1237 - مسألة :
ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16651_16777ضمان الوجه أصلا ، لا في مال ولا في حد ، ولا في شيء من الأشياء لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل .
ومن طريق النظر إننا نسألهم عمن تكفل بالوجه فقط فغاب المكفول ماذا تصنعون بالضامن لوجهه ؟ أتلزمونه غرامة ما على المضمون - فهذا جور وأكل مال بالباطل - لأنه
[ ص: 408 ] لم يلتزمه قط ، أم تتركونه ؟ فقد أبطلتم الضمان بالوجه الذي جاذبتم فيه الخصوم ، وحكمتم بأنه لا معنى له ، أم تكلفونه طلبه ؟ فهذا تكليف الحرج ، وما لا طاقة له به ، وما لم يكلفه الله تعالى إياه قط ، ولا منفعة فيه ، ولعله يزول عن موضعكم ولا يطلبه ، ولكن يشتغل بما يعنيه .
وقولنا هذا هو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبي سليمان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : يجوز ضمان الوجه إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال : إن ضمن الوجه غرم المال ، إلا أن يقول الوجه خاصة ، فكان هذا التقسيم طريفا جدا ، وما يعلم أحد فرق بين قوله : أنا أضمن وجهه ، وبين قوله : أنا أضمن وجهه خالصة ، وكلا القولين لم يلتزم فيه غرامة مال ولا ضمانة أصلا ، فكيف يجوز أن يأخذ بغرامة مال لم يضمنه قط ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل - وما نعلم
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك في هذا التقسيم سلفا .
واحتج المجيزون ضمان الوجه بخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي عن
إبراهيم بن الحسن الهمذاني عن
محمد بن إسحاق البلخي عن
إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه
خثيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16560عراك عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50336أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفل في تهمة } . وبما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بعثه مصدقا على
بني سعد هذيم فذكر الخبر ، وفيه " أنه وجد فيهم رجلا وطئ أمة امرأته فولدت منه فأخذ
حمزة بالرجل كفيلا " لأنهم ذكروا له : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قد عرف خبره ، وأنه لم ير عليه رجما ، لكن جلده مائة ، فلما أتى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخبره الخبر ، فصدقهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، قال : وإنما درأ عنه الرجم لأنه عذره بالجهالة .
وبخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
أبي إسحاق عن
حارثة بن مضرب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أتي بقوم يقرون بنبوة
مسيلمة ، وفيهم
ابن النواحة فاستتابه فأبى ؟ فضرب عنقه ، ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباقين ؟ فأشار عليه
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم بقتلهم ، وأشار عليه
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس ،
nindex.php?page=showalam&ids=97وجرير بن عبد الله باستتابتهم وأن يكفلهم عشائرهم ، فاستتابهم ، فكفلهم عشائرهم ، ونفاهم إلى
الشام .
وذكروا : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا كفل في دم وحبسه في السجن ; وأن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كفل في حد ، قالوا : وهذا إجماع من الصحابة كما ترى .
[ ص: 409 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : في احتجاج من احتج بهذا كله دليل على رقة دين المحتج به ولا مزيد وعلى قلة مبالاته بالفضيحة العاجلة والخزي الآجل عند الله تعالى وما لهم حجة أصلا غير ما ذكرنا ، وكل ذلك باطل .
أما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فباطل لأنه من رواية
إبراهيم بن خثيم بن عراك ، وهو وأبوه في غاية الضعف ، لا تجوز الرواية عنهما ، ومعاذ الله من أن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا بتهمة ، وهو القائل : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12908إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث } والتهمة ظن .
ولو جاز أن يكفل إنسان بتهمة لوجب الكفيل على كل من على ظهر الأرض ، إذ ليس أحد بعد الصدر الأول يقطع ببراءته من التهمة - وهذا تخليط لا نظير له ، والمحتجون بهذا الخبر لا يقولون بما فيه من أخذ الكفالة في التهمة ، فمن أضل ممن يحتج بخبر يطلقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس فيه منه شيء ، وهو يخالف كل ما في ذلك الخبر ، ويرى الحكم بما فيه جورا وظلما ؟ نبرأ إلى الله تعالى من مثل هذا .
