1185 - مسألة :
وأما الكسوة - فما وقع عليه اسم كسوة : قميص ، أو سراويل ، أو مقنع ، أو قلنسوة ، أو رداء ، أو عمامة ، أو برنس ، أو غير ذلك ، لأن الله تعالى عم ولم يخص .
ولو أراد الله تعالى كسوة دون كسوة لبين لنا ذلك { وما كان ربك نسيا } فتخصيص ذلك لا يجوز .
وروينا عن : أن رجلا سأله عن عمران بن الحصين ؟ فقال له الكسوة في الكفارة : أرأيت لو أن وفدا دخلوا على أميرهم فكسا كل رجل منهم قلنسوة ، قال الناس : إنه قد كساهم ؟ روينا من طريق عمران مسدد عن عبد الوارث التنوري عن محمد بن الزبير عن أبيه - : ومن طريق عن وكيع عن سفيان الثوري أشعث عن قال : تجزئ العمامة في كفارة اليمين . [ ص: 344 ] الحسن البصري
وهو قول ، سفيان الثوري والأوزاعي ، ، والشافعي . وأبي سليمان
وقال : لا تجزي إلا ما تجوز فيه الصلاة - وهذا لا وجه له ، لأنه قول بلا برهان - واختلف عن مالك في السراويل وحدها ، ولا يجزئ عنده عمامة فقط ، وقالوا : لو أن إنسانا لم يلبس إلا عمامة فقط ، لقال الناس : هذا عريان - : قال أبي حنيفة : وهذا ليس بشيء لأن الله تعالى لم يقل لنا : اكسوهم ما لا يقع عليهم به اسم عريان { أبو محمد وما كان ربك نسيا } .
ولو أن امرأ لبس قميصا ، وسراويل في الشتاء لقال الناس : هذا عريان - والعجب كله من إذ يمنع من أن تجزئ العمامة وهي كسوة ثم يقول : لو كساهم ثوبا واحدا يساوي عشرة أثواب ، أو أعطاهم بغلة ، أو حمارة تساوي عشرة أثواب أجزأه - : ثم تدبرنا هذا - : فرأينا ضرورة أن الكسوة على الإطلاق منافية للعري ، إذ ممتنع محال أن يكون كاسيا عاريا من وجه واحد ، لكن يكون كذلك من وجهين : مثل أن يكون بعضه كاسيا ، وبعضه عاريا أو يكون عليه كسوة تعمه ، ولا تستر بشرته كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبي حنيفة } فصح يقينا أن الكسوة لا يكون معها عري إذا كانت على الإطلاق ، والله تعالى قد أطلقها ، ولم يذكرها بإضافة . نساء كاسيات عاريات لا يدخلن الجنة
ولا شك في أن من عليه كسوة سابغة إلا أن رأسه عار أو ظهره أو عورته ، أو غير ذلك منه ، فإنه لا يسمى كاسيا ، ولا مكتسيا إلا بإضافة ، فوجب ضرورة أن لا تكون الكسوة إلا عامة لجميع الجسم ، ساترة له عن العيون ، مانعة من البرد ، لأنه بالضرورة يعلم أن من كان في " كانون الأول " مغطى برداء قصب فقط : أنه لا يسميه أحد كاسيا ، بل هو عريان .
وبالله تعالى التوفيق .