وأما من نذر عتق عبد فلان إن ملكه  ، أو أوجب على نفسه عتق عبده إن باعه  ، فإن من أخرج ذلك مخرج اليمين فهو باطل لا يلزم لما ذكرنا قبل ، فإن أخرج ذلك مخرج النذر لم يلزمه أيضا شيء ; لأنه إذا قال : عبدي حر إن بعته ، أو قال : ثوبي هذا صدقة إن بعته فباعه  فقد سقط ملكه عنه ، وإذا سقط ملكه عنه ، فمن الباطل أن ينفذ عتقه في عبد لا يملكه هو وإنما يملكه غيره ، وصدقته كذلك .  [ ص: 270 ] ومن قال : إن ابتعت عبد فلان فهو حر ، أو إن ابتعت دار فلان فهي صدقة ، ثم ابتاع كل ذلك لم يلزمه عتق ولا صدقة - : لما روينا من طريق  مسلم  نا  علي بن حجر السعدي  نا  إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية    - نا  أيوب هو السختياني    - عن  أبي قلابة  عن أبي المهلب  عن  عمران بن الحصين  أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : { لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك العبد   } . 
ومن طريق  أبي داود السجستاني  نا  داود بن رشيد  نا  شعيب بن إسحاق  عن الأوزاعي  حدثني  يحيى بن أبي كثير  حدثني  أبو قلابة  نا ثابت بن الضحاك    - هو من أصحاب الشجرة - { أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نذر أن ينحر إبلا ببوانة  فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة  ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا ، قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم   } ففي هذا الخبر نص ما قلنا : من أنه لا يلزم المرء وفاء نذره فيما لا يملكه ، وفيه إيجاب الوفاء بنذر نحر الإبل في غير مكة    - وهو قولنا - ولله الحمد . 
وقال الناس في هذا : أقوالا : فاختلفوا في رجل قال : إن بعت عبدي هذا فهو حر وقال آخر : إن اشتريته منك فهو حر ، ثم باعه منه  ؟ فإن  أبا حنيفة  ، وعبد العزيز بن الماجشون  قالا : يعتق على المشتري ، لا على البائع . 
وقال  مالك  ،  والشافعي    : يعتق على البائع لا على المشتري . 
وقال  أبو سليمان    : لا يعتق على واحد منهما - وهو الحق لما ذكرنا - والمذكورون قبل قد نقضت كل طائفة أصلها ; لأنهم على اختلافهم متفقون على أن من قال : إن بعت عبدي فهو حر ، فباعه : أنه يعتق عليه ، وعلى أنه إن قال : إن اشتريت عبد فلان فهو حر فاشتراه ، فإنه حر - فمن أين غلبت كل طائفة منهما في اجتماعهما في بيعه وابتياعه أحد الناذرين على الآخر ؟ فكان الأولى بهم أن يعتقوه عليهما جميعا ، فهذا نقض واحد . 
وأما قول  مالك    : يعتق على البائع - فخطأ ظاهر ; لأنه لا يخلو من أن يكون باعه ،  [ ص: 271 ] أو لم يبعه ، ولا سبيل إلى قسم ثالث . 
فإن كان باعه فقد ملكه غيره فبأي حكم تفسخ صفقة مسلم قد تمت ؟ وبأي حكم يعتق زيد عبد عمرو ؟ إن هذا لعجب وإن كان لم يبعه - فما يلزمه عتقه ; لأنه إنما نذر عتقه إن باعه - وهو لم يبعه - وهذا نفسه لازم  للشافعي  سواء سواء فظهر فساد أقوالهم - ولله الحمد . 
وقال  ابن أبي ليلى    : من قال : إن دخل غلامي دار زيد فهو حر - ثم باعه - ثم دخل الغلام دار زيد بعد مدة  ، فإنه يفسخ البيع فيه ، ويعتق على بائعه . 
ولعمري ما قول  مالك  ،  والشافعي  ببعيد من قول  ابن أبي ليلى    ; لأنهم كلهم قد اعتقوه عليه بعد خروجه عن ملكه ، وأبطلوا صفقة المشتري وصحة ملكه - وليت شعري ماذا يقول  ابن أبي ليلى  إن أعتقه المشتري قبل أن يدخل الغلام دار زيد ؟ أيفسخ عتقه ثم يعتقه على بائعه ؟ أو كانت أمة فأولدها المشتري ، ثم دخلت الدار ؟ 
				
						
						