وأما خبر
حمزة بن عمرو الأسلمي فباطل لأنه عن
عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف - ثم المحتجون به أول مخالف لما فيه ، فليس منهم أحد يرى أن يجلد الجاهل في وطء أمة امرأته مائة ، ولا أن يدرأ الرجم عن الجاهل فكيف يستحلون أن يحتجوا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بعمل هو عندهم جور وظلم ، أما في هذا عجب وعبرة ما شاء الله كان .
وأيضا : فكلهم لا يجيز
nindex.php?page=treesubj&link=16651_23987_16777الكفالة في شيء من الحدود وهذا الخبر إنما فيه الكفالة في حد فاعجبوا لهذه العجائب ؟ وأما خبر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - فإننا رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ، كلهم عن
أبي إسحاق عن
حارثة بن مضرب عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وهذه الأسانيد هي أنوار الهدى لم يذكر أحد منهم في روايته أنه كفل بهم ، ولا ذكر منهم أحد كفالة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل وحده - وهو ضعيف - ولو كان ثقة ما ضر روايته من خالفها
[ ص: 410 ] من الثقات ، ولكنه ضعيف - ثم لو صحت لكان جميع المحتجين بها أول مخالف لها ، لأنهم كلهم لا يجيزون الكفالة في الردة تاب أو لم يتب ، ولا يرون التغريب على المرتد إذ تاب ، وليس هذا مكانا يمكنهم فيه دعوى نسخ بل هي أحكام مجموعة : إما صواب وحجة ، وإما خطأ وغير حجة :
nindex.php?page=treesubj&link=16651_23987_16777الكفالة بالوجه في الحدود وفي الردة ، والتغريب في الردة وجلد الجاهل المحض في الزنى مائة جلدة ، ولا يرجم ، فيا للمسلمين كيف يستحل من له مسكة حياء أن يحتج على خصمه بما هو أول مخالف له ؟ . وكذلك الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز إنما هي أنهما كفلا في حد ودم ، وهم لا يرون الكفالة فيهما أصلا ، وهي بعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح من طريق
جابر الجعفي - وهو كذاب - .
ولا يعرف هذا أيضا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
فإن كان ما ذكروا من هذه التكاذيب إجماعا كما زعموا فقد أقروا على أنفسهم بمخالفة الإجماع ، فسحقا وبعدا لمن خالف الإجماع ، نقول فيهم : كما قال تعالى فيمن اعترف على نفسه بالضلال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=11فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير }
وشهدوا على أنفسهم إلا إن أولئك نادمون ، وهؤلاء مصرون .
وأما نحن فلو صحت هذه الروايات كلها لما كان فيها حجة ، لأنها إنما هي عن خمسة من الصحابة رضي الله عنهم فقط ، وأين هذه من صلاة
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم إمامته قومه في مسجد
بني سلمة في تلك الصلاة وخلفه ثلاثة وأربعون بدريا مسمون بأسمائهم وأنسابهم سوى سائر أصحاب المشاهد منهم ، فلم يروا هذا إجماعا ، بل رأوها صلاة فاسدة ، ومعاذ الله من هذا ، بل هي والله صلاة مقدسة فاضلة ، حق ، وصلاة المخالفين لها هي الفاسدة حقا .
وأين هذا من إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه أرض
خيبر على نصف ما يخرج منها من زرع أو تمر إلى غير أجل مسمى ، لكن يقرونهم [ بها ] كما شاءوا ، ويخرجونهم إذا شاءوا ؟ فلم يروا هذا إجماعا ، بل رأوه معاملة فاسدة مردودة ، وحاشا لله من هذا ،
[ ص: 411 ] بل هو والله الإجماع المتيقن والحق الواضح ، وأقوال من خالف ذلك هي الفاسدة المردودة حقا ، ونحمد الله تعالى على ما من به .
