( باب استقبال القبلة ) وبيان أدلتها وما يتعلق بذلك قال الواحدي : القبلة الوجهة ، وهي الفعلة من المقابلة ، والعرب تقول : ما له قبلة ولا دبرة إذا لم يهتد لجهة أمره في اللغة ، الحالة ، التي يقابل الشيء غيره عليها ، كالجلسة للحالة التي يجلس عليها ، إلا أنها صارت كالعلم للجهة التي يستقبلها المصلي وسميت قبلة لإقبال الناس عليها ، أو لأن المصلي يقابلها وهي تقابله ، والأدلة جمع دليل وتقدم في الخطبة { وأصل القبلة صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس عشر سنين بمكة } .
جزم به في شرح القاضي الصغير ، الخرقي والسامري في المستوعب وهي المدة التي أقامها بمكة بعد البعثة ، بناء على حديث { أنس بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين - الحديث } وما ذكروه من أنه كان يصلي بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة قبل الهجرة إلى بيت المقدس هو أحد أقوال ثلاثة قال الفخر الرازي ، في تفسيره : اختلفوا في صلاته إلى بيت المقدس فقال قوم : كان بمكة يصلي إلى الكعبة فلما صار إلى المدينة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا وقال قوم : بل كان بمكة يصلي إلى بيت المقدس ألا أنه يجعل الكعبة بينه وبينه .
وقال قوم : بل كان يصلي إلى بيت المقدس فقط بمكة وبالمدينة أولا سبعة عشر شهرا ثم أمره الله تعالى بالتوجه إلى الكعبة لما فيه من الصلاح ( و ) { بيت المقدس ستة عشر شهرا بالمدينة } رواه صلى أيضا صلى الله عليه وسلم إلى عن النسائي وقيل سبعة عشر شهرا وقيل : ثمانية عشر شهرا وجمع بينها بأن من عدها ستة عشر لم يعتبر الكسور . البراء
ومن عدها ثمانية عشر اعتد بالشهرين الأول والأخير ولم ينظر لما فيهما من الكسور ومن عدها سبعة عشر حسب كسور الأول والأخير ، وألغى بقيتهما .
( ثم أمر ) صلى الله عليه وسلم ( بالتوجه إلى الكعبة ) بقوله تعالى { قد نرى تقلب وجهك [ ص: 302 ] في السماء } الآية ( وهو الشرط الثامن لصحة الصلاة ) لأنه قد تقدم عليه سبعة ( فلا تصح ) الصلاة ( بدونه ) أي الاستقبال ، لقوله تعالى { فولوا وجوهكم شطره } قال " : شطره قبله وقال علي : { ابن عمر بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة } متفق عليه . بينما الناس