2306 - . مسألة : الشهادة فيما ذكرنا ؟ قال  أبو محمد  رحمه الله : اختلف الناس : قال قوم منهم  الشافعي  ، وقوم من أصحابنا : إنه لا يقبل في فعل قوم لوط  ، وإتيان البهيمة أقل من أربعة شهود    . 
وقال  أبو حنيفة  ، وأصحابه : يقبل في ذلك اثنان ؟ قال  أبو محمد    : أما من جعل هذين الذنبين زنى فقد طرد أصله ، وقد أوضحنا بالبراهين الواضحة أنهما ليسا من الزنى أصلا فليس لهما شيء مما خص به حكم الزنى . 
واحتج بعض أصحابنا في ذلك بأن قالوا : إن الأبشار محرمة إلا بنص أو إجماع ، ولم يجمعوا على إباحة بشرة فاعل فعل قوم لوط  ، وبشرة آتي البهيمة بتعزير ، ولا بغيره ، إلا بأربعة شهود ، فلا يجوز استباحتهما بأقل . 
قال  أبو محمد  رحمه الله : فيلزم من راعى هذا أن لا يحكم بقود أصلا إلا بأربعة شهود ، لأنه لم يجمع على إباحة دم المشهود عليه بالقتل بأقل من أربعة شهود عدول ؟ فإن قال بذلك كله قائل كان الكلام معه من غير هذا ، وهو أن يقال له : قد صح الإجماع الصادق القاطع المتيقن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقبول البينة في جميع الأحكام - أولها عن آخرها - وحد في بعض الأحكام عددا وسكت عن بعضها ، فإذ لا شك في ذلك ، فهذان الحكمان ، وغيرهما ، قد أيقنا أن الله تعالى أمرنا بإنفاذ الواجب في ذلك بشهادة البينة . 
فالواجب في ذلك قبول ما وقع عليه اسم بينة ، إلا أن يمنع نص من شيء من  [ ص: 403 ] ذلك فيوقف عنده ، وقد منع النص من قبول الكافر والفاسق ، وأخبر النص : أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ، وأن الصبيان غير مخاطبين بشيء من الأحكام ، فخرج هؤلاء من حكم الشهادة حسبما أخرجهم النص فقط . 
وأيضا - فإن الله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا    } الآية فصح أن هذا حكم من الله تعالى وارد في كل ما يحكم به على أحد في دمه وماله ، وبشرته ، وفي كل حكم . 
فلولا النص الثابت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بيمين الطالب مع الشاهد الواحد   } وصح { أنه عليه السلام لم يحكم بشهادة الشاهد الواحد دون يمين معها   } لوجب قبول شاهد واحد بالآية المذكورة ، إلا حيث جاء النص باثنين أو أربعة . 
فلما كان هذان الحكمان لا يجوز فيهما تحليف الطالب ، لأنها ليسا حقا واحدا ، وإنما هما لله تعالى وجب أن لا يجوز فيهما إلا ما قال قائلون بإجازته - وهو شهادة اثنين ، أو أربع نسوة ، أو رجل وامرأتين كسائر الأحكام . 
وأما الزنى وحده فلا يقبل فيه أقل من أربعة بالنص الوارد في ذلك - وبالله تعالى التوفيق . 
				
						
						
