308 - مسألة : فمن - : فلا يحل له أن يشتغل بهما ; فإن فعل فقد عصى الله تعالى . سمع إقامة صلاة الصبح ، وعلم أنه [ إن ] اشتغل بركعتي الفجر فاته من صلاة الصبح ولو التكبير
وإن فقد بطلت الركعتان ، ولا فائدة له في أن يسلم منهما ، ولو لم يبق عليه منهما إلا السلام لكن يدخل بابتداء التكبير في صلاة الصبح كما هو . دخل في ركعتي الفجر فأقيمت صلاة الصبح
[ ص: 147 ] فإذا أتم صلاة الصبح فإن شاء ركعهما ، وإن شاء لم يركعهما ، وهكذا يفعل كل من ؟ . دخل في نافلة ، وأقيمت عليه صلاة الفريضة
وقال : من دخل المسجد ، وقد أقيمت الصلاة للصبح فإن طمع أن يدرك مع الإمام ركعة من صلاة الصبح تفوته أخرى فليصل ركعتي الفجر ، ثم يدخل مع الإمام . أبو حنيفة
وإن خشي ألا يدرك مع الإمام ولا ركعة فليبدأ بالدخول مع الإمام ، ولا يقضي ركعتي الفجر بعد ذلك .
وقال : إن كان قد دخل المسجد ، وأقيمت الصلاة أو وجد الإمام في الصلاة فلا يركع ركعتي الفجر ، ولكن يدخل مع الإمام ; فإذا طلعت الشمس فإن شاء فليقضهما ؟ . مالك
وأما إن كان خارج المسجد فعلم بالإقامة أو بأن الإمام في الصلاة : فإن رجا أن يدرك مع الإمام ركعة فليركع ركعتي الفجر خارج المسجد ، ثم ليدخل مع الإمام ، وإن لم يرج ذلك فليدخل مع الإمام .
وقال الشافعي كما قلنا ؟ : قال وأبو سليمان : ما نعلم لقول علي أبي حنيفة حجة ، لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا من إجماع ، ولا من قياس ، ولا من قول صاحب أصلا . ومالك
فإن شغبوا بأنه قد روي عن : أنه دخل المسجد وقد أقيمت صلاة الصبح فركع ركعتي الفجر ; وعن ابن مسعود أنه أتى المسجد لصلاة الصبح فوجد الإمام يصلي فدخل بيت ابن عمر حفصة فصلى ركعتين ثم دخل في صلاة الإمام ; فلم يقسم [ ص: 148 ] ولا ابن مسعود تقسيمهم ، من رجاء إدراك ركعة أو عدم رجاء ذلك ، ولا يجدون هذا عن متقدم أبدا . ابن عمر
والثابت عن مثل قولنا ؟ ; فإن قالوا : قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } ؟ . من أدرك مع الإمام ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة
قلنا : نعم ، هذا حق ، وإنما هذا فيمن فاتته الصلاة ، ولم يأت إلا ، والإمام فيها .
وأما من كان حاضرا لإقامة الصلاة فترك الدخول مع الإمام أو اشتغل بقراءة قرآن أو بذكر الله تعالى أو بابتداء تطوع - : فلا يختلف اثنان من أهل الإسلام في أنه عاص لله تعالى متلاعب بالصلاة فما الفرق بين هذا وبين اشتغاله بركعتي الفجر لو أنصفوا ؟ .
فإن موهوا بأن قد فعل ذلك ؟ ، قيل لهم : أما المالكيون فقد خالفوه في هذا الفعل نفسه ، فلم يروا لمن دخل المسجد ، والإمام يصلي أن يشتغل بركعتي الفجر ، فلا متعلق لهم ابن مسعود . بابن مسعود
وأما الحنفيون فقد خالفوا فعله أيضا في هذه المسألة ، فقد قسموا تقسيما لم يأت عن . ابن مسعود
يرى التطبيق في الصلاة ، وهم لا يرونه . وابن مسعود
يرى أن لا تعتق أم الولد إلا من حصة ولدها من الميراث ، وهم لا يرون ذلك ؟ ، وقد خالفوا وابن مسعود حيث وافق السنة ، ولا يحل خلافه ; وحيث لا يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم - : في عشرات من القضايا ; بل لعلهم خالفوه كذلك في مئين من القضايا وقد خالف ابن مسعود في هذه المسألة طائفة من الصحابة رضي الله عنهم كما نذكر بعدها إن شاء الله عز وجل . ابن مسعود
[ ص: 149 ] فلما عري قولهم من حجة أصلا رجعنا إلى قولنا ; فوجدنا البرهان على وجوبه وصحته - : ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا ثنا ابن السليم ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا ، أحمد بن حنبل ، ومسلم بن إبراهيم ، والحسن بن علي الحلواني ومحمد بن المتوكل : قال ( ) : ثنا أحمد ثنا محمد بن جعفر غندر عن شعبة ورقاء وقال ( ) : ثنا مسلم وقال ( حماد بن سلمة الحسن ) : ثنا ، يزيد بن هارون قال ( ، وأبو عاصم يزيد ) : عن عن حماد بن زيد وقال ( أيوب السختياني ) : عن أبو عاصم وقال ( ابن جريج محمد ) : ثنا ثنا عبد الرزاق - : ثم اتفق زكريا بن إسحاق ورقاء ، ، وحماد بن سلمة ، وأيوب السختياني ، وابن جريج كلهم عن وزكريا بن إسحاق عمرو بن دينار عن عن عطاء بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } . إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة أبو عوانة عن عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن ابن بحينة هو عبد الله بن مالك قال : { } . أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي والمؤذن يقيم فقال : أتصلي الصبح أربعا ؟
وبه إلى : ثنا مسلم زهير بن حرب ثنا مروان بن معاوية الفزاري عن عاصم الأحول عن قال : { عبد الله بن سرجس } . دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة [ ص: 150 ] الغداة ، فصلى ركعتين في جانب المسجد ، ثم دخل مع رسول الله فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا فلان ، بأي الصلاتين اعتددت ؟ أبصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا ؟
وروينا أيضا : من طريق حجاج بن المنهال : ثنا ، حماد بن سلمة كلاهما عن وحماد بن زيد عاصم الأحول عن بمثله ، وفيه : أنه صلى الركعتين خلف الناس . عبد الله بن سرجس
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية عن وكيع صالح بن رستم هو أبو عامر الخزاز - عن عن ابن أبي مليكة قال : { ابن عباس أقيمت الصلاة ولم أكن صليت الركعتين يعني صلاة الصبح وركعتي الفجر ، قال : فقمت لأصليهما فجبذني وقال : أتريد أن تصلي الصبح أربعا ؟ قيل ابن عباس لأبي عامر : النبي صلى الله عليه وسلم فتل ؟ قال : نعم ؟ ابن عباس } .
قال : فهذه نصوص منقولة نقل الوتر ، لا يحل لأحد خلافها ، وقد حمل اتباع الهوى بعضهم على أن قال : إن علي عمرو بن دينار [ قد اضطرب ] عليه في هذا الحديث فرواه عنه ، سفيان بن عيينة ، وحماد بن سلمة فأوقفوه على وحماد بن زيد . قال أبي هريرة : وهذا مما كان ينبغي لقائله أن يتقي الله تعالى أولا ثم يستحي من الناس [ ص: 151 ] ثانية ، ولا يأتي بهذه الفضيحة ; لأن المحتجين بهذا مصرحون بأن قول الصاحب حجة فهبك لو لم يسند . علي
أما كان يجب أن ترجح إما قول على قول أبي هريرة ; أو قول ابن مسعود على قول ابن مسعود ؟ فكيف وليس ما ذكر مما يضر الحديث شيئا لأن أبي هريرة ، ابن جريج وأيوب ليسوا بدون وزكريا بن إسحاق ، سفيان بن عيينة ، وحماد بن سلمة فكيف والذي أسنده من طريق وحماد بن زيد أوثق ، وأضبط من الذي أوقفه عنه حماد بن سلمة ، وأيوب لو انفرد لكان حجة على جميعهم ; فكيف وكل ذلك حق ، وهو أن عمرو بن دينار رواه عن عن عطاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة عن عطاء أنه أفتى به ، فحدث به على كل ذلك ؟ . أبي هريرة
ثم لو لم يأت حديث أصلا لكان في حديث أبي هريرة ابن سرجس وابن بحينة كفاية لمن نصح نفسه ، ولم يتبع هواه في تقليد من لا يغني عنه من الله شيئا ، ونصر الباطل بما أمكن من الكلام الغث ؟ . وابن عباس
فكيف وقد روينا بأصح طريق عن الزهري عن سعيد بن المسيب كلاهما عن ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } . إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
فهذا فرض للدخول مع الإمام كيفما وجد ، وتحريم للاشتغال بشيء عن ذلك .
واعترض بعضهم في حديث ابن سرجس وابن بحينة بضحكة أخرى ، وهي أن قال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنكر عليه أن يصليهما مختلطا بالناس قال : وهذا كذب مجرد ، ومجاهرة سمجة ; لأن في الحديث نفسه [ أنه لم ] [ ص: 152 ] يصلهما إلا خلف الناس في جانب المسجد ، كما يأمرون من قلدهم في باطلهم فكيف ولو لم يكن هذا لكان مما يوضح كذب هذا القائل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { علي } و { بأي الصلاتين اعتددت ؟ أبصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا ؟ } لأن من الباطل الممتنع أن يقول [ له ] النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول ، وهو لم ينكر عليه إلا صلاته الركعتين مختلطا بالناس [ ومتصلا بهم ] فيسكت عليه السلام عما أنكر من المنكر ويهتف بما لم يذكر من لفظه ، وقد أعاذ الله تعالى نبيه عن هذا التخليط الذي لا يليق بذي مسكة إلا بمثل من أطلق هذا ؟ . أتصلي الصبح أربعا ؟
وأيضا : فإنه ظن مكذوب مجرد ، ولا فرق بين من قال هذا ، وبين من قال : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنكر عليه ; لأنه كان بلا وضوء ، أو لأنه كان يلبس ثوب حرير ؟ ومثل هذه الظنون لا يتعذر على من استسهل الكذب في الدين ، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم .
