( 7954 ) فصل : تنقسم أيضا ثلاثة أقسام ; أحدها ، ما هو صفات لذات الله - تعالى ، لا يحتمل غيرها ، كعزة الله تعالى ، وعظمته ، وجلاله ، وكبريائه ، وكلامه . والقسم بصفات الله - تعالى ، كالقسم بأسمائه . وصفاته
فهذه تنعقد بها اليمين في قولهم جميعا . وبه يقول ، وأصحاب الرأي ; لأن هذه من صفات ذاته ، لم يزل موصوفا بها ، وقد ورد الأثر بالقسم ببعضها ، فروي أن النار تقول : " قط قط ، وعزتك " . رواه الشافعي . والذي يخرج من النار يقول : " وعزتك ، لا أسألك غيرها " . وفي كتاب الله - تعالى - : { البخاري فبعزتك لأغوينهم أجمعين } .
الثاني ، ما هو صفة للذات ، ويعبر به عن غيرها مجازا ، كعلم الله وقدرته ، فهذه صفة للذات لم يزل موصوفا بها ، وقد تستعمل في المعلوم والمقدور اتساعا ، كقولهم : اللهم اغفر لنا علمك فينا . ويقال : اللهم قد أريتنا قدرتك ، فأرنا عفوك . ويقال : انظر إلى قدرة الله . أي مقدوره . فمتى أقسم بهذا ، كان يمينا . وبهذا قال . وقال الشافعي ، إذا قال : وعلم الله . لا يكون يمينا ; لأنه يحتمل المعلوم . ولنا ، أن العلم من صفات الله - تعالى ، فكانت اليمين به يمينا موجبة للكفارة ، كالعظمة ، والعزة ، والقدرة ، وينتقض ما ذكروه بالقدرة ، فإنهم قد سلموها ، وهي قرينتها . أبو حنيفة
فأما إن نوى القسم بالمعلوم ، والمقدور ، احتمل أن لا يكون يمينا . وهو قول أصحاب ; لأنه نوى بالاسم غير صفة لله ، مع احتمال اللفظ ما نواه ، فأشبه ما لو نوى القسم بمحلوف في الأسماء التي يسمى بها غير الله - تعالى . وقد روي عن الشافعي ، أن ذلك يكون يمينا بكل حال ، ولا تقبل منه نية غير صفة الله - تعالى . وهو قول أحمد في القدرة ; لأن ذلك موضوع للصفة ، فلا يقبل منه نية غير الصفة ، كالعظمة . وقد ذكر أبي حنيفة طلحة العاقولي ، في أسماء الله تعالى المعرفة فاللام التعريف ، كالخالق والرازق ، أنها تكون يمينا بكل حال ; لأنها لا تنصرف إلا إلى اسم الله ، كذا هذا .
الثالث ، مالا ينصرف بإطلاقه إلى صفة الله تعالى ، لكن ينصرف بإضافته إلى الله - سبحانه - لفظا أو نية ، كالعهد ، والميثاق ، والأمانة ، ونحوه . فهذا لا يكون يمينا مكفرة إلا بإضافته أو نيته . وسنذكر ذلك فيما بعد ، إن شاء الله تعالى .