[ ص: 73 ] سجود السهو 467 - مسألة : كل عمل يعمله المرء في صلاته سهوا وكان - ذلك العمل مما لو تعمده ذاكرا بطلت صلاته - : فإنه يلزمه في السهو سجدتا السهو ؟ ويشبه أن يكون هذا مذهب إلا أنه رأى السهو في ترك الجلسة بعد الركعتين ، وظاهر مذهبه أنها ليست فرضا ؟ وقال : من أسقط شيئا من صلب صلاته سهوا فعليه سجود السهو ؟ وقال الشافعي وأصحابنا : أبو سليمان ، وهي - : من سلم أو تكلم أو مشى ساهيا في الصلاة المفروضة . لا سجود سهو إلا في مواضع
أو من قام من اثنتين في صلاة مفروضة ومن شك فلم يدر كم صلى ؟ أو من زاد في صلاته ركعة فما فوقها ساهيا في صلاة مفروضة وقال : لا سجود سهو إلا في عشرة أوجه - : إما قيام مكان قعود وإما قعود مكان قيام - للإمام أو الفذ وإما سلام قبل تمام الصلاة للإمام أو الفذ أو نسيان تكبير صلاة العيد خاصة للإمام أو الفذ أو نسيان القنوت في الوتر للإمام أو الفذ أو نسيان التشهد للإمام أو الفذ أو نسيان ( أم القرآن ) للإمام أو الفذ [ ص: 74 ] أو تأخيرها بعد قراءة السورة للإمام أو للفذ أو من جهر في قراءة سر أو أسر في قراءة جهر للإمام خاصة ، فقط ؟ قال : فإن تعمد ذلك فصلاته تامة ولا سجود سهو عليه ؟ قال : فإن نسي سجدة أو شك فلم يدر كم صلى ؟ فإن كان ذلك أول مرة : أعاد الصلاة ؟ وإن كان قد عرض له ذلك ولو مرة : سجد للسهو فإن لم يذكر ذلك إلا بعد أن خرج من المسجد : بطلت صلاته وأعادها . أبو حنيفة
وأما مذهب في سجوده لسهو فغير منضبط ، لأنه رأى فيمن ترك ثلاث تكبيرات من الصلاة فصاعدا غير تكبيرة الإحرام - : أن يسجد للسهو . مالك
فإن لم يفعل حتى انتقض وضوءه ، أو تطاول ذلك : بطلت صلاته وأعادها .
ورأى فيمن سها عن تكبيرتين من الصلاة كذلك : أن يسجد للسهو ؟ فإن لم يفعل حتى انتقض وضوءه أو تطاول ذلك : فلا شيء عليه وصلاته تامة ، ولا سجود سهو عليه .
ورأى فيمن أن لا شيء عليه ، لا سجود سهو ولا غيره . سها عن تكبيرة واحدة غير تكبيرة الإحرام
ورأى على من سجود السهو . جعل " الله أكبر " مكان " سمع الله لمن حمده "
ورأى على من ، إن كان ذلك قليلا فلا شيء عليه ، وإن كان كثيرا فعليه سجود السهو ؟ قال جهر في قراءة سر ، أو أسر في قراءة جهر : ورأى فيمن علي : أن صلاته تبطل . سها عن قراءة ( أم القرآن ) في ركعتين من صلاته فصاعدا
فإن سها عنها في ركعة - : فمرة رأى سجود السهو فقط ومرة رأى عليه أن يأتي بركعة ويسجد للسهو ؟ قال : أما قول علي فأفسد من أن يشتغل به فإنه لم يتعلق فيه بقرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا بقياس ، ولا بقول صاحب ، ولا برأي سديد بل لا نعلم [ ص: 75 ] أحدا قاله قبله وكذلك قول أبي حنيفة سواء سواء ، وزيادة أنه لا يختلف مسلمان في - : أن كل صلاة فرض - تكون أربع ركعات - فإن فيها اثنتين وعشرين تكبيرة سوى تكبيرة الإحرام ؟ وأن صلاة المغرب فيها ست عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الإحرام ؟ وأن كل صلاة فرض تكون ركعتين ففيها عشر تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام ؟ فتسويتهم بين من سها عن ثلاث تكبيرات وبين من سها عن تكبيرتين ، وتفريقهم بين من سها عن تكبيرتين ، وبين من سها عن تكبيرة واحدة - : أحد عجائب الدنيا وحسبنا الله ونعم الوكيل وأما قول مالك فظاهر التناقض - : إذ رأى سجود السهو في ترك الجلسة الأولى ، وليست عنده فرضا ولم ير سجود السهو في ترك جميع تكبير الصلاة - حاشا تكبيرة الإحرام - ولا في العمل القليل - الذي تفسد الصلاة عنده بكثيره ولم يجد في القليل الذي أسقط فيه السجود حدا يفصله به مما تبطل الصلاة عنده بتعمده ، ويجب سجود السهو في سهوه ، وهذا فاسد جدا ومن العجب قوله " صلب الصلاة " وما علم الناس للصلاة صلبا ولا بطنا ولا كبدا ولا معيا ومثل هذا قد أغنى ظاهر فساده عن تكلف نقضه وأما قول أصحابنا فإنهم قالوا : لا سجود سهو إلا حيث سجده رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر بسجوده ، ولم يسجد عليه السلام إلا حيث ذكرنا ؟ قال الشافعي : وهذا قول صحيح لا يحل خلافه ، إلا أننا قد وجدنا خبرا صحيحا يوجب صحة قولنا وجعلوه معارضا لغيره ، وهذا باطل لا يجوز ، بل الأخبار كلها تستعمل ، ولا يحل ترك شيء منها ، فإن لم يكن وجب الأخذ بالشرع الزائد الوارد فيها ، لأنه حكم من الله تعالى ، فلا يحل تركه ؟ علي