فإن قيل : إنه عليه السلام لم يذكر من هذا شيئا ؟ قيل : ولا ذكر عليه السلام اختلاطه بالناس ولا اتصاله بهم ، وإنما نص عليه السلام على إنكاره الصلاة التي صلاها ، وهو عليه السلام يصلي الصبح فقط .
وأيضا : فإن الله تعالى يقول منكرا على من فعل ما أنكره عليه { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } ولا يختلف اثنان في أن الفريضة خير من النافلة ، وهم يأمرونه بأن يستبدل النافلة التي هي أدنى ببعض الفريضة الذي هو خير من النافلة ، مع معصيتهم السنن التي أوردنا وبما قلناه يقول جمهور من السلف : كما روينا عن عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن جابر الحسن بن مسافر عن أن سويد بن غفلة كان يضرب الناس على الصلاة بعد الإقامة . عمر بن الخطاب
[ ص: 153 ] وعن عن معمر عن أيوب السختياني : أن نافع رأى رجلا يصلي والمؤذن يقيم فقال له ابن عمر : أتصلي الصبح أربعا ؟ وعن ابن عمر عن وكيع الفضيل بن غزوان عن عن نافع : أنه جاء إلى القوم وهم في صلاة الغداة ولم يصل ركعتي الفجر ، فدخل معهم فلما ضحى قام فصلاهما . وعن ابن عمر : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ؟ . وعن أبي هريرة : عن معمر قال : كان أيوب السختياني يكره أن تصلى ركعتا الفجر عند إقامة صلاة الصبح ، قال : أتصليهما وقد فرضت الصلاة ؟ . محمد بن سيرين
وبه إلى : عن معمر عن أبيه : أنه كان إذا أقيمت الصلاة ولم يركع ركعتي الفجر صلى مع الإمام ، فإذا فرغ ركعهما بعد الصبح . عبد الله بن طاوس
وعن عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر : في الذي يجد الإمام يصلي ولم يركع ركعتي الفجر ، قال : يبدأ بالمكتوبة . إبراهيم النخعي
وعن عن عبد الرزاق أن ابن جريج عمرو بن دينار أخبره أن صفوان بن موهب أخبره أنه سمع مسلم بن عقيل يقول للناس وهم يصلون وقد أقيمت الصلاة : ويلكم ، لا صلاة إذا أقيمت الصلاة .
وعن : عبد الرزاق كلاهما عن وعبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر فضيل [ عن أنه قال : اقطع صلاتك عند الإقامة ؟ وعن سعيد بن جبير عماد بن سلمة عن قال : جاء ابن أخ هشام ] بن عروة فأراد أن يصلي ركعتي الفجر والمؤذن يقيم ; فزجره لعروة [ ص: 154 ] فصح أن من بدأ في تطوع ركعتي الفجر أو الوتر أو غيرهما فأقيمت صلاة الصبح أو غيرها فقد بطلت الصلاة التي كان فيها ، بالنصوص التي ذكرنا ؟ . عروة
فإن قيل : قال الله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } . قلنا : نعم هذا حق ، وما هو أبطلها ; ولو تعمد إبطالها لكان مسيئا ; ولكن الله عز وجل أبطلها عليه كما تبطل بالحدث ; وبمرور ما يبطل الصلاة مروره ونحو ذلك ؟ .
وأما قضاء الركعتين فلقوله عليه السلام : { } ، وهذا عموم . من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا ثنا ابن وضاح ثنا يحيى بن معين مروان بن معاوية الفزاري عن يزيد بن كيسان عن عن أبي حازم : { أبي هريرة } فهذا عليه السلام لم يبدأ بهما قبل الفرض ؟ . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام عن ركعتي الفجر ، فصلاهما بعد ما طلعت الشمس
[ وبه إلى ] ثنا ابن أيمن أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا الحسن بن ذكوان عن عن رجل من الأنصار قال : { عطاء بن أبي رباح } [ ص: 155 ] ومن طريق رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي بعد الغداة ركعتين ، فقال : يا رسول الله ، لم أكن صليت ركعتي الفجر ، فصليتهما الآن ؟ فلم يقل [ له ] عليه السلام شيئا . عن وكيع عن فضيل بن مرزوق قال : رأيت عطية [ صلاهما - : صلى ركعتي الفجر حين صلى الإمام . وعن ابن عمر عن ابن جريج : إذا أخطأت ] أن تركعهما قبل الصبح فاركعهما بعد الصبح . عطاء
قال : رأيت عبد الرزاق يركع ركعتي الفجر في مسجد ابن جريج صنعاء بعد ما سلم الإمام . وبه يقول وغيره ; فلو تعمد تركها إلى أن تقام الصلاة فلا سبيل له إلى [ ص: 156 ] قضائها ; لأن وقتها قد خرج - ، وبالله تعالى التوفيق . طاوس