وقد روي عن : إن مالك أعادت في الوقت ، وقد روينا عن صلت أم الولد بلا خمار في { ابن عباس ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [ ص: 252 ] قال : الكف ، والخاتم ، والوجه . وعن : الوجه ، والكفان ، وعن ابن عمر : الكف ، والخاتم وكل هذا عنهم في غاية الصحة ، وكذلك أيضا عن أنس عائشة وغيرها من التابعين قال : فإن قالوا : قد جاء الفرق في الحدود بين الحرة والأمة . قلنا : نعم ، وبين الحر والعبد ; فلم ساويتم بين الحر والعبد فيما هو منهما عورة في الصلاة ، وفرقتم بين الحرة والأمة فيما هو منهما عورة في الصلاة ، وقد صح الإجماع والنص على وجوب الصلاة على الأمة كوجوبها على الحرة في جميع أحكامها ، من الطهارة ، والقبلة ، وعدد الركوع ، وغير ذلك ، فمن أين وقع لكم الفرق بينهما في العورة وهم أصحاب قياس بزعمهم ، وهذا مقدار قياسهم ، الذي لا شيء أسقط منه ولا أشد تخاذلا ، فلا النص اتبعوا ولا القياس عرفوا ، وبالله تعالى التوفيق . قال علي : فإن قيل : فلم فرقتم أنتم بين من اضطر المرء إليه بعدم أو إكراه في الصلاة مكشوف العورة ، وفي مكان فيه ما افترض عليه اجتنابه ، أو في ثيابه ، أو في جسده ; فأجزتم صلاته كذلك - : وبين صلاته كذلك ناسيا فلم تجيزوها . قلنا : نعم ، فإن النصوص قد جاءت بأن كل ما نسيه المرء من أعمال صلاته فإنه لا تجزئه صلاته دونها ; وأنه لا بد له من إتيانها ; كمن نسي الطهارة ، أو التكبير ، أو القيام ; أو السجود ، أو الركوع ، أو الجلوس . ولا خلاف في أن من علي - : فإنه لا يجزئه ذلك . وقد { نسي فعوض القعود مكان القيام في الصلاة ، أو القيام مكان القعود ، أو الركوع مكان السجود } ; وبعض الصلاة صلاة بلا خلاف ; فمن لم يأت بهما كما أمر ناسيا فقد نسي من صلاته جزءا وأتى بما ليس صلاة ، إذ صلى بخلاف ما أمر ; فمن ههنا أوجبنا على الناسي أن يأتي بما نسي كما أمر وأجزنا صلاته كذلك في الإكراه بغلبة أو عدم ; للنصوص الواردة بجواز كل ما ذكرنا في عدم القوة . [ ص: 253 ] فإن قيل : إن { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة ، أو نام عنها أن يصليها جبريل عليه السلام فأعلمه أن في نعليه قذرا ; فخلعهما وتمادى في صلاته } . قلنا : نعم ، وإنما حرم ذلك عليه حين أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل في الصلاة فأتاه جبريل عليه السلام لا قبل ذلك ; فكان ابتداؤه الصلاة كذلك جائزا ، وقال عليه السلام في آخر ذلك الحديث إذ سلم كلاما معناه : { } وكان هذا الحكم واردا بعد تلك الصلاة . فمن إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فلينظر نعليه - أو قال خفيه - فإن رأى فيها شيئا فليحكه وليصل فيهما فقد صلى بخلاف ما أمر به - وبالله تعالى التوفيق . وقال صلى ولم يتأمل نعليه ، أو خفيه ، وكان فيهما أذى : العورة تختلف ; فهي من الرجال : ما بين السرة إلى الركبة والركبة عورة ، والسرة ليست عورة . وهي من الحرة : جميع جسدها ، حاشا الوجه ، والكفين ، والقدمين . وهي من الأمة