( 7672 ) فصل : فأما أهل الكتاب من النصارى واليهود العرب وغيرهم ، فالجزية منهم مقبولة ، ولا يؤخذون بما يؤخذ به نصارى بني تغلب . نص سائر على هذا ورواه عن أحمد الزهري . قال : ونذهب إلى أن يأخذ من مواشي بني تغلب خاصة الصدقة ، ونضعف عليهم ، كما فعل رضي الله عنه . وذكر عمر القاضي ، أن حكم من تنصر من وأبو الخطاب تنوخ وبهراء ، أو تهود من كنانة وحمير ، أو تمجس من تميم ، حكم بني تغلب ، سواء . وذكر ذلك عن . نص عليه ، في الشافعي تنوخ وبهراء ; لأنهم من العرب ، فأشبهوا بني تغلب .
ولنا عموم قوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } . وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاذا اليمن ، فقال : { } . وهم عرب . وقبل الجزية من أهل خذ من كل حالم دينارا نجران ، وهم من بني الحارث بن كعب .
قال الزهري : أول من أعطى الجزية أهل نجران ، وكانوا نصارى . وأخذ الجزية من أكيدر دومة ، وهو عربي . وحكم الجزية ثابت بالكتاب والسنة ، في كل كتابي ، عربيا كان أو غير عربي ، إلا ما خص بهبنو تغلب ، لمصالحة إياهم ، ففي ما عداهم يبقى الحكم على عموم الكتاب وشواهد السنة ، ولم يكن بين غير عمر بني تغلب وبين أحد من الأئمة صلح كصلح بني تغلب ، فيما بلغنا ، ولا يصح قياس غير بني تغلب عليهم ; لوجوه ; أحدها ، أن قياس سائر العرب عليهم يخالف النصوص التي ذكرناها ، ولا يصح قياس المنصوص عليه على ما تلزم منه مخالفة النص .
[ ص: 277 ] الثاني ، أن العلة في بني تغلب الصلح ، ولم يوجد الصلح مع غيرهم ، ولا يصح القياس مع تخلف العلة . الثالث ، أن بني تغلب كانوا ذوي قوة وشوكة ، لحقوا بالروم ، وخيف منهم الضرر إن لم يصالحوا ، ولم يوجد هذا في غيرهم .
فإن وجد هذا في غيرهم ، فامتنعوا من أداء الجزية ، وخيف الضرر بترك مصالحتهم ، فرأى الإمام مصالحتهم على أداء الجزية باسم الصدقة ، جاز ذلك ، إذا كان المأخوذ منهم بقدر ما يجب عليهم من الجزية أو زيادة قال علي بن سعيد : سمعت يقول : أحمد أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة ، ولا في أموالهم ، إنما تؤخذ منهم الجزية ، إلا أن يكونوا صولحوا على أن تؤخذ منهم ، كما صنع في عمر نصارى بني تغلب ، حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم ، وذكر هذا صاحب المهذب ، في كتابه . والحجة في هذا قصة أبو إسحاق بني تغلب ، وقياسهم عليهم . إذا كانوا في معناهم .
أما قياس من لم يصالح عليهم ، في جعل جزيتهم صدقة ، فلا يصح والله أعلم .