( 8813 ) مسألة ; قال : وإذا ، فقد صار العبد حرا بشهادة الشريكين ، إذا كانا عدلين ، ويشاركهما فيما أخذا من المال ، وليس على العبد شيء اعترض على كان العبد لثلاثة ، فجاءهم بثلاثمائة درهم ، فقال : بيعوني نفسي بها . فأجابوه ، فلما عاد إليهم ليكتبوا له كتابا ، أنكر أحدهم أن يكون أخذ شيئا ، وشهد الرجلان عليه بالأخذ في هذه المسألة ، حيث أجاز له شراء نفسه بعين ما في يده مع أنه قد ذكر في باب العتق : إذا قال العبد لرجل : اشترني من سيدي بهذا المال ، وأعتقني فاشتراه بعين المال ، كان الشراء والعتق باطلين ويكون السيد قد أخذ ماله . وقد أجاب الخرقي عن هذا الإشكال بوجوه ; منها ، أن يكون مكاتبا ، وقوله : بيعوني من نفسي بهذه . أي أعجل لكم الثلاثمائة ، وتضعون عني ما بقي من كتابتي . ولهذا ذكرهما في باب المكاتب . القاضي
الثاني أن يكون المال في يد العبد لأجنبي قال له : اشتر نفسك بها . من غير أن يملكه إياها . الثالث ، أن يكون عتقا بصفة ، تقديره : إذا قبضنا منك هذه الدراهم ، فأنت حر . الرابع ، أن يكون رضي سادته ببيعه نفسه بما في يده ، وفعلهم ذلك معه إعتاق منهم له مشروطا بتأدية ذلك إليهم ، فتكون صورته صورة البيع ومعناه العتق بشرط الأداء ، كما لو قال : بعتك نفسك بخدمتي سنة . فإن منافعه مملوكة لسيده ، وقد صح هذا فيها فكان هاهنا . وهذا الوجه أظهرها ، إن شاء الله تعالى ; لأنه لا يحتاج إلى تأويل ، ومتى أمكن حمل الكلام على ظاهره ، لم يجز تأويله بغير دليل . وإذا تعذر هذا ، فمتى اشترى العبد نفسه من سادته ، عتق ; لأن البيع يخرجه من ملكهم ، ولا يثبت عليه ملك آخر ، إلا أنه هاهنا لا يعتق إلا بالقبض ; لأنا جعلناه عتقا مشروطا بالقبض . وبهذا قال : فقد صار العبد حرا بشهادة الشريكين اللذين شهدا بالقبض . ولو عتق بالبيع ، لعتق باعترافهم به ، لا بالشهادة بالقبض . الخرقي
ومتى أنكر أحدهم أخذ نصيبه من الثمن ، فشهد عليه شريكاه ، وكانا عدلين ، قبلت شهادتهما ; لأنهما عدلان شهدا للعبد بأداء ما يعتق به ، فقبلت شهادتهما ، كالأجنبيين ، ورجع المشهود عليه عليهما فيشاركهما فيما أخذاه ; لأنهما اعترفا بأخذ مائتين من ثمن العبد ، والعبد مشترك بينهم ، فثمنه يجب أن يكون بينهم ، ولأن ما في يد العبد لهم ، والذي أخذاه كان في يده ، فيجب أن يشترك الجميع فيه ، ويكون بينهم بالسوية ، وشهادتهما فيما لهما فيه نفع غير مقبولة ، ودفع مشاركته لهما فيه نفع لهما ، فلم تقبل شهادتهما فيه ، وقبلت شهادتهما فيما [ ص: 394 ] ينتفع به العبد ، دون ما ينتفعان به ، كما لو أقر بشيء لغيرهما لهما فيه نفع ، فإن إقرارهما يقبل فيما عليهما ، دون مالهما .
وقياس المذهب أن لا تقبل شهادتهما على شريكهما بالقبض ; لأنهما يدفعان بها عن أنفسهما مغرما ، ومن شهد شهادة جر إلى نفسه نفعا بطلت شهادته في الكل ، وإنما يقبل ذلك في الإقرار ; لأن العدالة غير معتبرة فيه ، والتهمة لا تمنع من صحته ، بخلاف الشهادة . فعلى هذا القياس ، يعتق نصيب الشاهدين بإقرارهما ، ويبقى نصيب المشهود عليه موقوفا على القبض ، وله مطالبته بنصيبه ، أو مشاركة صاحبه فيما أخذ . فإن شاركهما ، أخذ منهما ثلثي مائة ، ورجع على العبد بتمام المائة ، ولا يرجع المأخوذ منه على الآخر بشيء ، لأنه إن أخذ من العبد ، فهو يقول : ظلمني ، وأخذ مني مرتين . وإن أخذ من الشاهدين ، فهما يقولان : ظلمنا ، وأخذ منا ما لا يستحقه علينا . ولا يرجع المظلوم على غير ظالمه . وإن كانا غير عدلين ، فكذلك ، سواء قلنا : إن شهادة العدلين مقبولة . أو لا ; لأن غير العدل لا تقبل شهادته ، وإنما يؤاخذ بإقراره .
وإن أنكر الثالث البيع فنصيبه باق على الرق ، إذا حلف ، إلا أن يشهدا عليه بالبيع ، يكونان عدلين ، فتقبل شهادتهما ; لأنهما لا يجران إلى أنفسهما بهذه الشهادة نفعا .