( 6996 ) مسألة : قال : ( والشجاج التي لا توقيت فيها ،  أولها الحارصة ، وهي التي تحرص الجلد ) يعني تشقه قليلا . وقال بعضهم : هي الحارصة ، ثم الباضعة ، وهي التي تشق اللحم بعد الجلد ، ثم البازلة ، وهي التي يسيل منها الدم ، ثم المتلاحمة ، وهي التي أخذت في اللحم ، ثم السمحاق ، وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة ، ثم الموضحة . 
هكذا وقع في النسخ التي وصلت إلينا : الحارصة ، ثم الباضعة . ثم البازلة . ولعله من غلط الكاتب ، والصواب : الحارصة ، ثم البازلة ، ثم الباضعة ، هكذا رتبها سائر من علمنا قوله من أهل العلم . ولأن الباضعة التي تشق اللحم بعد الجلد ، فلا يمكن وجودها قبل البازلة التي يسيل منها الدم ، وتسمى الدامعة ، لقلة سيلان دمها ، تشبيها له بخروج الدمع من العين ، والتي تشق اللحم بعد الجلد يسيل منها دم كثير في الغالب ، فكيف يصح جعلها سابقة على ما لا يسيل منها إلا دم يسير كدمع العين ، ويدل على صحة ما ذكرناه أن  زيد بن ثابت  ، جعل في البازلة بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين . 
وقول  الخرقي    : والشجاج . يعني : جراح الرأس والوجه ; فإنه يسمى شجاجا خاصة ، دون جراح سائر البدن . والشجاج المسماة عشر ; خمس منها أرشها مقدر ، وقد ذكرناها ، وخمس لا توقيت فيها ، قال  الأصمعي    : أولها الحارصة ، وهي التي تشق الجلد قليلا . يعني تقشر شيئا يسيرا من الجلد ، لا يظهر منه دم ، ومنه : حرص القصار الثوب . إذا شقه قليلا . ثم البازلة ، وهي التي ينزل منها الدم . أي يسيل . وتسمى الدامية أيضا ، والدامعة 
، ثم الباضعة ، وهي التي تشق اللحم بعد الجلد . ثم المتلاحمة ، وهي التي أخذت في اللحم ، يعني دخلت فيه دخولا كثيرا يزيد على الباضعة ، ولم تبلغ السمحاق . ثم السمحاق ، وهي التي تصل إلى قشرة رقيقة فوق العظم ،  [ ص: 376 ] تسمى تلك القشرة سمحاقا ، وسميت الجراح الواصلة إليها بها ، ويسميها أهل المدينة  الملطا والملطاة ، وهي التي تأخذ اللحم كله حتى تخلص منه . ثم الموضحة ، وهي التي تقشر تلك الجلدة ، وتبدي وضح العظم ، أي بياضه ، وهي أول الشجاج الموقتة ، وما قبلها من الشجاج الخمس فلا توقيت فيها في الصحيح من مذهب  أحمد    . وهو قول أكثر الفقهاء . 
يروى ذلك عن  عمر بن عبد العزيز  ،  ومالك  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي ، وروي عن  أحمد  ، رواية أخرى ، أن في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وفي المتلاحمة ثلاثة ، وفي السمحاق أربعة أبعرة ; لأن هذا يروى عن  زيد بن ثابت    . وروي عن  علي  رضي الله عنه في السمحاق مثل ذلك . رواه سعيد  عنهما . 
وعن  عمر   وعثمان  ، فيها نصف أرش الموضحة . والصحيح الأول ; لأنها جراحات لم يرد فيها توقيت في الشرع ، فكان الواجب فيها حكومة ، كجراحات البدن . روي عن مكحول  ، قال { قضى النبي صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل ، ولم يقض فيما دونها   } ، ولأنه لم يثبت فيها مقدر بتوقيف ، ولا له قياس يصح ، فوجب الرجوع إلى الحكومة ، كالحارصة . وذكر  القاضي  ، أنه متى أمكن اعتبار هذه الجراحات من الموضحة ، مثل أن يكون في رأس المجني عليه موضحة إلى جانبها ، قدرت هذه الجراحة منها ، فإن كانت بقدر النصف ، وجب نصف أرش الموضحة ، إن كانت بقدر الثلث ، وجب ثلث الأرش . 
وعلى هذا ، إلا أن تزيد الحكومة على قدر ذلك ، فتوجب ما تخرجه الحكومة ، فإذا كانت الجراحة قدر نصف الموضحة ، وشينها ينقص قدر ثلثيها ، أوجبنا ثلثي أرش الموضحة ، وإن نقصت الحكومة أقل من النصف ، أوجبنا النصف ، فنوجب الأكثر مما تخرجه الحكومة ، أو قدرها من الموضحة ; لأنه اجتمع سببان موجبان ; الشين وقدرها من الموضحة ، فوجب بها أكثرهما ; لوجود سببه . والدليل على إيجاب المقدار ، أن هذا اللحم فيه مقدر ، فكان في بعضه بمقداره من ديته ، كالمارن والحشفة والشفة والجفن ، وهذا مذهب  الشافعي    . وهذا لا نعلمه مذهبا  لأحمد  ولا يقتضيه مذهبه ، ولا يصح ; لأن هذه جراحة تجب فيها الحكومة ، فلا يجب فيها مقدر . كجراحات البدن ، ولا يصح قياس هذا على ما ذكروه ، فإنه لا تجب فيه الحكومة ، ولا نعلم لما ذكروه نظيرا . 
				
						
						
