[ ص: 185 ] مسألة : صلاة الصبح ركعتان في السفر والحضر أبدا ، وفي الخوف كذلك .
وصلاة المغرب ثلاث ركعات في الحضر ، والسفر ، والخوف أبدا .
ولا يختلف عدد الركعات إلا في الظهر والعصر والعتمة ، فإنها أربع ركعات في الحضر للصحيح ، والمريض ، وركعتان في السفر ، وفي الخوف ركعة .
كل هذا إجماع متيقن ، إلا كون هذه الصلوات ركعة في الخوف ففيه خلاف .
512 - مسألة :
وكون الصلوات المذكورة في السفر ركعتين فرض - سواء كان سفر طاعة أو معصية ، أو لا طاعة ولا معصية ، أمنا كان أو خوفا - فمن أتمها أربعا عامدا ، فإن كان عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته ، وإن كان ساهيا سجد للسهو بعد السلام فقط
وأما قصر كل صلاة من الصلوات المذكورة إلى ركعة في الخوف في السفر فمباح ، من صلاها ركعتين : فحسن ، ومن صلاها ركعة : فحسن ؟ وقال : أبو حنيفة فرض ، فمن أتمها فإن لم يقعد بعد الاثنتين مقدار التشهد بطلت صلاته ، وأعاد أبدا ؟ وقال قصر الصلاة في كل سفر طاعة أو معصية : مالك ، فعليه الإعادة في الوقت ؟ وقال من أتم في السفر : القصر مباح ، ومن شاء أتم ؟ ولا قصر عند الشافعي ، مالك إلا في سفر مباح فقط [ ص: 186 ] ولم ير والشافعي ، ولا أبو حنيفة ، ولا مالك : الشافعي أصلا ، لكن ركعتان فقط ؟ برهان صحة قولنا - : ما حدثنا القصر في الخوف إلى ركعة عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري مسدد ثنا ثنا يزيد بن زريع عن معمر الزهري عن عروة عن ، قالت : { عائشة } . فرضت الصلاة ركعتين ، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا ، وتركت صلاة السفر على الأولى
ورويناه أيضا : من طريق عن سفيان بن عيينة الزهري عن عروة .
ومن طريق عن مالك عن صالح بن كيسان عروة عن . عائشة
ومن طريق عن أبيه عنها - : حدثنا هشام بن عروة عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا ثنا محمد بن رافع ثنا محمد بن بشر يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زبيد اليامي عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : قال كعب بن عجرة " { عمر بن الخطاب } . صلاة الأضحى ركعتان ، وصلاة الفطر ركعتان ، وصلاة الجمعة ركعتان ، وصلاة المسافر ركعتان ، تمام غير قصر ، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الناقد ثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ثنا عبد الله بن رجاء ثنا عن هشام الدستوائي عن أيوب السختياني عن نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } . [ ص: 187 ] صلاة السفر ركعتان من ترك السنة فقد كفر
وقد روينا هذا أيضا من كلام . ابن عمر
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو كريب وإسحاق بن إبراهيم عن عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن { يعلى بن أمية { لعمر بن الخطاب ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } فقد أمن الناس ؟ ، قال : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته } . قلت
قال : فصح أن الصلاة فرضها الله تعالى ركعتين ثم بلغها في الحضر بعد الهجرة أربعا ، وأقر صلاة السفر على ركعتين . علي
وصح أن بقوله عليه السلام ، فإذ قد صح هذا فهي ركعتان لا يجوز أن يتعدى ذلك ، ومن تعداه فلم يصل كما أمر ، فلا صلاة له ، إذا كان عالما بذلك . صلاة السفر : ركعتان
ولم يخص عليه السلام سفرا من سفر ، بل عم ، فلا يجوز لأحد تخصيص ذلك ، ولم يجز رد صدقة الله تعالى التي أمر عليه السلام بقبولها ، فيكون من لا يقبلها عاصيا
واحتج من خص بعض الأسفار بذلك بأن سفر المعصية محرم ، فلا حكم له ؟ فقلنا : أما محرم فنعم ، هو محرم ، ولكنه سفر ، فله حكم السفر ، وأنتم تقولون : إنه محرم ، ثم تجعلون فيه التيمم عند عدم الماء ، وتجيزون الصلاة فيه ، وترونها فرضا ، فأي فرق بين ما أجزتم - من الصلاة والتيمم لها - وبين ما منعتم من تأديتها ركعتين كما فرض الله تعالى في السفر ؟ ولا سبيل إلى فرق ؟ وكذلك الزنى محرم ، وفيه من الغسل كالذي في الحلال ، لأنه إجناب . ومجاوزة [ ص: 188 ] ختان لختان ، فوجب فيه حكم عموم الإجناب ومجاوزة الختان للختان ؟ وكما قالوا فيمن ، فإن له من جواز الصلاة جالسا ما لمن قاتل في سبيل الله ولا فرق ، لعموم قوله عليه السلام : { قاتل في قطع الطريق فجرح جراحات منعته من القيام } . صلوا قياما فمن لم يستطع فقاعدا
فإن قيل لنا : فإنكم تقولون : من فلا صلاة له فما الفرق ؟ قلنا : نعم ، إن هؤلاء فعلوا في صلاتهم حركات لا يحل لهم فعلها ، فبذلك بطلت صلاتهم ولم يفعل المصلي ركعتين أو ركعة في صلاته شيئا غيرها ، وأما الذين ذكرتم فمشوا مشيا محرما في الصلاة ، وقاتلوا فيها قتالا محرما ؟ والعجب كل العجب من المالكيين الذين أتوا إلى عموم الله تعالى للسفر ، وعموم رسول الله صلى الله عليه وسلم للسفر - { صلى في غير سبيل الحق راكبا أو مقاتلا أو ماشيا وما كان ربك نسيا } - فخصوه بآرائهم ولم يروا قصر الصلاة في سفر معصية ثم أتوا إلى ما خصه الله تعالى وأبطل فيه العموم ، من تحريمه الميتة جملة ، ثم قال { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } .
