526 - مسألة : ويلزم من كان منها بحيث إذا زالت الشمس وقد توضأ قبل ذلك دخل الطريق إثر أول الزوال ومشى مترسلا ويدرك منها ولو السلام ، سواء سمع النداء أو لم يسمع ، فمن كان بحيث إن فعل ما ذكرنا لم يدرك منها ولا السلام لم يلزمه المجيء إليها ، سمع النداء أو لم يسمع ، وهو قول المجيء إلى الجمعة . ربيعة
كالعذر في التخلف عن سائر صلوات الفرض ، كما ذكرنا [ ص: 260 ] قبل ، واختلف الناس في هذا - : فروينا عن والعذر في التخلف عنها عن ابن جريج : أن سليمان بن موسى كان يأمر على المنبر في خطبته أهل فاءين فمن دونها بحضور الجمعة ، وهم على أربعة وعشرين ميلا من معاوية دمشق .
وعن : أنه كان يأمر من كان على خمسة عشر ميلا بحضور الجمعة ، وعن معاذ بن جبل الزهري : تجب الجمعة على كل من كان من الجامع بمقدار وقتادة ذي الحليفة من المدينة ، وقال : تؤتى الجمعة من فرسخين وعن إبراهيم النخعي ، أبي هريرة ، وأنس ، وابن عمر ، ونافع وعكرمة ، والحكم ، ، وعن وعطاء الحسن ، ، وقتادة : تؤتى الجمعة من حيث إذا صلاها ثم خرج أدركه الليل في منزله ، وهو قول وأبي ثور الأوزاعي .
وروي عن ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، سعيد بن المسيب : تجب الجمعة على من سمع النداء ، وأن وعمرو بن شعيب كان يكون من عبد الله بن عمرو الطائف على ثلاثة أميال فلا يأتي الجمعة .
وبه يقول ، أحمد بن حنبل . وإسحاق بن راهويه
وعن : تؤتى الجمعة على أربعة أميال ؟ وقال ابن المنكدر ، مالك : تجب الجمعة على من كان من المصر على ثلاثة أميال ، ولا تجب على من كان على أكثر من ذلك ؟ وقال والليث : تجب على أهل المصر وإن عظم ، وأما من كان خارج المصر ، فمن كان بحيث يسمع النداء فعليه أن يجيب ومن كان بحيث لا يسمع النداء لم تلزمه الجمعة ؟ وقال الشافعي وأصحابه : تلزم الجمعة جميع أهل المصر - سمعوا النداء أو لم يسمعوا - ولا تلزم من كان خارج المصر ، سمع النداء أو لم يسمع ؟ أبو حنيفة
[ ص: 261 ] قال : كل هذه الأقوال لا حجة لقائلها ، لا من قرآن ، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا قول صاحب لا مخالف له ، ولا إجماع ، ولا قياس لا سيما قول علي وأصحابه . أبي حنيفة
فإن تعلق من يحد ذلك بثلاثة أميال بأن أهل العوالي كانوا يجمعون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا : وقد روي أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون معه عليه السلام ، وهي على أكثر من ثلاثة أميال ، وليس في ذلك دليل على أنه عليه السلام أوجب ذلك عليهم فرضا ، بل قد روي أنه عليه السلام أذن لهم في أن لا يصلوها معه .
وقد صح ذلك عن رضي الله عنه - : كما روينا من طريق عثمان عن مالك الزهري عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع فصلى ثم خطب فقال : إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان ، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ، ومن أحب أن يرجع فليرجع ، فقد أذنت له ؟ قال عثمان بن عفان : لو كان ذلك عنده فرضا عليهم لما أذن لهم في تركها . علي
وأما من قال : تجب على من سمع النداء - : فإن النداء قد لا يسمعه لخفاء صوت المؤذن - أو لحمل الريح له إلى جهة أخرى ، أو لحوالة رابية من الأرض دونه من كان قريبا جدا ، وقد يسمع على أميال كثيرة إذا كان المؤذن في المنار والقرية في جبل ، والمؤذن صيتا والريح تحمل صوته ؟ وبالضرورة ندري أن { } أنه إنما أمره بالإجابة لحضور الصلاة المدعو إليها ، لا من يوقن أنه لا يدرك منها [ ص: 262 ] شيئا ، هذا معلوم يقينا ويبين ذلك إخباره عليه السلام بأنه يهم بإحراق منازل المتخلفين عن الصلاة في الجماعة لغير عذر . قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : أجب
فإذ قد اختلفوا هذا الاختلاف فالمرجوع إليه ما افترض الله الرجوع إليه من القرآن والسنة ؟ - : فوجدنا الله تعالى قد قال : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } .
فافترض الله تعالى السعي إليها إذا نودي لها ، لا قبل ذلك ، ولم يشترط تعالى من سمع النداء ممن لم يسمعه ، إنما هو إذا زالت الشمس ، فمن أمر بالرواح قبل ذلك فرضا فقد افترض ما لم يفترضه الله تعالى في الآية ولا رسوله صلى الله عليه وسلم . والنداء لها
فصح يقينا أنه تعالى أمر بالرواح إليها إثر زوال الشمس ، لا قبل ذلك ، فصح أنه قبل ذلك فضيلة لا فريضة ، كمن قرب بدنة ، أو بقرة ، أو كبشا ، أو ما ذكر معها وقد صح أمر النبي صلى الله عليه وسلم من مشى إلى الصلاة بالسكينة والوقار ، والسعي المذكور في القرآن إنما هو المشي لا الجري .
وقد صح أن السعي المأمور به إنما هو لإدراك الصلاة لا للعناء دون إدراكها ، وقد قال عليه السلام : { } . فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
فصح قولنا بيقين لا مرية فيه - وبالله تعالى التوفيق .