1101 - مسألة : فإن نبذ تمر ، أو رطب ، أو زهو ، أو بسر ، أو زبيب مع نوع منها أو نوع من غيرها ، أو ، أو بمائع غيرها حاشا الماء حرم شربه أسكر أو لم يسكر ، ونبيذ كل صنف منها على انفراده حلال ، فإن مزج نوع من غير هذه الخمسة مع نوع آخر من غيرها أيضا أو نبذا معا ، أو خلط نبيذ أحد الأصناف بنبيذ صنف منها ، أو بنبيذ صنف من غيرها فكله حلال : كالبلح وعصير العنب ، ونبيذ التين ، والعسل ، والقمح ، والشعير ، وغير ما ذكرنا لا تحاش شيئا - : لما روينا من طريق خلط عصير بنبيذ حدثني مسلم أبو بكر بن إسحاق نا نا عفان بن مسلم عن أبان بن يزيد بن العطار [ ص: 216 ] نا يحيى بن أبي كثير عبد الله بن أبي قتادة ، كلاهما عن وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : { أبي قتادة } قال أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط التمر والبسر ، وعن خليط الزبيب والتمر ، وعن خليط الزهو والرطب ، وقال : انتبذوا كل واحد على حدته : وروينا من طريق أبو محمد ، جابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أيضا آثارا متواترة متظاهرة في غاية الصحة يجمع كل ما فيها حديث وعائشة المذكور . أبي قتادة
وبه يقول جمهور السلف . كما روينا من طريق عن موسى بن عقبة عن نافع قال : نهى أن ينتبذ التمر والزبيب جميعا ، والبسر والرطب جميعا ، ومن طريق ابن عمر عن معمر قال : كان قتادة إذا أراد أن ينبذ يقطع من الثمرة ما نضج منها فيضعه وحده وينبذ التمر وحده والبسر وحده . أنس
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن حاتم بن أبي صغيرة أبي مصعب المدني قال : سمعت يقول : لما حرمت الخمر كانوا يأخذون البسر فيقطعون منه كل مذنب ثم يأخذ البسر فيفضخه ثم يشربه . أبا هريرة
ومن طريق عن ابن أبي شيبة أشعث عن ثابت بن عبيد قال : كان يأمر أهله بقطع المذنب فينبذ كل واحد منهما على حدة . أبو مسعود الأنصاري
ومن طريق عن ابن أبي شيبة معاوية بن هشام عن عمار بن زريق عن عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة قال : كان الرجل يمر على أصحاب عبد الرحمن بن أبي ليلى محمد صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون فيلعنونه ويقولون : هذا يشرب الخليطين الزبيب والتمر ؟ قال : هذا عندهم إذا وافقهم إجماع ، وقد جاء عن أبو محمد أيضا كما نذكر بعد هذا . عثمان
ومن طريق عن عبد الرزاق قال لي ابن جريج عمرو بن دينار سمعت أو أخبرني عنه من أصدق : أن لا يجمع بين البسر ، والرطب ، والتمر ، والزبيب ، قلت جابر بن عبد الله لعمرو بن دينار : هل غير ذلك ؟ قال : لا ; قلت لعمرو : فغير ذلك مما في الحبلة والنخلة ، قال : لا أدري ، قلت لعمرو : أو ليس إنما نهى عن أن يجمع بينهما في النبيذ وأن ينبذ جميعا ؟ قال : بلى ، وقلت : أذكر لعطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن [ ص: 217 ] يجمع بين شيئين غير الرطب والبسر ، والتمر والزبيب ؟ قال : لا ، إلا أن أكون نسيت ؟ قلت جابر : أيجمع بين التمر والزبيب ينبذان ، ثم يشربان حلوين ؟ قال : لا قد نهي عن الجمع بينهما ، قال لعطاء : لو نبذ شراب في ظرف قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه لم يشرب حلوا - وهذا كله قولنا - والحمد لله رب العالمين . ابن جريج
فهذا عمرو بن دينار لم ير النهي يتعدى به ما ورد به النص - وهو قولنا - .
