الصلاة : أولها كذا ، وأوسطها كذا ، وآخرها كذا يعني مغفرة ورضوانا ، وقال : ليس ذا ثابتا . أحمد
ولو ثبت فالأخذ بأحاديثنا الخاصة أولى من الأخذ بالعموم ، مع صحة أخبارنا ، وضعف أخبارهم .
( 539 ) فصل : وإنما يستحب تأخيرها للمنفرد والجماعة راضين بالتأخير ; فأما مع المشقة على المأمومين أو بعضهم فلا يستحب ، بل يكره . نص عليه رحمه الله ، قال أحمد : قلت الأثرم : كم لأبي عبد الله ؟ فقال ما قد بعد أن لا يشق على المأمومين . وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر تأخير العشاء ، كراهية المشقة على أمته ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم { تأخير العشاء ، والأمر بتأخيرها } وإنما نقل التأخير عنه مرة أو [ ص: 237 ] مرتين ، ولعله كان لشغل ، أو إتيان آخر الوقت ، وأما في سائر أوقاته فإنه كان يصليها ، على ما رواه من شق على أمتي شق الله عليه أحيانا ، وأحيانا إذا رآهم قد اجتمعوا عجل ، وإذا رآهم قد أبطئوا أخر . جابر
وعلى ما رواه ، أنه كان يصلي العشاء لسقوط القمر لثالثة . فيستحب للإمام الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في إحدى هاتين الحالتين ، ولا يؤخرها تأخيرا يشق على المأمومين ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالتخفيف ، رفقا بالمأمومين ، وقال : { النعمان بن بشير } متفق عليه إني لأدخل في الصلاة ، وأنا أريد إطالتها ، فأسمع بكاء الصبي ، فأخففها كراهية أن أشق على أمه .