ثم اعلموا الآن أنه لم يصح قط إباحة كفالة الوجه عن صاحب ولا تابع فهي باطل متيقن لا تجوز البتة - وبالله تعالى التوفيق .
تم " كتاب الكفالة " والحمد لله رب العالمين
1237 - مَسْأَلَةٌ :
وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16651_16777ضَمَانُ الْوَجْهِ أَصْلًا ، لَا فِي مَالٍ وَلَا فِي حَدٍّ ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ .
وَمِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ إنَّنَا نَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ تَكَفَّلَ بِالْوَجْهِ فَقَطْ فَغَابَ الْمَكْفُولُ مَاذَا تَصْنَعُونَ بِالضَّامِنِ لِوَجْهِهِ ؟ أَتُلْزِمُونَهُ غَرَامَةَ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ - فَهَذَا جَوْرٌ وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ - لِأَنَّهُ
[ ص: 408 ] لَمْ يَلْتَزِمْهُ قَطُّ ، أَمْ تَتْرُكُونَهُ ؟ فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ الضَّمَانَ بِالْوَجْهِ الَّذِي جَاذَبْتُمْ فِيهِ الْخُصُومَ ، وَحَكَمْتُمْ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ ، أَمْ تُكَلِّفُونَهُ طَلَبَهُ ؟ فَهَذَا تَكْلِيفُ الْحَرَجِ ، وَمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ ، وَمَا لَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ قَطُّ ، وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ، وَلَعَلَّهُ يَزُولُ عَنْ مَوْضِعِكُمْ وَلَا يَطْلُبُهُ ، وَلَكِنْ يَشْتَغِلُ بِمَا يَعْنِيه .
وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبِي سُلَيْمَانَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ : يَجُوزُ ضَمَانُ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا قَالَ : إنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ غَرِمَ الْمَالَ ، إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَجْهَ خَاصَّةً ، فَكَانَ هَذَا التَّقْسِيمُ طَرِيفًا جِدًّا ، وَمَا يَعْلَمُ أَحَدٌ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ : أَنَا أَضْمَنُ وَجْهَهُ ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ : أَنَا أَضْمَنُ وَجْهَهُ خَالِصَةً ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ غَرَامَةَ مَالٍ وَلَا ضَمَانَةً أَصْلًا ، فَكَيْفُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِغَرَامَةِ مَالٍ لَمْ يَضْمَنْهُ قَطُّ ؟ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ - وَمَا نَعْلَمُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ سَلَفًا .
وَاحْتَجَّ الْمُجِيزُونَ ضَمَانَ الْوَجْهِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيِّ عَنْ
إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمَذَانِيِّ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيّ عَنْ
إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمَ بْنِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ
خُثَيْمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16560عِرَاكٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50336أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَلَ فِي تُهْمَةٍ } . وَبِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنِ وَهْبٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا عَلَى
بَنِي سَعْدِ هُذَيْمٍ فَذَكَرَ الْخَبَرَ ، وَفِيهِ " أَنَّهُ وَجَدَ فِيهِمْ رَجُلًا وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَأَخَذَ
حَمْزَةُ بِالرَّجُلِ كَفِيلًا " لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَهُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَدْ عَرَفَ خَبَرَهُ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ رَجْمًا ، لَكِنْ جَلَدَهُ مِائَةً ، فَلَمَّا أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، فَصَدَّقَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ، قَالَ : وَإِنَّمَا دَرَأَ عَنْهُ الرَّجْمَ لِأَنَّهُ عَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ .
وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسْرَائِيلَ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ أُتِيَ بِقَوْمٍ يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ
مُسَيْلِمَةَ ، وَفِيهِمْ
ابْنُ النَّوَّاحَةِ فَاسْتَتَابَهُ فَأَبَى ؟ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، ثُمَّ إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَاقِينَ ؟ فَأَشَارَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ بِقَتْلِهِمْ ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=185الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=97وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِاسْتِتَابَتِهِمْ وَأَنْ يُكَفِّلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ ، فَاسْتَتَابَهُمْ ، فَكَفَّلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ ، وَنَفَاهُمْ إلَى
الشَّامِ .