وروينا عن أنه قال : لو كان في إحدى يدي نبيذ تمر ، وفي الأخرى نبيذ زبيب فشربت كل واحد منهما وحده لم أر به بأسا ، ولو خلطته لم أشربه . وصح عن عمر بن عبد العزيز أنه سئل عن البسر ، والتمر يجمعان في النبيذ ؟ فقال : لأن تأخذ الماء فتغليه في بطنك خير من أن تجمعهما جميعا في بطنك . جابر بن زيد أبي الشعثاء
وقال بتحريم خليط كل نوعين في الانتباذ وبعد الانتباذ ، وكذلك فيما عصر ، ولم يخص شيئا من شيء . مالك
وقال بإباحة كل خليطين واحتج أبو حنيفة مقلدوه بما رويناه من طريق لأبي حنيفة عن مسعر موسى بن عبد الله عن امرأة من بني أسد عن : { عائشة } - وهذا لا شيء ; لأنه عن امرأة لم تسم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له زبيب فيلقى فيه تمر أو تمر فيلقى فيه زبيب
ومن طريق زياد بن يحيى الحساني أنا أبو بحر نا عتاب بن عبد العزيز الحماني حدثتني صفية بنت عطية أنها سمعت { أم المؤمنين تقول - وقد سئلت عن التمر والزبيب - فقالت : كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في إناء فأمرسه ، ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة } وهذا مردد في السقوط ; لأنه عن أبي بحر - لا يدرى من هو عن عتاب بن عبد العزيز الحماني - وهو مجهول عن صفية بنت عطية - ولا تعرف من هي فهل سمع بأسخف ممن يحتج بمثل هذا عن أم المؤمنين ؟ ويعترض في رواية أبي عثمان الأنصاري عن عن القاسم بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم : { عائشة } . ما أسكر كثيره فقليله حرام
وأبو عثمان مشهور قاضي الري روى عنه الأئمة .
وزادوا ضلالا فاحتجوا بما رويناه عن طريق عن عبد الرزاق أخبرت [ ص: 218 ] عن ابن جريج أبي إسحاق : { : أجمع بين التمر والزبيب ؟ فقال : لا ، قال : لم ؟ قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم قال : لم ؟ قال : سكر رجل فحده النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أن ينظر ما شرابه فإذا هو تمر وزبيب ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع بين التمر والزبيب وقال : يلقى كل واحد منهما وحده ابن عمر } . أن رجلا سأل
ومن طريق أبي إسحاق عن النجراني عن قال : { ابن عمر } . ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم سكران وقال له : أي شيء شربت ؟ قال : تمر وزبيب ، قال : لا تخلطوهما كل واحد يلقى وحده
ومن طريق عن أبي التياح أبي الوداك عن ، { أبي سعيد الخدري } أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بنشوان فقال : إني لم أشرب خمرا إنما شربت زبيبا وتمرا في إناء . فنهز بالأيدي وخفق بالنعال ونهى عن الزبيب ، والتمر أن يخلطا
