[ ص: 127 ] مسألة : والأعمى ، والبصير ، والخصي ، والفحل ، والعبد ، والحر ، وولد الزنى ، والقرشي - : سواء في الإمامة في الصلاة  ، وكلهم جائز أن يكون إماما راتبا ، ولا تفاضل بينهم إلا بالقراءة ، والفقه ، وقدم الخير ، والسن ، فقط ؟ وكره  مالك  إمامة ولد الزنى  ، وكون العبد إماما راتبا - ولا وجه لهذا القول ، لأنه لا يوجبه قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا إجماع ، ولا قياس ، ولا قول صاحب ، وعيوب الناس في أديانهم وأخلاقهم ، لا في أبدانهم ولا في أعراقهم . 
قال الله عز وجل : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم    } . 
واحتج بعض المقلدين له بأن قال : يفكر من خلفه فيه فيلهى عن صلاته قال  علي    : وهذا في غاية الغثاثة والسقوط ولا شك في أن فكرة المأموم في أمر الخليفة إذا صلى بالناس ، أو الأحدب إذا أمهم - أكثر من فكرته في ولد الزنى ، ولو كان لشيء مما ذكرنا حكم في الدين لما أغفله الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : { وما كان ربك نسيا    } . 
والعجب كله في الفرق بين الإمام الراتب وغير الراتب وتجوز إمامة الفاسق كذلك ونكرهه ، إلا أن يكون هو الأقرأ ، والأفقه ، فهو أولى حينئذ من الأفضل ، إذا كان أنقص منه في القراءة ، أو الفقه ، ولا أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وله ذنوب . 
قال عز وجل : { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم    } . 
وقال تعالى : { والصالحين من عبادكم وإمائكم    } . فنص تعالى على أن من لا يعرف له أب : إخواننا في الدين . 
وأخبر أن في العبيد والإماء صالحين ؟ - : حدثنا حمام  ثنا  ابن مفرج  ثنا  ابن الأعرابي  ثنا الدبري  عن  عبد الرزاق  عن  ابن  [ ص: 128 ] جريج  أخبرني عبد الله بن أبي مليكة    : أنهم كانوا يأتون  عائشة  أم المؤمنين بأعلى الوادي ، هو وأبوه ،  وعبيد بن عمير  ، والمسور بن مخرمة  وناس كثير ، فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة  وهو غلامها لم يعتق ، فكان إمام أهلها بني محمد بن أبي بكر  ، وعروة  ، وأهلها ، إلا عبد الله بن عبد الرحمن  كان يستأخر عنه أبو عمرو  فقالت عائشة  رضي الله عنها : إذا غيبني أبو عمرو  ودلاني في حفرتي فهو حر ؟ وعن  إبراهيم النخعي  قال : يؤم العبد الأحرار وعن  شعبة  عن الحكم بن عتيبة  قال : كان يؤمنا في مسجدنا هذا عبد ، فكان  شريح  يصلي فيه ؟ 
وعن  وكيع  عن  سفيان الثوري  عن  يونس  عن الحسن البصري  قال : ولد الزنى وغيره سواء ؟ وعن  وكيع  عن  الربيع بن صبيح  عن الحسن  قال : ولد الزنى بمنزلة رجل من المسلمين ، يؤم ، وتجوز شهادته إذا كان عدلا وعن  وكيع  عن  هشام بن عروة  عن أبيه عن عائشة  أم المؤمنين أنها كانت إذا سئلت عن ولد الزنى : قالت ليس عليه من خطيئة أبويه شيء { ولا تزر وازرة وزر أخرى    } . 
وعن  وكيع  عن  سفيان الثوري  عن برد أبي العلاء  عن الزهري  قال : كان أئمة من ذلك ، قال  وكيع    : يعني من الزنى . 
وعن  سفيان الثوري  عن  حماد بن أبي سليمان  قال : سألت  إبراهيم  عن ولد الزنى ، والأعرابي ، والعبد ، والأعمى : هل يؤمون ؟ قال : نعم ، إذا أقاموا الصلاة وعن الشعبي    : ولد الزنى تجوز شهادته ويؤم ؟ وعن  معمر  قال سألت الزهري  عن ولد الزنى : هل يؤم ؟ قال : نعم ، وما شأنه ؟  [ ص: 129 ] وقد كان أبو زيد  صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم وهو مقعد ذاهب الرجل وقد كان  طلحة  أشل اليد ، وما اختلف في جواز إمامته ، وقد كان في الشورى . 
ومن طريق الزهري  عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف  عن عبيد الله بن عدي بن الخيار  أنه دخل على  عثمان  رضي الله عنه وهو محصور ، فقال له : إنك إمام عامة ، ونزل بك ما نرى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج ، فقال له  عثمان    : إن الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم ؟ وكان  ابن عمر  يصلي خلف  الحجاج  ، ونجدة    - : أحدهما خارجي ، والثاني أفسق البرية وكان  ابن عمر  يقول : الصلاة حسنة ما أبالي من شركني فيها ؟ وعن  ابن جريج  قلت  لعطاء    : أرأيت إماما يؤخر الصلاة حتى يصليها مفرطا فيها ؟ قال : أصلي مع الجماعة أحب إلي ، قلت : وإن اصفرت الشمس ولحقت برءوس الجبال ؟ قال : نعم ، ما لم تغب ، قلت  لعطاء    : فالإمام لا يوفي الصلاة ، أعتزل الصلاة معه ؟ قال : بل صل معه ، وأوف ما استطعت ، الجماعة أحب إلي ، فإن رفع رأسه من الركوع ولم يوف الركعة فأوف أنت ، فإن رفع رأسه من السجدة ولم يوف ، فأوف أنت ، فإن قام وعجل عن التشهد فلا تعجل أنت ، وأوف وإن قام ؟ وعن  عبد الرزاق  عن  سفيان الثوري  عن عقبة  عن  أبي وائل    : أنه كان يجمع مع المختار الكذاب . 
وعن أبي الأشعث  قال : ظهرت الخوارج  علينا فسألت  يحيى بن أبي كثير  ، فقلت : يا أبا نصر  ، كيف ترى في الصلاة خلف هؤلاء ؟ قال : القرآن إمامك ، صل معهم ما صلوها ؟ وعن  إبراهيم النخعي  قلت  لعلقمة    : إمامنا لا يتم الصلاة ؟ قال  علقمة    : لكنا نتمها ، يعني نصلي معه ونتمها  [ ص: 130 ] وعن الحسن    : لا تضر المؤمن صلاته خلف المنافق ، ولا تنفع المنافق صلاته خلف المؤمن ؟ وعن  قتادة  قلت  لسعيد بن المسيب    : أنصلي خلف  الحجاج  ؟ قال : إنا لنصلي خلف من هو شر منه قال  علي    : ما نعلم أحدا من الصحابة رضي الله عنهم امتنع من الصلاة خلف المختار  ، وعبد الله بن زياد  ،  والحجاج  ، ولا فاسق أفسق من هؤلاء . 
وقد قال الله عز وجل : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان    } . 
ولا بر أبر من الصلاة وجمعها في المساجد فمن دعا إليها ففرض إجابته وعونه على البر والتقوى الذي دعا إليهما ، ولا إثم بعد الكفر آثم من تعطيل الصلوات في المساجد ، فحرام علينا أن نعين على ذلك ؟ وكذلك الصيام ، والحج ، والجهاد ، من عمل شيئا من ذلك عملناه معه ، ومن دعانا إلى إثم لم نجبه ، ولم نعنه عليه وكل هذا قول  أبي حنيفة  ،  والشافعي  ،  وأبي سليمان  ؟ 
				
						
						