وقوله : { فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم } : فقالوا بآرائهم : إن أكل الميتة ، والخنزير : حلال للمضطر ، وإن كان متجانفا لإثم ، وباغيا عاديا قاطعا للسبيل ، منتظرا لرفاق المسلمين يغير على أموالهم ويسفك دماءهم وهذا عجب جدا .
واحتج بعضهم في هذا بأن قالوا : حرام عليه قتل نفسه فقلنا لهم : ولم يقتل نفسه ؟ بل يتوب الآن من نيته الفاسدة ، ويحل له أكل الميتة من حينه ، والتوبة فرض عليه ولا بد ؟ وقال ، وأصحابنا : لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد ، أو عمرة . أبو سليمان
وهو قول جماعة من السلف - : [ ص: 189 ] كما روينا من طريق ثنا محمد بن أبي عدي عن شعبة عن الأعمش عمارة بن عمير عن الأسود عن قال : لا يقصر الصلاة إلا حاج ، أو مجاهد ؟ وعن ابن مسعود : أنه كان يسأل عن قصر الصلاة ؟ فيقول : إذا خرجنا حجاجا أو عمارا صلينا ركعتين وعن طاوس إبراهيم التيمي : أنه كان لا يرى القصر إلا في : حج ، أو عمرة ، أو جهاد واحتجوا بقول الله تعالى : { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } .
وقالوا : لم يصل عليه السلام ركعتين إلا في : حج ، أو عمرة أو جهاد قال : لو لم يرد إلا هذه الآية وفعله عليه السلام لكان ما قالوا ، لكن لما ورد على لسانه عليه السلام : ركعتان في السفر ، وأمر بقبول صدقة الله تعالى بذلك - : كان هذا زائدا على ما في الآية وعلى عمله عليه السلام ، ولا يحل ترك الأخذ بالشرع الزائد ؟ واحتج الشافعيون في قولهم : إن المسافر مخير بين ركعتين أو أربع ركعات - : بهذه الآية ، وأنها جاءت بلفظ لا جناح وهذا يوجب الإباحة لا الفرض ؟ وبخبر رويناه من طريق علي عبد الرحمن بن الأسود { أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة المدينة إلى مكة ، فلما قدمت مكة قالت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت ، وأفطرت وصمت قال : أحسنت يا عائشة } . عن
ومن طريق عن عطاء { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافر فيتم الصلاة ويقصر
وبأن أتم الصلاة عثمان بمنى بحضرة جميع الصحابة رضي الله عنهم فأتموها معه ؟ وبأن عائشة - وهي روت { } كانت تتم في السفر . فرضت الصلاة ركعتين ركعتين
قال : هذا كل ما احتجوا به ، وكله لا حجة لهم فيه - : أما الآية فإنها لم تنزل في القصر المذكور ، بل في غيره على ما نبين بعد هذا ، إن [ ص: 190 ] شاء الله تعالى . علي
وأما الحديثان فلا خير فيهما - : أما الذي من طريق عبد الرحمن بن الأسود فانفرد به العلاء بن زهير الأزدي ، لم يروه غيره ، وهو مجهول .
وأما حديث فانفرد به عطاء ، لم يروه غيره ، وقال فيه المغيرة بن زياد : هو ضعيف ، كل حديث أسنده فهو منكر وأما فعل أحمد بن حنبل ، عثمان وعائشة رضي الله عنهما فإنهما تأولا تأويلا خالفهما فيه غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم .
كما حدثنا أحمد بن عمر الغدري ثنا ثنا أبو ذر الهروي عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ثنا إبراهيم بن خزيم ثنا ثنا عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة عن عائشة - فذكر الخبر ، وفيه - قال الزهري : فقلت لعروة : فما كان عمل عائشة - فذكر الخبر ، وفيه - قال الزهري : فقلت لعروة : فما كان عمل عائشة أن تتم في السفر وقد علمت أن الله تعالى فرضها ركعتين ركعتين .
قال : تأولت من ذلك ما تأول من إتمام الصلاة عثمان بمنى وروينا من طريق عن عبد الرزاق الزهري قال : بلغني أن إنما صلاها أربعا - يعني عثمان بمنى - لأنه أزمع أن يقيم بعد الحج .
فعلى هذا أتم معه من كان يتم معه من الصحابة رضي الله عنهم ، لأنهم أقاموا بإقامته وقد خالفهما من الصحابة طوائف - : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع : أنه كان إذا صلى مع الإمام ابن عمر بمنى أربع ركعات انصرف إلى منزله فصلى فيه ركعتين أعادها ومن طريق عن عبد الرزاق سعيد بن السائب بن يسار حدثني داود بن أبي عاصم قال : سألت عن ابن عمر بمنى ؟ [ ص: 191 ] فقال : " سمعت { صلاة السفر بمنى ركعتين ركعتين } فصل إن شئت أو دع ؟ ومن طريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي عبد الوارث بن سعيد التنوري : ثنا عن أبو التياح عن مورق العجلي قلت صفوان بن محرز : حدثني عن صلاة السفر ، قال : أتخشى أن تكذب علي ، قلت : لا ، قال : ركعتان ، من خالف السنة كفر ؟ ومن طريق لابن عمر : ثنا سعيد بن منصور مروان بن معاوية هو الفزاري - ثنا حميد بن علي العقيلي عن قال : قال الضحاك بن مزاحم : من صلى في السفر أربعا كمن صلى في الحضر ركعتين . ابن عباس
ومن طريق عن سفيان بن عيينة جعفر بن محمد عن أبيه قال : اعتل وهو عثمان بمنى فأتى فقيل له : صل بالناس ؟ فقال : إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ركعتين قالوا : لا ، إلا صلاة أمير المؤمنين يعنون علي - : أربعا فأبى عثمان . عثمان
وهكذا عمن بعدهم : روينا عن ، وقد ذكر له الإتمام في السفر لمن شاء ، فقال : لا ، الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصح غيرهما . عمر بن عبد العزيز
فإذا اختلف الصحابة فالواجب رد ما تنازعوا فيه إلى القرآن والسنة ؟ وأما المالكيون ، والحنفيون فقد تناقضوا ههنا أقبح تناقض ، لأنهم إذا تعلقوا بقول صاحب وخالفوا روايته قالوا : هو أعلم بما روى ، ولا يجوز أن يظن به أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لعلم كان عنده رآه أولى مما روى .
وها هنا أخذوا رواية وتركوا فعلها ، وقالوا بأقبح ما يشنعون به على غيرهم ، فرأوا أن عائشة ، عثمان وعائشة ومن معهما صلوا صلاة فاسدة يلزمهم إعادتها ، إما أبدا وإما في الوقت ؟ قال : وأما قولنا في صلاة الخوف ركعة فلما حدثنا علي عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج يحيى بن يحيى ، ، وسعيد بن منصور وأبو الربيع الزهراني ، ، كلهم عن وقتيبة أبي عوانة عن بكير بن الأخنس عن عن مجاهد قال { ابن عباس } . [ ص: 192 ] فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة
ورويناه أيضا - من طريق ، حذيفة ، وجابر ، وزيد بن ثابت وأبي هريرة ، كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد في غاية الصحة ؟ وقال تعالى : { وابن عمر وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } .
كتب إلى هشام بن سعيد الخير قال : ثنا عبد الجبار بن أحمد المقرئ الطويل ثنا الحسن بن الحسين بن عبدويه النجيرمي ثنا جعفر بن محمد بن الحسن الأصفهاني ثنا أبو بشر يونس بن حبيب بن عبد القادر ثنا ثنا أبو داود الطيالسي المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله - عن - قال : سألت يزيد الفقير هو يزيد بن صهيب عن جابر بن عبد الله قال الركعتين في السفر ، أقصرهما ؟ لا : إن الركعتين في السفر ليستا بقصر ، إنما القصر ركعة عند القتال قال جابر : وبهذه الآية قلنا : إن علي - إن شاء - ركعة - وإن شاء - ركعتان ; لأنه جاء في القرآن بلفظة لا جناح لا بلفظ الأمر والإيجاب ، وصلاهما الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة ركعة ومرة ركعتين ، فكان ذلك على الاختيار كما قال صلاة الخوف في السفر رضي الله عنه ؟ جابر