قال : أما لهؤلاء المخاذيل دين يردعهم ، أو حياء يزعهم ، أو عقل يمنعهم عن الاحتجاج بالباطل على الحق ; ثم بما لو صح لكان أعظم حجة عليهم ، أبو محمد يقول : أخبرت عن ابن جريج أبي إسحاق ولا يسمي من أخبره ، ثم أبو إسحاق عن النجراني - ومن النجراني - ليت شعري ؟ ثم هبك أننا سمعنا كل ذلك من ، ومن أبي سعيد أليس قد أخبرا : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جمعهما وأمر بإفراد كل واحد منهما ؟ وكيف يجعل نهيه نفسه حجة في استباحة ما نهى عنه ؟ ما بعد هذا الضلال ضلال ، ولا وراء هذه المجاهرة مجاهرة ، ولولا كثرة من ضل باتباعهم لكان الإعراض عنهم أولى . ابن عمر
وقالوا : إنما نهي عن ذلك ; لأن أحدهما يعجل غليان الآخر . فقلنا : كذبتم وقفوتم ما لا علم لكم به ، وافتريتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله قط ولا أخبر به - ثم هب الأمر كما قلتم ؟ أليس قد نهى عليه السلام عنه كما ذكرتم ؟ فانهوا عما نهاكم عنه إن كان في قلوبكم إيمان به ؟
فإن قالوا : هذا ندب ؟ قلنا : كذبتم وقلتم ما لا دليل لكم عليه - ثم هب الأمر كما قلتم فاكرهوه إذا واندبوا إلى تركه ، وأنتم لا تفعلون ذلك بل هو عندكم وما لم ينه عنه أصلا سواء . [ ص: 219 ]
وقالوا : إنما نهى عنه لضيق العيش ، ولأنه من السرف - وهذا قول يوجب على قائله مقت الله تعالى ; لأنه كذب بحت ، ومع أنه كذب فهو بارد من الكذب سخيف من البهتان ; لأنه ما كان قط عند ذي عقل رطل تمر ورطل زبيب ، سرفا ، أو رطل زهو ورطل بسر سرفا ، وهم بالمدينة والطائف قريب ، وهما بلاد التمر والزبيب .
ثم كيف يكون رطل تمر ، ورطل زبيب ، أو رطل زهو ، ورطل رطب يجمعان سرفا يمنع منه ضيق العيش فينهون عنه لذلك - ولا يكون مائة رطل تمر ، ومائة رطل زبيب ، ومائة رطل عسل ينبذ كل صنف منها على حدته سرفا . وكيف يكون رطل تمر ، ورطل زهو ينبذان معا سرفا ولا ويكون أكلهما معا سرفا ؟ كذلك التمر والزبيب في الأكل معا ، لقد بلغ الغاية من سخف العقل ، من هذا مقدار عقله ، ولقد عظمت بليتهم بأنفسهم - ونعوذ بالله من الخذلان .
وأيضا : فإن أكل الدجاج والنقي والسكر أدخل على أصولكم الفاسدة في السرف ، وأبعد من ضيق العيش ، وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ، ثم هبكم أنه كما تقولون ، فأي راحة لكم في ذلك ؟ وقد كان فيهم ذو سعة من المال ، قالت : وكان الهدي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذوي اليسارة ، والخبر المشهور { عائشة } وكان فيهم ذهب أصحاب الدثور بالأجور عثمان ; وعبد الرحمن ، ، وغيره وفينا نحن وإلى يوم القيامة ذو ضيق من العيش وفاقة شديدة ، فالعلة باقية بحسبها ، فالنهي باق ولا بد ، اسخفوا ما شئتم لأن تفوتوا حكم الله عليكم . وسعد بن عبادة
وذكروا ما روينا من طريق عن ابن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن الشيباني عبد الملك بن نافع قلت : أنبذ نبيذ زبيب فيلقى لي فيه تمر فيفسد علي ؟ قال : لا بأس به - لابن عمر وعبد الملك بن نافع مجهول .
