[ ص: 293 ] صلاة العيدين
543 - مسألة : هما عيد الفطر من رمضان ، وهو : أول يوم من شوال ، ويوم الأضحى : وهو اليوم العاشر من ذي الحجة ، ليس للمسلمين عيد غيرهما ، إلا يوم الجمعة . وثلاثة أيام بعد يوم الأضحى ; لأن الله تعالى لم يجعل لهم عيدا غير ما ذكرنا ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولا خلاف بين أهل الإسلام في ذلك ، : لأن الله تعالى لم يمنع من ذلك ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف أيضا بين أهل الإسلام في هذا ؟ ولا يحرم العمل ، ولا البيع في شيء من هذه الأيام : أن يبرز أهل كل قرية أو مدينة إلى فضاء واسع بحضرة منازلهم ضحوة إثر ابيضاض الشمس ، وحين ابتداء جواز التطوع . وسنة صلاة العيدين
ويأتي الإمام فيتقدم بلا أذان ولا إقامة ، فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، وفي كل ركعة " أم القرآن " وسورة ، وتستحب أن تكون السورة في الأولى " ق " .
وفي الثانية " اقتربت الساعة " أو " سبح اسم ربك الأعلى " .
و " هل أتاك حديث الغاشية " .
وما قرأ من القرآن مع ( أم القرآن ) أجزأه .
ويكبر في الركعة الأولى إثر تكبيرة الإحرام : سبع تكبيرات متصلة قبل قراءة القرآن ( أم القرآن ) ويكبر في أول الثانية إثر تكبيرة القيام : خمس تكبيرات .
يجهر بجميعهن قبل قراءته ( أم القرآن ) .
ولا يرفع - يديه في شيء منها إلا حيث يرفع في سائر الصلوات فقط .
ولا يكبر بعد القراءة إلا تكبيرة الركوع فقط .
فإذا سلم الإمام قام فخطب الناس خطبتين يجلس بينهما جلسة ، فإذا أتمهما افترق الناس .
فإن فليست خطبة ، ولا يجب الإنصات له ، كل هذا لا خلاف فيه إلا في مواضع نذكرها إن شاء الله تعالى ؟ - : [ ص: 294 ] منها - : ما يقرأ مع ( أم القرآن ) وفي صفة التكبير خطب قبل الصلاة
وأحدث بنو أمية : تأخير الخروج إلى العيد ، وتقديم الخطبة قبل الصلاة والأذان والإقامة فأما : فإن الذي يقرأ مع " أم القرآن " قال : أكره أن يقتصر على سورة بعينها . أبا حنيفة
وشاهدنا المالكيين لا يقرءون مع " أم القرآن " " إلا " " والشمس وضحاها " ، و " سبح اسم ربك الأعلى " . وهذان الاختياران : فاسدان ، وإن كانت الصلاة كذلك جائزة .
وإنما ننكر اختيار ذلك ، لأنهما خلاف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج يحيى بن يحيى قرأت على عن مالك ضمرة بن سعيد المازني عن : { عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود سأل عمر بن الخطاب ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفطر ، والأضحى ؟ فقال : كان يقرأ فيهما بق والقرآن المجيد و اقتربت الساعة أبا واقد الليثي } . أن
قال : أبو محمد عبيد الله أدرك وسمع منه ، واسمه أبا واقد الليثي الحارث بن عوف ، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء غير هذا ؟ وما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا ثنا محمود بن غيلان ثنا وكيع ، مسعر بن كدام - كلاهما عن وسفيان هو الثوري معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن { سمرة بن جندب } . أنه عليه السلام كان يقرأ في العيد : سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
واختيارنا هو اختيار ، الشافعي . وأبي سليمان
وقد روي عن أنه ذكر بعض ذلك ؟ ومنها - التكبير ، فإن أبي حنيفة قال : يكبر للإحرام ثم يتعوذ ثم يكبر ثلاث تكبيرات يجهر بها ، ويرفع يديه مع كل تكبيرة ، ثم يقرأ ثم يركع ، فإذا قام بعد السجود إلى الركعة الثانية كبر للإحرام ثم قرأ ، فإذا أتم السورة مع ( أم القرآن ) كبر ثلاث تكبيرات جهرا ، يرفع مع كل تكبيرة يديه ، ثم يكبر للركوع . أبا حنيفة
وقال : سبعا في الأولى بتكبيرة الإحرام ، وخمسا في الثانية سوى تكبيرة [ ص: 295 ] القيام واختلف في ذلك عن السلف رضي الله عنهم - : فروينا عن مالك رضي الله عنه : أنه كان يكبر في الفطر ، والأضحى ، والاستسقاء سبعا في الأولى ، وخمسا في الآخرة ، ويصلي قبل الخطبة ، ويجهر بالقراءة . علي
