1296 - مسألة : ولا يجوز استئجار شاة أو بقرة أو ناقة أو غير ذلك - لا واحدة ولا أكثر - للحلب أصلا ; لأن الإجارة إنما هي في المنافع خاصة ، لا في تملك الأعيان ، وهذا تملك اللبن ، وهو عين قائمة ، فهو بيع لا إجارة ، وبيع ما لم ير قط ، ولا تعرف صفته باطل . - وهو قول ، أبي حنيفة . والشافعي
ولم يجز إجارة الشاة ولا الشاتين للحلب ، وأجاز مالك - وأجاز إجارة القطيع من ذوات اللبن للحلب - وهذا كله خطأ وتناقض ; لأنه فرق بين القليل والكثير بلا برهان أصلا . استئجار البقرة للحرث ، واشتراط لبنها
ثم لم يأت بحد بين ما حرم وما حلل ، فمزج الحرام بالحلال بغير بيان ، وهذا كما ترى ؟ [ ص: 13 ] وفرض على كل من حلل وحرم أن يبين للناس ما يحرم عليهم مما يحل لهم إن كان يعرف ذلك ، فإن لم يعرفه فالسكوت هو الواجب الذي لا يحل غيره .
ثم أجاز ذلك في الرأس الواحد من البقر - وهذا تناقض فاحش .
وكذلك أجاز كراء تكون فيها الشجرة أو النخلة واستثناء ثمرتها وإن لم تكن فيها حين الإجارة ثمرة إذا كانت الثمرة أقل من ثلث الكراء وإلا فلا يجوز - ولا يعرف هذا التقسيم عن أحد قبله ولا دليل على صحة شيء منه ، ولئن كان الكثير مما ذكرنا حلالا فالقليل من الحلال حلال ، وإن كان حراما فالقليل من الحرام حرام .
وهذا بعينه أنكروا على الحنيفيين إذا أباحوا القليل مما يسكر كثيره وقد وافقونا على أنه لا يحل كراء الطعام ليؤكل - فما الفرق بين ذلك وبين ما أباحوه من كراء الدار بالثمرة التي لم تخلق فيها لتؤكل ، وبين كراء الغنم لتحلب .
فإن قالوا : قسنا ذلك على استئجار الظئر . قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان ههنا باطلا لأن أصح القياس ههنا - : أن يقاس استئجار الشاة الواحدة للحلب على استئجار الظئر الواحدة للرضاع فحرمتم ذلك ، ثم قستم حيث لا تشابه بينهما من البقرة للحدث ومن القطيع الكثير عدده ، والعلة المانعة عندهم من إجارة الرأس الواحد للحلب موجودة في الظئر ولا فرق ، وما رأينا أجهل بالقياس ممن هذا قياسه - وبالله تعالى التوفيق .