[ ص: 39 ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله وسلم كتاب السلم 1613 مسألة : قال رضي الله عنه : السلم ليس بيعا ; لأن التسمية في الديانات ليست إلا لله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم السلف ، أو التسليف ، أو السلم . أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم
. والبيع يجوز بالدنانير وبالدراهم حالا وفي الذمة إلى غير أجل مسمى وإلى الميسرة
ولا بد والسلم لا يجوز إلا إلى أجل مسمى . والبيع يجوز في كل متملك لم يأت النص بالنهي عن بيعه
ولا يجوز السلم إلا في مكيل أو موزون فقط .
ولا يجوز في حيوان ولا مذروع ولا معدود ولا في شيء غير ما ذكرنا .
والبيع لا يجوز فيما ليس عندك .
والسلم يجوز فيما ليس عندك .
والبيع لا يجوز ألبتة إلا في شيء بعينه .
ولا يجوز أصلا . السلم في شيء بعينه
برهان ذلك : ما روينا من طريق نا مسلم ، شيبان بن فروخ ويحيى بن يحيى ، ، قال وأبو بكر بن أبي شيبة يحيى ، وأبو بكر عن ابن علية . [ ص: 40 ]
قال : هذا في كتابي عن أبو محمد ابن نامي ، وفي كتاب غيري عن وقال ابن عيينة شيبان نا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، ثم اتفق عبد الوارث والآخر ، كلاهما عن ابن أبي نجيح حدثني عن عبد الله بن كثير أبي المنهال عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } . من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم
فهذا منع السلف وتحريمه ألبتة إلا في مكيل أو موزون .
ومن طريق أحمد بن شعيب أنا نا قتيبة بن سعيد عن سفيان بن عيينة ابن أبي نجيح عن عن عبد الله بن كثير أبي المنهال عن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } من أسلف سلفا فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم
ومن طريق نا وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير أبي المنهال عن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } ففي هذا إيجاب الأجل المعلوم . من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم
وقد صح { بيع الغرر وعن بيع ما ليس عندك } فصح ما قلنا نصا ولله تعالى الحمد . نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن
وقد فرق الأوزاعي ، وجمهور الحنفيين ، والمالكيين ، وأصحابنا الظاهريين بين البيع والسلم .
قال ابن القصار : ما كان بلفظ البيع جاز حالا ، وما كان بلفظ السلم لم يجز إلا بأجل .
وقال الأوزاعي : ما كان أجله ثلاثة أيام فأقل فهو بيع ، وما كان أجله أكثر فهو سلم .
قال القمي وهو من كبار الحنفيين : السلم ليس بيعا ، وفيما ذكرنا خلاف نذكر منه ما يسر الله تعالى لذكره : [ ص: 41 ] فطائفة كرهت السلم جملة : كما روينا عن نا محمد بن المثنى نا عمرو بن عاصم الكلابي نا همام بن يحيى عن قتادة أبي كثير عن أنه كان يكره السلم كله . أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ليث عن عطاء قال : نهي عن العينة . ابن عمر
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن معاذ بن معاذ قال : ذكروا عند عبد الله بن عون العينة فقال : نبئت أن محمد بن سيرين كان يقول : دراهم بدراهم وبينهما جريرة . ابن عباس
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن حفص أشعث عن الحكم عن قال : العينة حرام . مسروق
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن الربيع بن صبيح الحسن ، أنهما كرها العينة ، وما دخل الناس فيه منها . وابن سيرين
ومن طريق نا ابن أبي شيبة الفضل بن دكين عن أبي جناب ، وزيد بن مردانبة قالا : كتب إلى عمر بن عبد العزيز عبد الحميد : انه من قبلك عن العينة ، فإنها أخت الربا .