وقد صح عن الرجوع عن هذا - كما روينا من طريق ابن عمر نا سعيد بن منصور نا إسماعيل هو ابن إبراهيم هو ابن علية - عن أيوب هو السختياني - عن نافع أنه أمر بزبيب وتمر أن ينبذا له ، ثم تركه بعد ذلك - قال ابن عمر : فلا أدري ألشيء ذكره أم لشيء بلغه ؟ فصح أنه ذكر النهي بعد أن نسيه أو بلغه ولم يكن بلغه قبل ذلك . [ ص: 220 ] وذكروا ما رويناه من طريق غير مشهورة عن نافع قال : سمعت شعبة أسامة رجلا من جيراننا قال : سمعت شهاب بن عباد قال : سألت عن التمر والزبيب فقال : لا يضرك أن تخلطهما جميعا أو تنبذ كل واحد منهما على حدة . ابن عباس
قال : وهذا لا شيء ، فلا أكثر ، أبو محمد أسامة رجل من جيران وما نعلم أتم جهلا ، أو أقل حياء ممن يتعلق بهذا عن شعبة ولا يصح أصلا - ثم يخالف رواية ابن عباس عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة قال : قلت أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي : إني أنتبذ في جرة خضراء نبيذا حلوا فأشرب منه فيقرقر بطني . قال لابن عباس : لا تشرب منه وإن كان أحلى من العسل . ابن عباس
فإن قالوا : قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ النهي عن نبيذ الجر . قلنا : النهي والله عن خلط الزبيب والتمر أصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من نسخ النهي عن نبيذ الجر الذي لم يأت إلا من طريق بريدة فقط ، والنهي عن وجابر صح من طريق الجمع بين التمر والزبيب في الانتباذ ، أبي قتادة ، وجابر ، وابن عباس ، وأبي سعيد ، فهو نقل تواتر ولم يأت قط شيء ينسخه لا ضعيف ولا قوي . وأبي هريرة
وقالوا : أي فرق بين جمعهما في الإناء ، وبين جمعهما في البطن ؟ فقلنا : لا يعارض بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي فرق بين الجمع بين الأختين وبين نكاحهما واحدة بعد أخرى ؟ ولو عارضتم أنفسكم في فرقكم بين الآبق يوجد في المصر ، وبين الآبق يوجد خارج المصر على ثلاث لأصبتم .
وفي فرقكم بين السرقة من الحرز أقل من عشرة دراهم فلا يوجب القطع [ وبين ] سرقة عشرة دراهم من غير حرز فلا يوجب القطع ، فإذا اجتمعا فسرق عشرة دراهم من حرز وجب القطع ، وبين القهقهة تكون في الصلاة فتنقض الوضوء ، وتكون بعد الصلاة فلا تنقضه لكان أسلم لكم .
وروينا من طريق عن سعيد بن منصور عن هشيم عن يونس الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يفضخ العذق بما فيه ، وما نعلم هذا عن أحد من السلف غيره ، على أنه ليس فيه بيان لإباحة الجمع بين الزبيب والتمر وسائر ما جاء النهي عنه . [ ص: 221 ]
وروينا من طريق عن ابن أبي شيبة عن عفان بن مسلم عبد الواحد بن صفوان سمعت أبي يحدث عن أمه أنها قالت : كنت أمغث رضي الله عنه الزبيب غدوة فيشربه عشية ، وأمغثه عشية فيشربه غدوة ، قالت : فقال لي لعثمان : لعلك تجعلين فيه زهوا قلت : ربما فعلت ، فقال : فلا تفعلي . . عثمان
وأما المالكيون فاحتجوا بما رويناه من طريق نا أبي داود الطيالسي عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أم المؤمنين { عائشة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين
ومن طريق حدثني ابن وهب عبد الجبار بن عمر قال : حدثني عن محمد بن المنكدر : { جابر بن عبد الله } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين أن يشربا ؟ قلنا : يا رسول الله وما الخليطان ؟ قال : التمر والزبيب ، وكل مسكر حرام
ومن طريق أنا عبد الله بن المبارك وقاء بن إياس عن عن المختار بن فلفل { أنس } وكان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجمع شيئين نبيذا مما يبغي أحدهما على صاحبه يكره المذنب من البسر مخافة أن يكونا شيئين فكنا نقطعه " . أنس
وقالوا : قد صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يجمع التمر ، والزبيب ، والبسر ، والزهو ، والرطب : اثنان منهما أو واحد منهما وآخر من غيرهما في الانتباذ معا ، أو ينبذهما في إناء ، فوجب أن يكون سائر ما ينبذ ويعصر كذلك .
