1792 - مسألة : مقبولة في كل شيء لسيدهما ولغيره كشهادة الحر والحرة ولا فرق . وشهادة العبد والأمة
وقد اختلف الناس في هذا - : فصح ما روينا من طريق عن ابن وهب عن يونس الزهري عن : أن سعيد بن المسيب قضى في الصغير يشهد بعد كبره ، والنصراني بعد إسلامه ، والعبد بعد عتقه : أنها جائزة إن لم تكن ردت عليهم - . عثمان بن عفان
وروينا من طريق ، عمرو بن شعيب عن وعطاء مثل ذلك . [ ص: 501 ] عمر بن الخطاب
وروينا ذلك في شهادة العبد من طريق عن عبد الرزاق أبي بكر عن عمرو بن سليم عن عن ابن المسيب . عمر
ومن طريق عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء : لا تجوز شهادة العبد . ابن عباس
ومن طريق أبي عبيد عن حسان بن إبراهيم الكرماني عن إبراهيم الصائغ عن عن نافع : لا تجوز ابن عمر ما بقي عليه درهم . شهادة المكاتب
وروينا من طريق عن ابن أبي شيبة ، ابن المبارك قال ووكيع : عن ابن المبارك عن ابن جريج ، وقال عطاء : عن وكيع زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قالا جميعا : لا تجوز شهادة العبد .
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن محمد بن راشد لا تجوز شهادة العبد . مكحول
ومن طريق عن وكيع عن سفيان الثوري ابن أبي نجيح عن قال : { مجاهد شهيدين من رجالكم } قال : من الأحرار - قال : ولا يجيز وكيع سفيان شهادة عبد - وهو قول . وكيع
ومن طريق نا ابن أبي شيبة ، عيسى بن يونس ، ووكيع ، وعبد الرحمن بن مهدي ، قال ومعاذ بن معاذ عيسى : عن الأوزاعي عن الزهري ، وقال : عن وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة إبراهيم النخعي ، وقال : عن عبد الرحمن بن مهدي ، حماد بن سلمة وأبي عوانة ، قال أبو عوانة : عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه ، وقال حماد بن سلمة : عن عن قتادة ، وقال شريح : عن معاذ بن معاذ - عن أشعث هو ابن عبد الملك الحمراني الحسن البصري ، وقالوا كلهم : في العبد يؤدي الشهادة فترد ثم يعتق فيشهد بها : أنها لا تجوز ، إلا الحسن ، والحكم فإنهما قالا : إنها تجوز .
ومن طريق أبي عبيد عن عن عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل بن يونس منصور عن قال : أهل مجاهد مكة ، وأهل المدينة : لا يجيزون شهادة العبد .
ومن طريق عن شعبة مغيرة عن قال : لا تجوز شهادة المكاتب ، ولا يرث [ ص: 502 ] إبراهيم
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر : إذا قتادة لم تقبل - وروي ذلك عن شهد العبد فردت شهادته ، ثم أعتق فشهد بها المدينة السبعة - وهو قول فقهاء . أبي الزناد
وبه يقول أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن حي ، وأحد قولي وأبو عبيد . ابن شبرمة
وأجازت طائفة شهادة العبد في بعض الأحوال ، وردتها في بعض - : كما روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا ، علي بن المديني ، وسليمان بن حرب وإبراهيم الهروي ، قال عن علي جرير عن منصور عن إبراهيم عن ، وقال شريح سليمان : عن أبي عوانة عن عن مطرف بن طريف الشعبي وقال الهروي : عن هشام أنا مغيرة عن : إنهم ثلاثتهم كانوا يجيزون شهادة العبد في الشيء اليسير . إبراهيم
ومن طريق نا عبد الرزاق محمد بن يحيى المازني عن عن سفيان الثوري قال : لا تجوز شهادة العبد لسيده ، وتجوز لغيره . إبراهيم النخعي
ومن طريق جابر الجعفي عن الشعبي في العبد يعتق بعضه أن شهادته جائزة .
وأجازت طائفة شهادته في كل شيء كالحر - : كما روينا من طريق نا ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث النخعي أشعث عن الشعبي قال : قال : لا تجوز شهادة العبد ; فقال شريح : لكنا نجيزها ، فكان علي بعد ذلك يجيزها إلا لسيده . شريح
وبه إلى نا ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث قال : سألت المختار بن فلفل عن شهادة العبد ؟ فقال : جائزة . أنس بن مالك
ومن طريق نا وكيع سفيان الثوري عن قال : شهدت عمار الدهني شهد عنده عبد على دار فأجاز شهادته فقيل : إنه عبد ؟ فقال شريحا : كلنا عبيد وإماء . شريح
ومن طريق نا أبي نا عبد الله بن أحمد بن حنبل نا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد يحيى بن عتيق عن : أنه كان لا يرى بشهادة المملوك بأسا إذا كان عدلا محمد بن سيرين
ومن طريق ابن الجهم عن إسماعيل بن إسحاق القاضي نا نا [ ص: 503 ] عارم بن الفضل عن عبد الله بن المبارك يعقوب عن قال : شهادة العبد ، والمرأة جائزة في النكاح ، والطلاق . عطاء بن أبي رباح
كتب إلي عبد الله بن عبد الواحد عن الحسن بن عبد الواحد قال : نا نا أبو مسلم الكاتب عبد الله بن أحمد بن المغلس نا نا أبي نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : نا عفان بن مسلم قال : سئل حماد بن سلمة عن شهادة العبد ؟ قال : أنا أرد شهادة إياس بن معاوية على الإنكار لردها . عبد العزيز بن صهيب
قال : وهو قول أبو محمد ، زرارة بن أوفى ، وعثمان البتي ، وأبي ثور ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأصحابهم ، وأحد قولي وأبي سليمان . ابن شبرمة
قال : أما قول علي ، عمر الذي صدرنا به فهو على الحنفيين ، والمالكيين ، والشافعيين لا لهم ; لأنهم خالفوهما في الصبي يشهد فيرد ، ثم يبلغ فيشهد . وعثمان
فقالوا : يقبل .