قال : العينة هي السلم نفسه ، أو بيع سلعة إلى أجل مسمى ، ولا خلاف في هذا ، فبقي السلم . أبو محمد
قال : لا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأباح علي مالك وأبو حنيفة بغير ذكر وزنه ومنعا من السلف حالا ، فكان هذا عجبا من قولهما ; لأنه إن كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { السلم في المعدود ، والمذروع من الثياب } مانعا من أن يكون السلم حالا ، أو نقدا ، فإن نهيه عليه السلام عن أن يسلف إلا في كيل معلوم ، أو وزن معلوم أشد في التحريم وأوكد في المنع من السلم في غير كيل أو وزن ، ولئن كان القياس على المكيل ، والموزون ، والمذروع ، والمعدود جائزا فإن قياس جواز الحلول والنقد على جواز الأجل أولى ، فظهر فساد قولهما بيقين لا شك فيه ، بل المنع من السلف في غير [ ص: 42 ] المكيل والموزون أوضح ، لأنه جاء بلفظ النهي ، ولا يجوز القياس عند القائلين به إذا خالف النص . إلى أجل معلوم
وأما فأجاز الشافعي قياسا على جوازه إلى أجل ، وأجاز السلم حالا قياسا على المكيل والموزون ، فانتظم خلاف الخبر في كل ما جاء فيه ، وكان أطردهم للقياس وأفحشهم خطأ . السلم في كل شيء
فإن قيل : إن السلم بيع استثني من جملة بيع ما ليس عندك ؟ قلنا : هذا باطل ; لأنه دعوى بلا دليل وليس كل ما عوض فيه بآخر بيعا ، فهذا القرض مال بمال ، وليس بيعا بلا خلاف .
ولم يجز السلم في الحيوان ، وأجازه أبو حنيفة ، مالك وما نعلم لتخصيصهم الحيوان بالمنع من - السلم فيه دون سائر ما أباحوا السلم فيه من غير المكيل والموزون : حجة أصلا ، إلا أن بعضهم موه بأنه قد روي عن والشافعي أنه قال : من الربا ما لا يكاد يخفى كالسلم في سن . عمر
قالوا : حجة في اللغة ، ولا يقول مثل هذا إلا بتوقيف . وعمر
فقلنا له : هذا لا يسند عن ثم لو صح لكان حجة عليكم ; لأن في هذا الخبر نفسه أنه نهى عن بيع الثمرة ، وهي مغضفة لما تطب بعد ، وأنتم تجيزونه على القطع فمرة عمر حجة ، ومرة ليس هو بحجة . عمر
وروينا من طريق نا ابن أبي شيبة ابن أبي زائدة عن عن وكيع عن معمر قال : قال القاسم بن عبد الرحمن : من الربا أن تباع الثمرة وهي مغضفة لما تطب . عمر
ومن طريق نا سعيد بن منصور أبو عوانة عن ابن بشر عن قال : سألت سعيد بن جبير عن الرهن في السلف ؟ فقال : ذلك الربا المضمون ، وهم يجيزون الرهن في السلف ، ولم يكن قول ابن عمر في ذلك إنه الربا بأصح طريق حجة في أنه ربا ما شاء الله كان . ابن عمر
وأما المالكيون ، والشافعيون : فإنهم احتجوا بما روي من طريق { أنه كان يبتاع البعير بالقلوصين والثلاثة إلى إبل الصدقة بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأمره عبد الله بن عمرو بن العاص } [ ص: 43 ] وهذا حديث في غاية فساد الإسناد : رويناه من طريق ، فمرة رواه عن محمد بن إسحاق ولا يدرى من هو عن أبي سفيان مسلم بن كثير ولا يدرى من هو وعن عمرو بن دينار الدينوري ولا يدرى من هو عن عمرو بن حريش الزبيدي ولا يدرى من هو .
ومرة قلب الإسناد ; فجعل أوله آخره وآخره أوله : فرواه عن عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم جبير ولا يدرى من هو عن ولا يدرى من هو عن أبي سفيان عمرو بن حريش .
ومثل هذا لا يلتفت إليه إلا مجاهر بالباطل أو جاهل أعمى .
ثم لو صح لكان حجة على المالكيين ، والشافعيين : لأن الأجل عندهم إلى الصدقة لا يجوز ، فقد خالفوه ، ومجيء إبل الصدقة كان على عهده عليه السلام يختلف اختلافا عظيما منه على أقل من يوم كبلي وجهينة ، ومنه على عشرين يوما كتميم ، وطيئ .
وأيضا : فإن المالكيين لا يجيزون إلا بشرط اختلافها في الرحلة والنجابة ، وليس هذا مذكورا في هذا الحديث . سلم الإبل في الإبل
فإن قالوا : نحمله على هذا ؟ قلنا : إن فعلتم كنتم قد كذبتم وزدتم في الخبر ما ليس فيه ، وما لم يرو قط في شيء من الأخبار .
ولقد كان يلزم الحنفيين المحتجين بكل بلية ، كالوضوء من القهقهة في الصلاة ، والوضوء بالخمر : أن يأخذوا بهذا الخبر ; لأنه مثلها .