وأن ، أبا بكر ، وعمر : كانوا يفعلون ذلك ، إلا أن في الطريق وعثمان ، وهو أيضا منقطع ، عن إبراهيم بن أبي يحيى محمد بن علي بن الحسين : أن ؟ وروينا من طريق عليا ، مالك كلاهما عن وأيوب السختياني قال : شهدت العيد مع نافع فكبر في الأولى سبعا ، وفي الأخرى خمسا قبل القراءة . أبي هريرة
وهذا سند كالشمس وروينا من طريق عن معمر عن أبي إسحاق السبيعي قال : كان الأسود بن يزيد جالسا وعنده ابن مسعود ، حذيفة ، فسألهم وأبو موسى الأشعري عن سعيد بن العاص ؟ فقال التكبير في الصلاة يوم الفطر ، والأضحى يكبر أربعا ثم يقرأ ، ثم يكبر فيركع ، ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا بعد القراءة ؟ ومن طريق ابن مسعود عن شعبة خالد الحذاء ، كلاهما عن وقتادة عبد الله بن الحارث هو ابن نوفل - قال : كبر يوم العيد في الركعة الأولى أربع تكبيرات ثم قرأ ثم ركع ، ثم قام فقرأ ثم كبر ثلاث تكبيرات سوى تكبيرة الصلاة وهذان إسنادان في غاية الصحة ، وبهذا تعلق ابن عباس ، قال أبو حنيفة : أين وجد لهؤلاء رضي الله عنهم أو لغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ما قاله من أن يتعوذ إثر الأولى ثم يكبر ثلاثا ، وأنه يرفع يديه معهن ؟ فبطل عن أن يكون له متعلق بصاحب . [ ص: 296 ] أبو محمد
وأطرف ذلك أمره برفع الأيدي في التكبير ، الذي لم يصح قط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع فيه يديه ، ونهيه عن حيث صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه وهكذا فليكن عكس الحقائق ، وخلاف السنن ؟ وروينا من طريق رفع الأيدي في التكبير في الصلاة عن يحيى بن سعيد القطان سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة عكرمة عن في التكبير في العيدين ؟ قال : يكبر تسعا أو إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة - وهذا سند في غاية الصحة ؟ وعن ابن عباس قال : التكبير في يوم العيد في الركعة الأولى أربعا ، وفي الآخرة ثلاثا ، والتكبير سبع سوى تكبير الصلاة - إلا أن في الطريق جابر بن عبد الله وليس بشيء إبراهيم بن يزيد
قال : وفي هذا آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصح شيء منها - : منها - من طريق أبو محمد عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد ابن شهاب عن عروة عن { عائشة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر ، والأضحى ، في الأولى : سبع تكبيرات ، وفي الثانية : خمس تكبيرات
ومن طريق عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { عبد الله بن عمرو بن العاص } . التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما كلتاهما
وهذا كله لا يصح ، ومعاذ الله أن نحتج بما لا يصح كمن يحتج [ ص: 297 ] بابن لهيعة إذا وافقا هواه ، كفعله في زكاة الإبل وغير ذلك ، ويرد روايتهما إذا خالفا هواه هذا فعل من لا دين له ، ولا يبالي بأن يضل في دين الله تعالى ويضل وعمرو بن شعيب
ومنها - خبر من طريق عن زيد بن الحباب عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول أخبرني أبو عائشة جليس أنه حضر أبي هريرة { سعيد بن العاص ، أبا موسى الأشعري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى ، والفطر ؟ فقال وحذيفة بن اليمان كان يكبر أربعا ، تكبيره على الجنائز ، قال أبو موسى : صدق ، قال حذيفة كذلك كنت أكبر أبو موسى بالبصرة حيث كنت عليهم } . سأل
قال : أبو محمد عبد الرحمن بن ثوبان ضعيف وأبو عائشة مجهول ، لا يدرى من هو ولا يعرفه أحد ولا تصح رواية عنه لأحد ، ولو صح لما كان فيه للحنفيين حجة ، لأنه ليس فيه ما يقولون من أربع تكبيرات في الأولى بتكبيرة الإحرام ، وأربع في الثانية بتكبيرة الركوع ، ولا أن الأولى يكبر فيها قبل القراءة ، وفي الثانية بعد القراءة ، بل ظاهره أربع في كلتا الركعتين في الصلاة كلها ، كما في صلاة الجنازة .
