1596 مسألة : ولا شفعة إلا في البيع وحده ، ولا شفعة في صداق ولا في إجارة ، ولا في هبة ، ولا غير ذلك ، وهو قول جماعة من السلف .
كما روينا من طريق أنا سعيد بن منصور عن هشيم عن منصور بن المعتمر الحسن أنه كان لا يرى الشفعة في الصداق
ومن طريق أنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري قال : بلغني عن منصور بن المعتمر الشعبي أنه قال : لا شفعة في صداق وهو قول ، وأصحابه ، أبي حنيفة ، وأصحابنا ، وأبي سليمان . والليث بن سعد
وقال الحارث العكلي ، ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والحسن بن حي ، ومالك في الصداق والشفعة . والشافعي
ثم اختلفوا فقال العكلي : يأخذ الشفيع بصداق مثلها ، وقال والشافعي ، ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة والحسن بن حي : يأخذه بقيمة الشقص وأوجب ومالك ، مالك : والشافعي . الشفعة في الإجارة
قال : إن قيل : فهلا أخذتم بإيجاب الشفعة في كل ذلك بعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضائه بالشفعة في كل ما لم يقسم ؟ قلنا : لم يجز ما تقولون ; لأن " الشفعة " ليست لفظة قديمة إنما هي لفظة شريعية لم تعرف أبو محمد العرب معناها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم تعرف لفظة " الصلاة " ولفظة " الزكاة " ولفظة " الصيام " ولفظة " الكفارة " ولفظة " النسك " ولفظة " الحد " الوارد كل ذلك في [ ص: 14 ] الدين ، حتى بينها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم تعرفه العرب قط : من صفة الركوع ، والسجود ، والقراءة ، وما يعطى من الأموال ، وما يمتنع منه في رمضان ، وغير ذلك ، وكذلك " الشفعة " من هذا الباب لا يدري أحد ما المراد بها حتى بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بين أن ذلك في البيع ، ولم يذكرها غير ذلك ، فلم يجز أن يتعدى بها بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الظنون الكاذبة .
فإن قالوا : قسنا الصداق ، والإجارة على البيع ؟ قلنا : هذا باطل ; لأن القياس كله باطل .
ثم لو صح لكان هذا منه عين الفساد ; لأن الصداق ، والإجارة لا يشبهان البيع في شيء من الأشياء ، وإنما القياس عند القائلين به أن يحكم للشيء بحكم نظيره ، والبيع تمليك للمبيع ، وليست الإجارة تمليكا للمؤاجر ، إنما هي إباحة للمنافع الحادثة الظاهرة ، ولا الصداق تمليكا للرقبة ، ولا يحل بيع ما لم يخلق ، والإجارة إنما هي فيما لم يخلق من المنافع ، والنكاح يجوز بلا ذكر صداق ، ولا يجوز البيع بغير ذكر ثمن .
ثم اختلافهم في ذلك أبصداق مثلها أم بقيمة الشقص ؟ بيان أنه رأي فاسد متعارض ليس أحد القولين أولى من الآخر .
وليت شعري أين كانوا عن هذا القياس في أن يقيسوا على الأرضين في " الشفعة " سائر الأموال ؟ وهذا أصح في القياس لو صح القياس يوما .
فإن ذكروا الخبر الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم { } فهذا باطل ; لأنه عمن لم يسم عن من ابتاع دينا على رجل فصاحب الدين أولى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لو صح لم ينتفعوا به ; لأنه في البيع أيضا ، فهو حجة عليهم في منعهم من الشفعة فيما عدا العقار . عمر بن عبد العزيز