[ ص: 76 ] قال : وبرهان صحة قولنا هو أن علي - بيقين لا شك فيه - لا ثالث لهما - : إما فرض ، يعصي من تركه ، وإما غير فرض ، فلا يعصي من تركه ؟ فما كان غير فرض فهو مباح فعله ، ومباح تركه ؟ وإن كان بعضه مندوبا إليه مكروها تركه . أعمال الصلاة قسمان
فما كان مباحا تركه فلا يجوز أن يلزم حكما في ترك أمر أباح الله تعالى تركه ، فيكون فاعل ذلك شارعا ما لم يأذن به الله تعالى ؟ وأما الفرض - وهو القسم الثاني - وهو الذي تبطل الصلاة بتعمد تركه ولا تبطل بالسهو فيه ، لقول الله تعالى : { ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } .
فإذ الصلاة لا تبطل بالسهو فيه وكان سهوا ، ففيه سجود السهو ، إذ لم يبق غيره ، فلا يجوز أن يخص بعضه بالسجود دون بعض - وبالله تعالى التوفيق .
قال : وقد جاء ما قلنا نصا - : كما حدثنا علي عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج القاسم بن زكريا ثنا عن الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن الأعمش إبراهيم عن علقمة عن قال { عبد الله بن مسعود إبراهيم قال قلنا : يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيء ؟ قال : لا ، فقلنا له الذي صنع ، فقال : إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ابن مسعود } صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإما زاد أو نقص - شك
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا إسماعيل بن مسعود الجحدري ثنا ثنا خالد بن الحارث قال : قرأت على شعبة منصور ، وسمعته يحدث ، وكتب به إلي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن : أن [ ص: 77 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : { عبد الله بن مسعود } قال إنما أنا بشر ، فإذا نسيت فذكروني ، إذا أوهم أحدكم في صلاته فليتحر أقرب ذلك من الصواب ثم ليتم عليه ثم ليسجد سجدتين : فهذا نص قولنا في إيجاب السجود في كل زيادة ونقص في الصلاة ، وكل وهم ، ولا يقال لمن أدى صلاته بجميع فرائضها كما أمره الله تعالى : أنه زاد في صلاته ، ولا نقص منها ، ولا أوهم فيها ، بل قد أتمها كما أمر ، وإنما الزائد في الصلاة ، أو الناقص منها ، والواهم : من زاد فيها ما ليس منها ، أو نقص منها ما لا تتم إلا به على سبيل الوهم - وبالله تعالى التوفيق . علي
وقد قال بقولنا طائفة من السلف رضي الله عنهم : - كما روينا عن عن حماد بن سلمة سعيد بن قطن : أن أبا زيد الأنصاري قال : إذا أوهم أحدكم في صلاته فليسجد سجدتي الوهم ؟ وعن الحجاج بن المنهال عن أبي عوانة عن المغيرة بن مقسم عن قال : لا وهم إلا في قعود ، أو قيام ، أو زيادة ، أو نقصان ، أو تسليم في ركعتين ؟ ومن طريق إبراهيم النخعي عن معمر عن قتادة : أنه نسي ركعة من الفريضة حتى دخل في التطوع ، ثم ذكر ، فصلى بقية صلاة الفريضة ، ثم سجد سجدتين وهو جالس ؟ قال أنس : ما نعلم علي في هذا مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم وعن لأنس - قلت ابن جريج : فإن استيقنت أني صليت خمس ركعات ؟ قال : فلا تعد ولو صليت عشر ركعات ، واسجد سجدتي السهو ؟ وعن لعطاء عن عبد الرزاق إذا زدت أو نقصت : فاسجد سجدتي السهو سفيان الثوري