527 - مسألة : فيخطب واقفا خطبتين يجلس بينهما جلسة ؟ وليست الخطبة فرضا ، فلو صلاها إمام دون خطبة صلاها ركعتين جهرا ولا بد ويبتدئ الإمام - بعد الأذان وتمامه - بالخطبة
ونستحب له أن يخطبهما على أعلى المنبر مقبلا على الناس بوجهه ، يحمد الله تعالى ، ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم ويذكر الناس بالآخرة ، ويأمرهم بما يلزمهم في دينهم ؟ وما خطب به مما يقع عليه اسم خطبة أجزأه ، ولو خطب بسورة يقرؤها : فحسن
[ ص: 263 ] فإن كان لم يسلم على الناس إذ دخل - فليسلم عليهم إذا قام على المنبر ؟ روينا عن ، أبي بكر : أنهما كانا يسلمان إذا قعدا على المنبر ؟ - : حدثنا وعمر عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي أحمد بن الحجاج ثنا أبو كامل الجحدري ثنا ثنا خالد بن الحارث - عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع قال { ابن عمر } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ، ثم يقوم ، كما يفعلون اليوم
وقد روينا عن ، عثمان ، أنهما كانا يخطبان جالسين . ومعاوية
قال : قال الله تعالى : { أبو محمد لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } فإنما لنا الائتساء بفعله صلى الله عليه وسلم وليس فعله فرضا ؟ فأما ، أبو حنيفة فقالا : الخطبة فرض لا تجزئ صلاة الجمعة إلا بها ، ومالك فرض ، واحتجا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . والوقوف في الخطبة
ثم تناقضا فقالا : إن خطب جالسا أجزأه ، وإن أجزأه ، وإن لم يخطب لم يجزه ، وقد صح عن خطب خطبة واحدة أنه قال " من أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب جالسا فقد كذب " . جابر
قال : من الباطل أن يكون بعض فعله عليه السلام فرضا وبعضه غير فرض . أبو محمد
وقال : إن خطب خطبة واحدة لم تجزه الصلاة . الشافعي
ثم تناقض فأجاز ، والقول عليه في ذلك كالقول على الجمعة لمن خطب قاعدا ، أبي حنيفة في إجازتهما الجمعة بخطبة واحدة ولا فرق ؟ ومالك
وقال ، عطاء ، وطاوس : من لم يدرك ومجاهد لم يصلها إلا [ ص: 264 ] أربعا ، لأن الخطبة أقيمت مقام الركعتين . الخطبة يوم الجمعة
روينا من طريق الخشني : ثنا ثنا محمد بن المثنى عن أبو عاصم الضحاك بن مخلد حنظلة بن أبي سفيان الجمحي المكي قال : سمعت ، طاوسا يقولان : من لم يدرك الخطبة صلى أربعا ومن طريق وعطاء : ثنا محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان أبي يونس الحسن بن يزيد سمعت يقول : إذا لم تدرك الخطبة يوم الجمعة فصل أربعا . مجاهدا
وروينا من طريق عن عبد الرزاق الأوزاعي عن : أن عمرو بن شعيب قال : الخطبة موضع الركعتين ، فمن فاتته الخطبة صلى أربعا ؟ قال عمر بن الخطاب : الحنفيون ، والمالكيون يقولون : المرسل كالمسند وأقوى ، فيلزمهم الأخذ بقول أبو محمد ههنا ، وإلا فقد تناقضوا ؟ قال عمر : من احتج في إيجاب فرض الخطبة بأنها جعلت بدلا عن الركعتين لزمه أن يقول بقول هؤلاء ، وإلا فقد تناقض واحتج بعضهم في إيجاب الخطبة بقول الله تعالى : { أبو محمد وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما } .
قال : وهذا الاحتجاج لا منفعة لهم فيه في تصويب قولهم ، وإنما فيه أنهم تركوه قائما ، وهكذا نقول ، وإنما هو رد على من قال : إنهم تركوه عليه السلام قاعدا ، وهذا لا يقوله أحد ، وليس في إنكار الله تعالى لتركهم لنبيه عليه السلام قائما - : إيجاب لفرض القيام في الخطبة ، ولا لفرض الخطبة ؟ فإن كان ذلك عندهم كما يقولون فيلزمهم أن من خطب قاعدا فلا جمعة له ولا لهم ، وهذا لا يقوله أحد منهم ، فظهر أن احتجاجهم بالآية عليهم ، وأنها مبطلة لأقوالهم في ذلك لو كانت على إيجاب القيام ، وليس فيها أثر بوجه من الوجوه على إيجاب الخطبة ، إنما فيها أن الخطبة تكون قياما فقط ؟ فإن ادعوا إجماعا تعجل ما رويناه عن أبو محمد سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة : من لم يخطب يوم الجمعة صلى ركعتين على كل حال . [ ص: 265 ] الحسن البصري
وقد قاله أيضا : وقد أقدم بعضهم - بجاري عادتهم في الكذب على الله تعالى - فقال : إن قول الله تعالى : { ابن سيرين فاسعوا إلى ذكر الله } إنما مراده إلى الخطبة وجعل هذا حجة في إيجاب فرضها ؟ قال : ومن لهذا المقدم أن الله تعالى أراد بالذكر المذكور فيها الخطبة ؟ بل أول الآية وآخرها يكذبان ظنه الفاسد ; لأن الله تعالى إنما قال : { أبو محمد إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } .
ثم قال عز وجل : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا } .
فصح أن الله إنما افترض السعي إلى الصلاة إذا نودي لها ، وأمر إذا قضيت بالانتشار وذكره كثيرا .
فصح يقينا أن الذكر المأمور بالسعي له هو الصلاة ، وذكر الله تعالى فيها بالتكبير ، والتسبيح والتمجيد ، والقراءة ، والتشهد لا غير ذلك ؟ ولو كان ما قاله هذا الجاهل لكان من لم يدرك الخطبة ولا شيئا منها وأدرك الصلاة غير مؤد لما افترض الله تعالى عليه من السعي ، وهم لا يقولون هذا ، وقد قاله من هو خير منهم ، فلا يكذبون ثانية في دعوى الإجماع مموهين على الضعفاء - وبالله تعالى التوفيق .
فإن قالوا : لم يصلها عليه السلام قط إلا بخطبة ؟ قلنا : ولا صلاها عليه السلام قط إلا بخطبتين قائما يجلس بينهما ، فاجعلوا كل ذلك فرضا لا تصح الجمعة إلا به ، ولا صلى عليه السلام قط إلا رفع يديه في التكبيرة الأولى ، فأبطلوا الصلاة بترك ذلك
وأما قولنا : فاقتداء بظاهر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . ما وقع عليه اسم خطبة
وقال : تجزئ تكبيرة ، وهذا نقض منه لإيجابه الخطبة فرضا ، لأن التكبيرة لا تسمى خطبة ، ويقال لهم : إذا جاز هذا عندكم فلم لا أجزأت عن الخطبة تكبيرة الإحرام فهي ذكر ؟ أبو حنيفة
[ ص: 266 ] وقال - : الخطبة : كل كلام ذي بال ؟ قال مالك : ليس هذا حدا للخطبة ، وهو يراها فرضا ، ومن أوجب فرضا فواجب عليه تحديده ، حتى يعلمه متبعوه علما لا إشكال فيه ، وإلا فقد جهلوا فرضهم وأما أبو محمد فهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صحت بذلك الآثار المتواترة وكان يلزمهم أن يجعلوا هذا أيضا فرضا ، لأنه مذ عمل المنبر لم يخطب النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة إلا عليه ؟ وأما قولنا : إن خطب بسورة يقرؤها : فحسن . خطبتها على أعلى المنبر
روينا من طريق حدثني مسلم محمد بن بشار ثنا ثنا محمد بن جعفر عن شعبة خبيب بن عبد الرحمن عن عبد الله بن محمد بن معاوية عن ابنة قالت " ما حفظت ( ق ) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة ، وكان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا " . لحارثة بن النعمان