قال : هذا كل ما شغبوا به - وكله لا يصح : - أما الحديث الأول : فمدلس لم يسمعه أبو محمد من يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، وإنما سمعه من عائشة عن أبي سلمة على ما أوردنا في أول هذا الباب من تفصيل الأصناف المذكورة وأما من طريق أبي قتادة فإننا روينا من طريق عائشة أحمد بن شعيب أنا محمد بن معمر نا نا أبو داود الطيالسي عن حرب بن شداد أن يحيى بن أبي كثير كلاب بن علي أخبره أن أخبره أن أبا سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف - أخبرته { عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط بين البسر والرطب ، وبين الزبيب والتمر } .
قال أحمد بن شعيب : وأنا نا محمد بن المثنى أبو عامر هو العقدي - نا علي بن المبارك عن عن يحيى بن أبي كثير ثمامة بن كلاب عن عن أبي سلمة : أن [ ص: 222 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } فإنما سمعه انتبذوا الزبيب والتمر جميعا ، ولا تنتبذوا الرطب والتمر جميعا يحيى من كلاب بن علي ، وثمامة بن كلاب ، وكلاهما لا يدرى من هو - فسقط . ثم لو صح لما كان فيه حجة ; لأن الخليطين هكذا مطلقا لا يدرى ما هما أهما الخليطان في الزكاة أم في ماذا ؟ وأيضا فإن ثريد اللحم والخبز خليطان ، واللبن والماء خليطان ، فلا بد من بيان مراده عليه السلام بذلك ، ولا يؤخذ بيان مراده إلا من لفظه عليه السلام - فبطل تعلقهم بهذا الأثر .
وأما حديث فمن طريق جابر عبد الجبار بن عمر الأبلي وهو ضعيف جدا - ثم لو صح لما كانت لهم فيه حجة ، بل كان يكون حجة عظيمة قاطعة عليهم ; لأن فيه أن الصحابة رضي الله عنهم لم يعرفوا ما الخليطان المنهي عنهما حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجب عليهم وعلى كل أحد ؟ ففسرهما لهم عليه السلام بأنهما التمر والزبيب ولم يذكر غيرهما ، فلو أراد غيرهما لما سكت عن ذكره وقد سألوه البيان ؟ هذا ما لا يحيل على مسلم ; لأنه كان يكون أعظم التلبيس عليهم ومن ادعى أن ههنا شيئا زائدا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فلم يبينه لأمته فقد افترى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وألحد في الدين بلا شك - ونعوذ بالله من هذا .
وأما خبر فمن طريق أنس وقاء بن إياس وهو ضعيف ضعفه ابن معين وغيره ، مع أنه كلام فاسد لا يعقل لا يجوز أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ألبتة ; لأنه لا يدري أحد ما معنى يبغي أحدهما على صاحبه في النبيذ .
فإن قالوا : معناه يعجل أحدهما غليان الآخر ؟ قلنا : هذا الكذب العلانية وما يغلي تمر وزبيب جمعا في النبيذ إلا في المدة التي يغلي فيها الزبيب وحده ; أو التمر وحده وهو عليه السلام لا يقول إلا الحق ; فبطل كل ما موهوا به بيقين .
وأما قولهم : قسنا سائر الخلط على ما نص عليه فقلنا : القياس باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأنكم لستم بأولى أن تقيسوا التين ، والعسل على ما ذكر من آخر أراد أن يقيس على ذلك اللبن والسكر [ ص: 223 ] مجموعين ، أو الخل ، والعسل في السكنجبين مجموعين ، أو الزبيب ، والخل مجموعين ، ولا سبيل إلى فرق .
فإن قالوا : لا نتعدى النبيذ . قلنا لهم : بل قيسوا على الجمع في النبيذ الجمع في غير النبيذ ، أو لا تتعدوا ما ورد به النص لا في نبيذ ، ولا غيره ، ولا سبيل إلى فرق أصلا - وبالله تعالى التوفيق .