ولنا ، عموم قوله عليه السلام : { } . وقوله : { من قال : لا إله إلا الله . دخل الجنة } . أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا [ ص: 23 ] إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله
وقال عليه السلام { } وهذه الأخبار يدخل في عمومها الصبي ، ولأن الإسلام عبادة محضة ، فصحت من الصبي العاقل ، كالصلاة والحج ، ولأن الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام ، وجعل طريقها الإسلام ، وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم ، فلا يجوز منع الصبي من إجابة دعوة الله ، مع إجابته إليها ، وسلوكه طريقها ، ولا إلزامه بعذاب الله ، والحكم عليه بالنار ، وسد طريق النجاة عليه مع هربه منها ، ولأن ما ذكرناه إجماع ، فإن : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، حتى يعرب عنه لسانه ، إما شاكرا وإما كفورا . رضي الله عنه أسلم صبيا ، وقال : عليا
سبقتكم إلى الإسلام طرا صبيا ما بلغت أوان حلم
ولهذا قيل : أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، ومن الصبيان ، ومن النساء علي خديجة ، ومن العبيد ، وقال بلال عروة : أسلم علي ، وهما ابنا ثمان سنين ، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم والزبير لسبع أو ثمان سنين ، ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم على أحد إسلامه ، من صغير ولا كبير . فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم { ابن الزبير } فلا حجة لهم فيه ، فإن هذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذلك ، والإسلام يكتب له لا عليه ، ويسعد به في الدنيا والآخرة ، فهو كالصلاة تصح منه وتكتب له وإن لم تجب عليه ، وكذلك غيرها من العبادات المحضة . رفع القلم عن ثلاث .فإن قيل : فإن الإسلام يوجب الزكاة عليه في ماله ، ونفقة قريبه المسلم ، ويحرمه ميراث قريبه الكافر ، ويفسخ نكاحه . قلنا : أما الزكاة فإنها نفع ; لأنها سبب الزيادة والنماء ، وتحصين المال والثواب ، وأما الميراث والنفقة ، فأمر متوهم ، وهو مجبور بميراثه من أقاربه المسلمين ، وسقوط نفقة أقاربه الكفار ، ثم إن هذا الضرر مغمور في جنب ما يحصل له من سعادة الدنيا والآخرة ، وخلاصه من شقاء الدارين والخلود في الجحيم ، فينزل منزلة الضرر في أكل القوت ، المتضمن قوت ما يأكله ، وكلفة تحريك فيه لما كان بقاؤه به لم يعد ضررا ، والضرر في مسألتنا في جنب ما يحصل من النفع ، أدنى من ذلك بكثير . إذا ثبت هذا فإن اشترط لصحة إسلامه شرطين ; أحدهما ، أن يكون له عشر سنين ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضربه على الصلاة لعشر . والثاني : أن يعقل الإسلام . ومعناه أن يعلم أن الله تعالى ربه لا شريك له ، وأن الخرقي محمدا عبده ورسوله . وهذا لا خلاف في اشتراطه .
فإن الطفل الذي لا يعقل ، لا يتحقق منه اعتقاد الإسلام ، وإنما كلامه لقلقة بلسانه ، لا يدل على شيء وأما اشتراط العشر ، فإن أكثر المصححين لإسلامه ، لم يشترطوا ذلك ، ولم يحدوا له حدا من السنين . وحكاه عن ابن المنذر ; لأن المقصود متى ما حصل ، لا حاجة إلى زيادة عليه . وروي عن أحمد ، إذا كان ابن سبع سنين فإسلامه إسلام ; وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أحمد } فدل على أن ذلك حد لأمرهم ، وصحة عباداتهم ، فيكون حدا لصحة إسلامهم . وقال مروهم بالصلاة لسبع ، : إذا أسلم وهو ابن خمس سنين ، جعل إسلامه إسلاما . ولعله يقول إن ابن أبي شيبة أسلم وهو ابن خمس سنين ; لأنه قد قيل : إنه مات وهو ابن ثمان وخمسين . عليا
فعلى هذا يكون إسلامه ، وهو ابن خمس ; لأن مدة النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن مات ثلاث وعشرون سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثين سنة ; فذلك ثلاث [ ص: 24 ] وخمسون ، فإذا ضممت إليها خمسا ، كانت ثمانية وخمسين . وقال علي : أجيز أبو أيوب ، من أصاب الحق من صغير أو كبير أجزناه . وهذا لا يكاد يعقل الإسلام ، ولا يدري ما يقول ، ولا يثبت لقوله حكم ، فإن وجد ذلك منه ودلت أحواله وأقواله على معرفة الإسلام ، وعقله إياه ، صح منه كغيره والله أعلم . إسلام ابن ثلاث سنين