499 - مسألة :
: جائز ، حاشا ودخول المشركين في جميع المساجد حرم مكة كله - المسجد وغيره - فلا يحل ألبتة أن يدخله كافر .
وهو قول ، الشافعي وقال وأبي سليمان : لا بأس أن يدخله اليهودي ، والنصراني ، ومنع منه سائر الأديان وكره أبو حنيفة دخول أحد من الكفار في شيء من المساجد . مالك
قال الله تعالى : { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا }
قال : فخص الله علي المسجد الحرام ، فلا يجوز تعديه إلى غيره بغير نص ، وقد كان الحرم قبل بنيان المسجد وقد زيد فيه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا .
فصح أن الحرم كله هو المسجد الحرام ؟ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري عبد الله بن يوسف ثنا ثنا الليث سعيد بن أبي سعيد سمع قال : { أبا هريرة نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي خير ، يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ؟ وذكر الحديث . وأنه عليه السلام أمر بإطلاقه في اليوم الثالث : فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله : ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي } وذكر الحديث فبطل قول بعث رسول [ ص: 163 ] الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل ؟ مالك
وأما قول فإنه قال : إن الله تعالى قد فرق بين المشركين وبين سائر الكفار - : فقال تعالى : { أبي حنيفة لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين }
وقال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم }
قال : والمشرك : هو من جعل لله شريكا ، لا من لم يجعل له شريكا ؟ قال : لا حجة له غير ما ذكرنا فأما تعلقه بالآيتين فلا حجة له فيهما ; لأن الله تعالى قال : { علي فيهما فاكهة ونخل ورمان } والرمان من الفاكهة .
وقال تعالى : { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } وهما من الملائكة ؟ [ ص: 164 ] وقال تعالى : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى } وهؤلاء من النبيين ؟ إلا أنه كان يكون ما احتج به حجة : إن لم يأت برهان بأن أبو حنيفة اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصابئين : مشركون ، لأنه لا يحمل شيء معطوف على شيء إلا أنه غيره ، حتى يأتي برهان بأنه هو أو بعضه فنقول وبالله تعالى التوفيق - : إن أول مخالف لنص الآيتين ; لأن أبو حنيفة المجوس عنده : مشركون ، وقد فرق الله تعالى في الذكر بين المجوس ، وبين المشركين - فبطل تعلقه بعطف الله تعالى إحدى الطائفتين على الأخرى ؟ ثم وجدنا الله تعالى قد قال : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
فلو كان هاهنا كفر ليس شركا لكان مغفورا لمن شاء الله تعالى بخلاف الشرك وهذا لا يقوله مسلم ؟ حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج عن إسحاق بن راهويه عن جرير هو ابن عبد الحميد عن الأعمش أبي وائل عن قال : قال عمرو بن شرحبيل { عبد الله بن مسعود } . قال رجل : يا رسول الله ، أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : أن تدعو لله ندا ، وهو خلقك ، قال : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك
وبه إلى : أنا مسلم عمرو بن محمد بن بكير الناقد ثنا عن إسماعيل ابن علية سعيد [ ص: 165 ] الجريري ثنا عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { عبد الرحمن بن أبي بكرة } ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثا ؟ الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور أو قول الزور
وبه إلى : حدثني مسلم هارون بن سعيد الأيلي ثنا أخبرني ابن وهب عن سليمان بن بلال ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } اجتنبوا السبع الموبقات ، قيل : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
قال : فلو كان هاهنا كفر ليس شركا لكان ذلك الكفر خارجا عن الكبائر ، ولكان عقوق الوالدين ، وشهادة الزور ، أعظم منه ، وهذا لا يقوله مسلم ؟ علي
فصح أن كل كفر شرك ، وكل شرك كفر ، وأنهما اسمان شرعيان أوقعهما الله تعالى على معنى واحد ؟ ؟ وأما حجته بأن المشرك هو من جعل لله شريكا فقط : فهي منتقضة عليه من وجهين - : أحدهما : أن النصارى يجعلون لله تعالى شريكا يخلق كخلقه ، وهو يقول : إنهم ليسوا مشركين وهذا تناقض ظاهر ؟ والثاني : أن البراهمة ، والقائلين بأن العالم لم يزل ، وأن له خالقا واحدا لم يزل ، والقائلين بنبوة علي بن أبي طالب والمغيرة وبزيغ كلهم لا يجعلون لله تعالى [ ص: 166 ] شريكا وهم عند مشركون ، وهو تناقض ظاهر ؟ أبي حنيفة
ووجه ثالث : وهو أنه لم يكن المشرك إلا ما وقع عليه اسم التشريك في اللغة - : وهو من جعل لله تعالى شريكا فقط - : لوجب أن لا يكون الكفر إلا من كفر بالله تعالى وأنكره جملة ، لا من أقر به ولم يجحده ، فيلزم من هذا أن لا يكون الكفار إلا الدهرية فقط ، وأن لا يكون اليهود ، ولا النصارى ، ولا المجوس ، ولا البراهمة .
كفارا ; لأنهم كلهم مقرون بالله تعالى ، وهو لا يقول بهذا ، ولا مسلم على ظهر الأرض .
أو كان يجب أن يكون كل من غطى شيئا : كافرا ، فإن الكفر في اللغة : التغطية ، فإذا كل هذا باطل فقد صح أنهما اسمان نقلهما الله تعالى عن موضوعهما في اللغة إلى كل من أنكر شيئا من دين الله الإسلام يكون بإنكاره معاندا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النذارة إليه ، وبالله تعالى التوفيق .