وهذا قياس عليهم لا لهم ; لأن تكبير الجنازة أربع فقط ، وهم يقولون : بست في كلتا الركعتين دون تكبيرتي الإحرام والركوع والقيام ، أو بعشر تكبيرات إن عدوا فيها تكبيرة الإحرام ، والقيام ، والركوع ، وليس فيه رفع الأيدي كما زعموا ، فظهر تمويههم جملة - ولله تعالى الحمد .
قال : وأما علي فإنه جعل في الأولى سبعا بتكبيرة الإحرام ، وخمسا في الثانية دون تكبيرة القيام ، وهذا غير محفوظ عن أحد من السلف . مالك
وإنما اخترنا ما اخترنا ، لأنه أكثر ما قيل ، والتكبير خير ، ولكل تكبيرة عشر حسنات ، [ ص: 298 ] فلا يحقرها إلا محروم ، ولو وجدنا من يقول : بأكثر لقلنا به ، لقول الله تعالى : { وافعلوا الخير } والتكبير خير بلا شك .
واختيارنا هو اختيار ، الشافعي وأبي سليمان
ومنها - ما أحدث بنو أمية من - : حدثنا تأخير الصلاة ، وإحداث الأذان والإقامة ، وتقديم الخطبة قبل الصلاة عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا عن البخاري ، أبي عاصم . ويعقوب بن إبراهيم
قال : أنا أبو عاصم أخبرني ابن جريج الحسن بن مسلم عن عن طاوس . ابن عباس
وقال يعقوب : ثنا - ثنا أبو أسامة هو حماد بن أسامة - عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع . ابن عمر
ثم اتفق ، ابن عباس كلاهما يقول { وابن عمر ، وأبا بكر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة قال وعمر ابن عباس وعثمان } . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومن طريق عن مالك ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع ، عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، كلهم يصلي ثم يخطب . وعلي بن أبي طالب
وبالسند المذكور إلى : ثنا البخاري ثنا إبراهيم بن موسى هشام أن أخبرهم قال : أخبرني ابن جريج عن عطاء ، ابن عباس قالا جميعا : لم يكن يؤذن يوم الفطر ، ولا يوم الأضحى ؟ [ ص: 299 ] قال وجابر بن عبد الله : علي ، والأذان والإقامة فيهما الدعاء إلى الصلاة ، فلو أمر عليه السلام بذلك لصارت تلك الصلاة فريضة بدعائه إليها ؟ لا أذان ولا إقامة لغير الفريضة
واعتلوا : بأن الناس كانوا إذا صلوا تركوهم ولم يشهدوا الخطبة ، وذلك لأنهم كانوا يلعنون رضي الله عنه ، فكان المسلمون يفرون ، وحق لهم ، فكيف وليس الجلوس للخطبة واجبا ؟ حدثنا علي بن أبي طالب حمام بن أحمد ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن زهير بن حرب ثنا عبد الله بن أحمد الكرماني ثنا الفضل بن موسى السيناني عن عن ابن جريج - عن { عطاء هو ابن أبي رباح قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فصلى ، ثم قال عليه السلام : قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب عبد الله بن السائب } .
قال : إن قيل : إن أبو محمد أرسله عن محمد بن الصباح الفضل بن موسى ؟ قلنا : نعم ، فكان ماذا ؟ المسند زائد علما لم يكن عند المرسل ، فكيف وخصومنا أكثرهم يقول : إن المرسل والمسند سواء ؟ [ ص: 300 ] وروينا من طريق عن ابن جريج ، قال : ليس حقا على الناس عطاء والآثار في هذا كثيرة جدا حضور الخطبة ، يعني في العيدين