وَذَكَرُوا : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحًا كَفَلَ فِي دَمٍ وَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ ; وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَفَلَ فِي حَدٍّ ، قَالُوا : وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا تَرَى .
[ ص: 409 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : فِي احْتِجَاجِ مَنْ احْتَجَّ بِهَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى رِقَّةِ دِينِ الْمُحْتَجِّ بِهِ وَلَا مَزِيدَ وَعَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْفَضِيحَةِ الْعَاجِلَةِ وَالْخِزْيِ الْآجِلِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ .
أَمَّا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاطِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ
إبْرَاهِيمَ بْنِ خُثَيْمَ بْنِ عِرَاكٍ ، وَهُوَ وَأَبُوهُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ ، لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُمَا ، وَمَعَاذَ اللَّهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا بِتُهْمَةٍ ، وَهُوَ الْقَائِلُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12908إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ } وَالتُّهْمَةُ ظَنٌّ .
وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكْفُلَ إنْسَانٌ بِتُهْمَةٍ لَوَجَبَ الْكَفِيلُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، إذْ لَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ يُقْطَعُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ التُّهْمَةِ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ لَا نَظِيرَ لَهُ ، وَالْمُحْتَجُّونَ بِهَذَا الْخَبَرِ لَا يَقُولُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ الْكَفَالَةِ فِي التُّهْمَةِ ، فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِخَبَرٍ يُطْلِقُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَهُوَ يُخَالِفُ كُلَّ مَا فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ ، وَيَرَى الْحُكْمَ بِمَا فِيهِ جَوْرًا وَظُلْمًا ؟ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ مِثْلِ هَذَا .
وَأَمَّا خَبَرُ
حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ فَبَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ ضَعِيفٌ - ثُمَّ الْمُحْتَجُّونَ بِهِ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِمَا فِيهِ ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْجَاهِلُ فِي وَطْءِ أَمَةِ امْرَأَتِهِ مِائَةً ، وَلَا أَنْ يُدْرَأَ الرَّجْمُ عَنْ الْجَاهِلِ فَكَيْف يَسْتَحِلُّونَ أَنْ يَحْتَجُّوا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعَمَلٍ هُوَ عِنْدَهُمْ جَوْرٌ وَظُلْمٌ ، أَمَا فِي هَذَا عَجَبٌ وَعِبْرَةٌ مَا شَاءَ اللَّه كَانَ .
وَأَيْضًا : فَكُلُّهُمْ لَا يُجِيزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16651_23987_16777الْكَفَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَهَذَا الْخَبَرُ إنَّمَا فِيهِ الْكَفَالَةُ فِي حَدٍّ فَاعْجَبُوا لِهَذِهِ الْعَجَائِبِ ؟ وَأَمَّا خَبَرُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17293يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، كِلَاهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16834قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ .
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16102وَشُعْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، كُلُّهُمْ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
حَارِثَةَ بْنَ مُضَرِّبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ هِيَ أَنْوَارُ الْهُدَى لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِهِمْ ، وَلَا ذَكَرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَفَالَةً إلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسْرَائِيلَ وَحْدَهُ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَلَوْ كَانَ ثِقَةً مَا ضَرَّ رِوَايَتَهُ مَنْ خَالَفَهَا
[ ص: 410 ] مِنْ الثِّقَاتِ ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَ جَمِيعُ الْمُحْتَجِّينَ بِهَا أَوَّلَ مُخَالِفٍ لَهَا ، لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الْكَفَالَةَ فِي الرِّدَّةِ تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ ، وَلَا يَرَوْنَ التَّغْرِيبَ عَلَى الْمُرْتَدِّ إذْ تَابَ ، وَلَيْسَ هَذَا مَكَانًا يُمَكِّنُهُمْ فِيهِ دَعْوَى نَسْخٍ بَلْ هِيَ أَحْكَامٌ مَجْمُوعَةٌ : إمَّا صَوَابٌ وَحُجَّةٌ ، وَإِمَّا خَطَأٌ وَغَيْرُ حَجَّةٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=16651_23987_16777الْكَفَالَةُ بِالْوَجْهِ فِي الْحُدُودِ وَفِي الرِّدَّةِ ، وَالتَّغْرِيبُ فِي الرِّدَّةِ وَجَلْدُ الْجَاهِلِ الْمَحْضِ فِي الزِّنَى مِائَةَ جَلْدَةٍ ، وَلَا يُرْجَمُ ، فَيَا لِلْمُسْلِمِينَ كَيْف يَسْتَحِلُّ مَنْ لَهُ مُسْكَةُ حَيَاء أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى خَصْمِهِ بِمَا هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ ؟ . وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إنَّمَا هِيَ أَنَّهُمَا كَفَلَا فِي حَدٍّ وَدَمٍ ، وَهُمْ لَا يَرَوْنَ الْكَفَالَةَ فِيهِمَا أَصْلًا ، وَهِيَ بَعْدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ مِنْ طَرِيقِ
جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ - وَهُوَ كَذَّابٌ - .
وَلَا يُعْرَفَ هَذَا أَيْضًا يَصِحُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ .
فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرُوا مِنْ هَذِهِ التَّكَاذِيبِ إجْمَاعًا كَمَا زَعَمُوا فَقَدْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُخَالِفَةِ الْإِجْمَاعِ ، فَسُحْقًا وَبُعْدًا لِمَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ ، نَقُولُ فِيهِمْ : كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيمَنْ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالضَّلَالِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=11فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ }
وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إلَّا إنَّ أُولَئِكَ نَادِمُونَ ، وَهَؤُلَاءِ مُصِرُّونَ .
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا لَمَا كَانَ فِيهَا حُجَّةٌ ، لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَطْ ، وَأَيْنَ هَذِهِ مِنْ صَلَاةِ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إمَامَتِهِ قَوْمَهُ فِي مَسْجِدِ
بَنِي سَلِمَةَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَخَلْفَهُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ بَدْرِيًّا مُسَمَّوْنَ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ سِوَى سَائِرِ أَصْحَابِ الْمَشَاهِدِ مِنْهُمْ ، فَلَمْ يَرَوْا هَذَا إجْمَاعًا ، بَلْ رَأَوْهَا صَلَاةً فَاسِدَةً ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا ، بَلْ هِيَ وَاَللَّهِ صَلَاةٌ مُقَدَّسَةٌ فَاضِلَةٌ ، حَقٌّ ، وَصَلَاةُ الْمُخَالِفِينَ لَهَا هِيَ الْفَاسِدَةُ حَقًّا .
وَأَيْنَ هَذَا مِنْ إعْطَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ أَرْضَ
خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ تَمْرٍ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ مُسَمًّى ، لَكِنْ يُقِرُّونَهُمْ [ بِهَا ] كَمَا شَاءُوا ، وَيُخْرِجُونَهُمْ إذَا شَاءُوا ؟ فَلَمْ يَرَوْا هَذَا إجْمَاعًا ، بَلْ رَأَوْهُ مُعَامَلَةً فَاسِدَةً مَرْدُودَةً ، وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا ،
[ ص: 411 ] بَلْ هُوَ وَاَللَّهِ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ وَالْحَقُّ الْوَاضِحُ ، وَأَقْوَالُ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ هِيَ الْفَاسِدَةُ الْمَرْدُودَةُ حَقًّا ، وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا مَنَّ بِهِ .
ثُمَّ اعْلَمُوا الْآنَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ قَطُّ إبَاحَةُ كَفَالَةِ الْوَجْهِ عَنْ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ فَهِيَ بَاطِلٌ مُتَيَقَّنٌ لَا تَجُوزُ الْبَتَّةُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
تَمَّ " كِتَابُ الْكَفَالَةِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