ومن الباطل أن يكون بعض قول عمر حجة ، وبعضه غير حجة ، وهذا تلاعب بالدين ممن سلك هذا الطريق - وهو عن وعثمان لا يصح ; لأنه عن ابن عباس ، فلم يبق لهم إلا الحجاج بن أرطاة ، وقد صح خلافه عن ابن عمر - فبطل تعلقهم بالآثار ، وبقي الاحتجاج بالقرآن والسنة . أنس
قال : أما قول أبو محمد ومن اتبعه : { مجاهد شهيدين من رجالكم } من الأحرار ، فباطل وزلة عالم ، وتخصيص لكلام الله تعالى بلا برهان ، وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم : أن العبيد رجال من رجالنا ، وأن الإماء نساء من نسائنا ، قال تعالى : { نساؤكم حرث لكم } فدخل في ذلك - بلا خلاف - الحرائر والإماء - فظهر فساد هذا القول ، وإنما خاطب الله تعالى في أول الآية الذين آمنوا : والعبيد ، بلا خلاف منهم ، فهم في جملة المخاطبين بالمداينة ، والإشهاد والشهادة .
واحتج بعضهم بقول الله تعالى : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء }
قال : تحريف كلام الله تعالى عن مواضعه مهلك في الدنيا والآخرة ، [ ص: 504 ] ولم يقل تعالى : إن كل عبد فهو لا يقدر على شيء ، إنما ضرب الله تعالى المثل بعبد من عباده هذه صفته ، وقد توجد هذه الصفة في كثير من الأحرار ، ومن نسب غير هذا إلى الله تعالى فقد كذب عليه جهارا ، وأتى بأكبر الكبائر ; لأن الله تعالى لا يقول إلا حقا ، وبالمشاهدة نعرف كثيرا من العبيد أقدر على الأشياء من كثير من الأحرار . أبو محمد
ونقول لهم : هل يلزم العبيد الصلاة ، والصيام ، والطهارة ، ويحرم عليهم من المآكل ، والمشارب ، والفروج ، كل ما يحرم على الأحرار ، فمن قولهم : نعم ، فقد أكذبوا أنفسهم ، وشهدوا بأنهم يقدرون على أشياء كثيرة - فبطل تعلقهم وتمويههم بهذه الآية .
وقالوا : { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } .
قالوا : والعبد لا يقدر على أداء الشهادة ; لأنه مكلف خدمة سيده .
فقلنا : كذب من قال هذا ، بل هو قادر على أداء الشهادة كما يقدر على الصلاة ، وعلى النهوض إلى من يتعلم منه ما يلزمه من الدين .
ولو سقط عن العبد القيام بالشهادة لشغله بخدمة سيده لسقط أيضا عن الحرة ذات الزوج لشغلها بملازمة زوجها .
وقال بعضهم : العبد سلعة وكيف تشهد سلعة ؟ فقلنا : فكان ماذا ؟ تشهد السلعة ، كما يلزم السلعة الصلاة ، والصيام ، والقول بالحق - وما نعلم لهم في هذه المسألة متعلقا ، لا بقرآن ، ولا بسنة ، ولا رواية صحيحة ، ولا سقيمة ، ولا نظر ولا معقول ، ولا قياس ، إلا بتخاليط في غاية الفساد ، وأهذار باردة - وقد تقصينا هذا في " كتاب الإيصال " والحمد لله رب العالمين .
قال : وكل نص في قرآن أو سنة في شيء من أحكام الشهادات فكلها شاهدة بصحة قولنا ، إذ لو أراد الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام تخصيص عبد من حر في ذلك لكان مقدورا عليه : { أبو محمد وما كان ربك نسيا }
قال تعالى : { ممن ترضون من الشهداء } .
وقال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم [ ص: 505 ] عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه } .
فلم يختلف مسلمان قط في أن هذا خير يدخل فيه العبيد والإماء كدخول الأحرار والحرائر ، وحرام على كل أحد أن لا يرضى عمن أخبر الله تعالى أنه قد رضي عنه ، فإذ قد رضي الله عن العبد المؤمن العامل بالصالحات ، ففرض علينا أن نرضى عنه ، وإذ فرض علينا أن نرضى عنه ، ففرض علينا قبول شهادته .
وأما من ردها لسيده فإنه قال : قد يجبره سيده على الشهادة له .
قلنا : لو كان هذا مانعا من قبول العبد لسيده لكان مانعا من قبول أحد من المسلمين للإمام إذا شهد له ; لأن الإمام أقدر على رعيته من السيد على عبده ; لأن العبد تعديه جميع الحكام على سيده إذا تظلم منه ويحولون بينه وبين أذاه ، ولا يقدر أحد على أن يحول بين الإمام والرجل من رعيته ، فظهر فساد قول مخالفينا - والحمد لله رب العالمين .