393 - مسألة : ولا تحل ، سواء في ذلك مبدأ بابه إلى منتهى جميع حدوده ، ولا على سطحه ، ومستوقده ، وسقفه ، وأعالي حيطانه ، خربا كان أو قائما : فإن الصلاة في حمام جازت الصلاة في أرضه حينئذ . [ ص: 345 ] ولا في مقبرة - مقبرة مسلمين كانت أو مقبرة كفار - ، فإن نبشت وأخرج ما فيها من الموتى جازت الصلاة فيها . ولا إلى قبر ، ولا عليه ، ولو أنه قبر نبي أو غيره ، فإن سقط من بنائه شيء فسقط عنه اسم " حمام " أمر باجتنابه - : فليرجع ولا ويصلي هنالك جمعة ، ولا جماعة ، فإن حبس في موضع مما ذكرنا فإنه يصلي فيه ، ويجتنب ما افترض عليه اجتنابه بسجوده ، لكن يقرب مما بين يديه من ذلك ما أمكنه ، ولا يضع عليه جبهة ، ولا أنفا ، ولا يدين ولا ركبتين ، ولا يجلس إلا القرفصاء ; فإن لم يقدر إلا على الجلوس ، أو الاضطجاع ; صلى كما يقدر وأجزأه . برهان ذلك - : ما حدثناه لم يجد إلا موضع قبر أو مقبرة ، أو حماما ، أو عطنا ، أو مزبلة ، أو موضعا فيه شيء عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز حجاج بن المنهال ثنا عن حماد بن سلمة عمرو بن يحيى الأنصاري عن أبيه عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي سعيد الخدري } . حدثنا الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة أحمد بن محمد الطلمنكي ثنا ثنا ابن مفرج محمد بن أيوب الرقي ثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا أبو كامل هو الجحدري - ثنا ثنا عبد الواحد بن زياد عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي سعيد الخدري } . قال الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة : أسنده أيضا عن البزار عمرو بن يحيى أبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري [ ص: 346 ] . قال وأحمد بن إسحاق : قال بعض من لا يتقي عاقبة كلامه في الدين : هذا حديث أرسله علي ، وشك في إسناده سفيان الثوري عن موسى بن إسماعيل . [ ص: 347 ] قال حماد بن سلمة : فكان ماذا لا سيما وهم يقولون : إن المسند كالمرسل ولا فرق ثم أي منفعة لهم في شك علي موسى ولم يشك وإن لم يكن فوق حجاج موسى فليس دونه أو في إرسال سفيان - وقد أسنده حماد ، وعبد الواحد ، ، وأبو طوالة ، وكلهم عدل حدثنا وابن إسحاق أحمد بن محمد الجسور ثنا أحمد بن الفضل الدينوري ثنا محمد بن جرير الطبري ثنا محمد بن بشار بندار ثنا ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بسر بن عبيد الله سمعت قال : سمعت أبا إدريس الخولاني يقول : سمعت واثلة بن الأسقع أبا مرثد الغنوي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . حدثنا لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبيري ثنا عن عبد الرزاق عن معمر الزهري أخبرني : أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عائشة أخبراه : { وابن عباس اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، تقول [ ص: 348 ] يحذر مثل ما صنعوا عائشة } . حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصة له ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه ، وهو يقول لعنة الله على عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج إسحاق بن إبراهيم واللفظ له - : قال وأبو بكر بن أبي شيبة إسحاق : أخبرنا . وقال زكرياء بن عدي أبو بكر : ثنا عن زكرياء بن عدي عبيد الله بن عمرو الرقي عن عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عبد الله بن الحارث النجراني حدثني { جندب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس : " وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك } في حديث طويل . قال : من زعم أنه عليه السلام أراد بذلك قبور المشركين فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه عليه السلام عم بالنهي جميع القبور ، ثم أكد بذمه من فعل ذلك في قبور الأنبياء والصالحين . قال علي : فهذه آثار متواترة توجب ما ذكرناه حرفا حرفا ، ولا يسع أحدا تركها . وبه يقول طوائف من السلف رضي الله عنهم . روينا عن علي أنه قال : ينهى أن يصلى وسط القبور والحمام ، والحشان . وعن نافع بن جبير بن مطعم عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي ظبيان قال : لا تصلين إلى حش ، ولا في حمام ، ولا في مقبرة [ ص: 349 ] قال ابن عباس : ما نعلم علي في هذا مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم يعظمون مثل هذا إذا وافق تقليدهم وعن لابن عباس عن سفيان الثوري المغيرة بن مقسم عن قال : كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاث أبيات قبلة : الحش ، والحمام ، والقبر وعن إبراهيم النخعي عن أبيه ، وعن العلاء بن زياد أنهما قالا : لا تصل إلى حمام ، ولا إلى حش ، ولا وسط مقبرة . وقال خيثمة بن عبد الرحمن : من صلى في حمام أعاد أبدا وعن أحمد بن حنبل عن وكيع عن سفيان الثوري حميد عن قال : رآني أنس أصلي إلى قبر فنهاني ، وقال : القبر أمامك . وعن عمر بن الخطاب عن معمر عن ثابت البناني قال : رآني أنس أصلي عند قبر فقال لي : القبر لا تصل إليه قال عمر بن الخطاب ثابت : فكان يأخذ بيدي إذا أراد أن يصلي فيتنحى عن القبور . وعن أنس : من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد وعن علي بن أبي طالب رفعه : { ابن عباس } وعن لا تصلوا إلى قبر ، ولا على قبر أخبرني ابن جريج ابن شهاب حدثني أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : قاتل الله أبا هريرة اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . [ ص: 350 ] قال : قلت ابن جريج : أتكره أن تصلي وسط القبور أو إلى قبر قال : نعم - كان ينهى عن ذلك - لا تصل وبينك وبين القبلة قبر ; فإن كان بينك وبينه سترة ذراع فصل قال لعطاء : وسئل ابن جريج عمرو بن دينار عن الصلاة وسط القبور فقال : ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فلعنهم الله } قال كانت : وأخبرني ابن جريج عن أبيه قال : لا أعلمه إلا أنه كان يكره الصلاة وسط القبور كراهية شديدة وعن عبد الله بن طاوس عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر قال : كانوا إذا خرجوا في جنازة تنحوا عن القبور للصلاة وقال إبراهيم النخعي : من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا قال أحمد بن حنبل : فهؤلاء علي ، عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ; وأبو هريرة ، وأنس : ما نعلم لهم مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم قال وابن عباس : وكره علي : الصلاة إلى القبر ، وفي المقبرة ، وعلى القبر ، أبو حنيفة والأوزاعي ، وسفيان ، ولم ير بذلك بأسا ، واحتج له بعض مقلديه بأن { مالك } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء : وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه ، فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن ثم يستبيحون بما ليس [ ص: 351 ] فيه من أثر ولا إشارة مخالفة السنن الثابتة ، ونعوذ بالله من الخذلان قال علي : وكل هذه الآثار حق ، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا ، إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة ، وعلى القبر الذي قد دفن فيه صاحبه ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحرم ما نهى عنه ، ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل ; فأمره ونهيه حق ، وفعله حق ، وما عدا ذلك فباطل ; والحمد لله رب العالمين . وأما قولنا : أن يرجع من لم يجد موضعا غير ما ذكرنا ; فإنه لم يجد موضعا تحل فيه الصلاة ; وكذلك لو وجد زحاما لا يقدر معه على ركوع ولا سجود وأما المحبوس فليس قادرا على مفارقة ذلك الموضع ، ولا على الصلاة في غيره ، فله حكم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : { علي } فهذا يسقط عنه ما عجز عنه ، ويلزمه ما قدر عليه ، ويجتنب ما قدر على اجتنابه مما نهي عنه . قال عز وجل { إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }