( 5728 ) فصل : ويجوز للمرأة أن تهب حقها من القسم لزوجها ، أو لبعض ضرائرها ، أو لهن جميعا ،  ولا يجوز إلا برضى الزوج ; لأن حقه في الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه ، فإذا رضيت هي والزوج جاز ; لأن الحق في ذلك لهما ، لا يخرج عنهما ، فإن أبت الموهوبة قبول الهبة ، لم يكن لها ذلك ; لأن حق الزوج في الاستمتاع بها ثابت في كل وقت ، إنما منعته المزاحمة بحق صاحبتها ، فإذا زالت المزاحمة بهبتها ، ثبت حقه في الاستمتاع بها ، وإن كرهت ، كما لو كانت منفردة . وقد ثبت أن { سودة  وهبت يومها  لعائشة ،  فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم  لعائشة  يومها ويوم سودة .    } متفق عليه . 
ويجوز ذلك في جميع الزمان وفي بعضه ، فإن سودة  وهبت يومها في جميع زمانها . وروى  ابن ماجه ،  عن  عائشة ،    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على  صفية بنت حيي  في شيء ، فقالت صفية   لعائشة :  هل لك أن ترضي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك يومي ؟ فأخذت خمارا مصبوغا بزعفران ، فرشته ليفوح ريحه ، ثم اختمرت به ، وقعدت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله : إليك يا  عائشة ،  إنه ليس يومك . قالت : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . فأخبرته بالأمر ، فرضي عنها .   } فإذا ثبت هذا ، فإن وهبت ليلتها لجميع ضرائرها ، صار القسم بينهن كما لو طلق الواهبة . 
وإن وهبتها للزوج ، فله جعله لمن شاء ; لأنه لا ضرر على الباقيات في ذلك ، إن شاء جعله للجميع ، وإن شاء خص بها واحدة منهن ، وإن شاء جعل لبعضهن فيها أكثر من بعض . وإن وهبتها لواحدة منهن كفعل سودة ،  جاز . ثم إن كانت تلك الليلة تلي ليلة الموهوبة ، وإلى بينهما ، وإن كانت لا تليها ، لم يجز له الموالاة بينهما ، إلا برضى الباقيات ، ويجعلها لها في الوقت الذي كان للواهبة ; ولأن الموهوبة قامت مقام الواهبة في ليلتها ، فلم يجز تغييرها عن موضعها ، كما لو كانت باقية للواهبة ، ولأن في ذلك تأخير حق غيرها ، وتغييرا لليلتها بغير رضاها ، فلم يجز . وكذلك الحكم إذا وهبتها للزوج ، فآثر بها امرأة منهن بعينها . 
وفيه وجه آخر ، إنه يجوز الموالاة بين الليلتين ; لعدم الفائدة في التفريق . والأول أصح ، وقد ذكرنا فيه فائدة ، فلا يجوز اطراحها . ومتى رجعت الواهبة في ليلتها ، فلها ذلك في المستقبل ; لأنها هبة لم تقبض ، وليس لها الرجوع فيما مضى ; لأنه بمنزلة المقبوض . ولو رجعت في بعض الليل ، كان على الزوج أن ينتقل إليها ، فإن لم يعلم حتى أتم الليلة ، لم يقض لها شيئا ; لأن التفريط منها . 
( 5729 ) فصل : فإن بذلت ليلتها بمال  ، لم يصح ; لأن حقها في كون الزوج عندها ، وليس ذلك بمال ، فلا يجوز مقابلته بمال ، فإذا أخذت عليه مالا ، لزمها رده ، وعليه أن يقضي لها ، لأنها تركته بشرط العوض ، ولم يسلم لها ، وإن كان عوضها غير المال ، مثل إرضاء زوجها ، أو غيره عنها ، جاز ; فإن  عائشة  أرضت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفية ،  وأخذت يومها ، وأخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره . 
				
						
						