كالرجل سواء سواء ; فتصلي الأمة ، وأم الولد ، والمدبرة : عندهم عريانة الرأس ، والجسد كله ، حاشا مئزرا يستر ما بين سرتها وركبتها فقط ، لا كراهة عندهم في ذلك . قال : وأحكام العورات تختلف ; فإذا أبو حنيفة ; أو في حال استقبالهما الركوع ; أو في حال استقبالهما القيام : بطلت صلاتهما ، فإن انكشف هذا المقدار من ذكره ، أو من فرجها ، في حال القيام ، أو في حال الركوع ، أو في حال السجود ، فسترا ذلك حين انكشافه - : لم يضر ذلك صلاتهما شيئا . فإن انكشف من ذكره ، أو من فرجها ، في كل ما ذكرنا قدر الدرهم البغلي فأقل : لم يضر ذلك صلاتهما شيئا . طال ذلك أم قصر . [ ص: 254 ] فإن انكشف من الرجل أكثر من قدر الدرهم البغلي من ذكره ; أو من المرأة من فرجها ، في حال استقبالهما الافتتاح للصلاة - : بطلت الصلاة عند انكشف من فخذ الرجل ، أو الأمة ، أو الحرة ، أو مقاعدهما ، أو وركيهما ، أو من جميع أعضاء الحرة : الصدر ، أو البطن ، أو الظهر ، أو الشعر ، أو العنق - : مقدار ربع العضو فأكثر أبي حنيفة . فإن انكشف من كل ذلك أقل من الربع لم يضر الصلاة شيئا . وقال ومحمد : لا تبطل الصلاة إلا أن ينكشف مما عدا الفرج أكثر من نصف العضو ، قال أبو يوسف : فإن أبو حنيفة فإنها تأخذ قناعها وتستتر ، وتبني على ما مضى من صلاتها ، فإن أعتقت أمة في الصلاة فإن صلاته تبطل ; ويلزمه أن يبتدئها ولا بد ، وسواء كان وجوده الثوب في أول صلاته أو في آخرها ، ولو قعد مقدار التشهد ، ما لم يسلم هذا مع قوله : إن بدأ الرجل الصلاة عريانا لضرورة ثم وجد ثوبا فقد تمت صلاته ولا شيء عليه ، فصار وجوب الثوب أعظم عنده من البول أو الغائط ، قال : فلو المصلي إذا قعد مقدار التشهد ثم أحدث عامدا أو ناسيا - : فصلاة ذلك المأموم تامة ، فلو ركع بركوع الإمام أو سجد بسجوده : بطلت صلاته ، قال زحم المأموم حتى وقع إزاره وبدا فرجه كله فبقي واقفا كما هو حتى تمت صلاة الإمام : فهل لهذه الأقوال دواء أو معارضة إلا حمد الله تعالى على السلامة منها ؟ وهل يحصى ما فيها من التخليط إلا بكلفة ، وقال علي : مالك ; حاشا شعرها فقط ; فليس عورة ; فإن الأمة عورة كالحرة لم تعد إلا في الوقت . قال انكشف شعر الحرة أو صدرها أو ساقها في الصلاة : ولا ندري قوله في الفرج ; وما نراه يرى الإعادة من ذلك إلا في الوقت ; وقد تقدم إفسادنا لقوله بالإعادة في الوقت فيما سلف من كتابنا هذا ; فأغنى عن إعادته ، ولا فرق عنده بين نسيان وعمد في ذلك ، وقال علي : إن انكشف من عورة الرجل - وهي ما بين سرته إلى ركبته - أو عورة المرأة - وهو جميع جسد الحرة ، والأمة ، حاشا شعر الأمة ووجهها ، ووجه الحرة [ ص: 255 ] وكفيها ، وكفي الأمة - : شيء قل أو كثر ; فإن ستر في الوقت لم يضر شيئا والصلاة تامة ; وإن بقي مقدار ما - قل أو كثر - ولم يغط : بطلت الصلاة - النسيان والعمد سواء . قال الشافعي : وهذا تقسيم لا دليل عليه . وقال علي : النسيان في ذلك مرفوع ; فإن انكشف شيء من العورة عمدا بطلت الصلاة . أبو سليمان