وقد قال بعضهم : لم يكن ذلك بعلم النبي صلى الله عليه وسلم .
فقلنا : هذا عجب يكون قول " من الربا السلم في سن " مضافا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالظن الكاذب ، ويكون هذا الخبر بغير علم النبي صلى الله عليه وسلم وفي نصه : { عمر } [ ص: 44 ] ولا تموهوا بما روي من أنه كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكر فقضاه ، فإنه صح أنه كان قرضا كما ذكرناه في " كتاب القرض " من ديواننا هذا . فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ في إبل الصدقة ، فكنت أبتاع البعير بالقلوصين والثلاثة إلى إبل الصدقة ، فلما قدمت الصدقة قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأف أف لعدم الحياء
وكذلك { وصفية أم المؤمنين بسبعة أرؤس } : فكل ذلك كان نقدا . ابتياع النبي صلى الله عليه وسلم العبد الذي هاجر إليه بعبدين
ولقد كان يلزم المالكيين المحتجين بخبر في أن العمرة تطوع ، وبتلك المراسيل والبلايا أن يقولوا : بما رويناه من طريق الحجاج بن أرطاة أحمد بن شعيب نا عمرو بن علي أنا ، يحيى بن سعيد القطان ، ويزيد بن زريع كلهم قال : نا وخالد بن الحارث سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة الحسن عن { سمرة بن جندب } نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة .
ومن طريق نا ابن أبي شيبة ابن أبي زائدة عن عن الحجاج بن أرطاة عن الزبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر } الحيوان اثنان بواحد لا بأس به يدا بيد ولا خير فيه نساء .
ومن طريق نا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال : { عكرمة مولى ابن عباس } ، وهذا من أحسن المراسيل فخالفه المالكيون جملة . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة
وأجازوا الحيوان كله بالحيوان من غير جنسه نسيئة .
وأجازوه من جنس واحد إذا اختلفت أوصافه بتخاليط لا تعقل .
ونسي الحنفيون قولهم : إن قول النبي صلى الله عليه وسلم { الزكاة في السائمة } دليل على أن غير السائمة لا زكاة فيها ، فهلا قالوا هاهنا : نهيه عليه الصلاة والسلام عن الحيوان بالحيوان نسيئة دليل على جواز العروض بالحيوان نسيئة ، ولكنهم قوم لا يفقهون .
وأجاز الحنفيون ومنعوا من المكاتبة على الوصفاء ، وإصداق الوصفاء في الذمة فقالوا : النكاح يجوز فيه ما لا يجوز في البيوع ؟ قلنا : والسرقة حكمها غير حكم النكاح ، وقد قستم ما يكون صداقا على ما تقطع فيه اليد ، وما في حكم إلا ، وهو يخالف سائر الأحكام ثم لم يمنعكم ذلك من قياس بعضها على بعض حيث اشتهيتم . السلم في الوصفاء
[ ص: 45 ] قال : وممن روي عنه مثل قولنا : كما روينا من طريق أبو محمد عن شعبة الأسود بن قيس أنه سمع نبيحا العنزي عن قال : السلم بالسعر ، ولكن استكثر بدراهمك أو بدنانيرك إلى أجل مسمى وكيل معلوم أبي سعيد الخدري
ومن طريق سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن مثله . أبي سعيد
ومن طريق نا محمد بن المثنى محمد بن محبب نا عن سفيان الثوري أبي حيان التيمي عن رجل عن نزلت هذه الآية { ابن عباس إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى } في السلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم .
ومن طريق نا وكيع عيسى الحناط عن أبيه سمعت يقول : كيل معلوم إلى أجل معلوم . ابن عمر
عن إباحة ابن عمر وهي ثياب وفي الحرير . السلم في الكرابيس
وعن في السبائب وهو الكتان وكل ذلك يمكن وزنه ، وما نعلم عن أحد من الصحابة إجازة سلم حال ، ولا في غير مكيل ، ولا موزون إلا ما اختلفوا فيه من ابن عباس : فاختلف فيه عن السلم في الحيوان ، علي وابن مسعود . وابن عمر
وروينا أيضا : إباحته عن باستدلال لا بنص . ابن عباس
وروينا النهي عن ذلك عن ، عمر ، وحذيفة صحيحا ، وغيره من الصحابة رضي الله عنهم وبالله تعالى التوفيق . وعبد الرحمن بن سمرة