828 - مسألة :
ولا بأس أن أو بغير ذلك ولا كراهة في ذلك ; ولا بأس أن تسدل المرأة الثوب من على رأسها على وجهها . يغطي الرجل وجهه بما هو ملتحف به
أما أمر المرأة ، فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهاها عن النقاب ; ولا يسمى السدل نقابا فإن كان " البرقع " يسمى نقابا ، لم يحل لها لباسه ; وأما اللثام فإنه نقاب بلا شك ; فلا يحل لها .
وقد قال الله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا نهيتكم عن شيء فدعوه } .
وقال تعالى : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } فصح أن ما لم يفصل لنا تحريمه فمباح ، وما لم ينه عنه فحلال - وبالله تعالى التوفيق ; وقد صح في ذلك خلاف - : روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون قال : رأى محمد بن المنكدر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها - وهي محرمة - فقال لها : اكشفي وجهك فإنما حرمة المرأة في وجهها . ابن عمر
وصح خلاف هذا عن غيره ، كما روينا عن عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة فاطمة بنت المنذر أن أسماء بنت أبي بكر الصديق كانت تغطي وجهها وهي محرمة .
وعن عن وكيع عن شعبة يزيد الرشك عن معاذة العدوية قالت : سألت عائشة أم المؤمنين ما تلبس المحرمة ؟ فقالت : لا تنتقب ، ولا تلثم ، وتسدل الثوب على وجهها - وعن أيضا ذلك ، فكان المرجوع في ذلك إلى ما منع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط . عثمان
وأما الرجل : فإننا روينا من طريق عن ابن أبي شيبة عن أبي معاوية عن [ ص: 79 ] ابن جريج عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد الفرافصة بن عمير قال : كان ، عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت يخمرون وجوههم وهم محرمون . وابن الزبير
ومن طريق ، معمر كليهما عن وسفيان بن عيينة قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقول : رأيت عبد الله بن عامر بن ربيعة مخمرا وجهه بقطيفة أرجوان بالعرج في يوم صائف وهو محرم - : نا عثمان بن عفان محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصير نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري قال : سمعت أبي الزبير يقول : المحرم يغطي من الغبار ويغطي وجهه إذا نام ويغتسل ويغسل ثيابه . جابر بن عبد الله
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير ، جابر بن عبد الله أنهما كانا يخمران وجوههما وهما محرمان . وابن الزبير
ومن طريق عن حماد بن سلمة قيس بن سعد عن عن عطاء أنه قال : المحرم يغطي ما دون الحاجب والمرأة تسدل ثوبها من قبل قفاها على هامتها . ابن عباس
وعن أيضا : إباحة تغطية المحرم وجهه وهو قول عبد الرحمن بن عوف ، عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وعلقمة ، وإبراهيم النخعي والقاسم بن محمد كلهم أفتى المحرم بتغطية وجهه وبين بعضهم من الشمس ، والغبار ، والذباب وغير ذلك .
وهو قول ، سفيان الثوري ، والشافعي ، وأصحابهم وروي عن وأبي سليمان : لا يغطي المحرم وجهه - وقال به ابن عمر ، ولم ير على المحرم إن غطى وجهه شيئا لا فدية ، ولا صدقة ، ولا غير ذلك إلا أنه كرهه فقط ، بل قد روى عنه ما يدل على جواز ذلك . مالك
روينا من طريق نا سعيد بن منصور - عن سفيان هو ابن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : الذقن من الرأس فلا تغطه ، وقال : إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه - وقال ابن عمر وأصحابه : لا يغطي المحرم وجهه فإن فعل فعليه الفدية . [ ص: 80 ] قال أبو حنيفة : ما نعلم أحدا قال هذا قبل أبو محمد ، وهم يعظمون خلاف الجمهور ; وقد خالفوا هاهنا : أبي حنيفة ، عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وجمهور التابعين ; فإن تعلقوا وابن الزبير فقد ذكرنا في هذا الباب عن بابن عمر نهي المرأة عن أن تسدل على وجهها وقد خالفوه ، وروينا عنه ما يدل على جواز تغطية المحرم وجهه كما ذكرنا آنفا ; فمرة هو حجة ، ومرة ليس هو حجة ، أف لهذا عملا ؟ قال ابن عمر : والعجب كل العجب أنهم قالوا : لما كانت المرأة إحرامها في وجهها كان الرجل بذلك أحق لأنه أغلظ حالا منها في الإحرام ؟ قال أبو محمد : والسنة قد فرقت بين الرجل والمرأة في الإحرام فوجب على الرجل في الإحرام كشف رأسه ولم يجب على المرأة ، واتفقا في أن لا يلبسا قفازين واختلفا في الثياب ، فمن أين وجب أن يقاس عليها في تغطية وجهه ؟ إن هذا القياس سخيف جدا ، وأيضا : فقد كذبوا وما نهيت المرأة عن تغطية وجهها ; بل هو مباح لها في الإحرام - وإن نهيت عن النقاب فقط - فظهر فساد قياسهم ؟ والعجب أنهم احتجوا في ذلك بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره في الذي مات محرما أن لا يخمر رأسه ، ولا وجهه رويناه من طرق جمة - : منها من طريق أبو محمد نا مسلم أبو كريب نا عن وكيع سفيان عن عمرو بن دينار عن عن سعيد بن جبير { ابن عباس } . أن رجلا أوقصته راحلته وهو محرم فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا
قال : إن الحياء لفضيلة ، وكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من الإيمان ، وهم أول مخالف لهذا الحديث ، وأول عاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فلا يرون فيمن مات محرما أن يكشف رأسه ووجهه ; بل يغطون كل ذلك ثم يحتجون به في أن لا يغطي الحي المحرم وجهه ونعوذ بالله من الخذلان . أبو محمد
ويقولون : إن الصاحب إذا روى خبرا وخالفه فهو دليل على نسخ ذلك الخبر [ ص: 81 ] عندهم هو ، روى هذا الخبر وهو رأي للمحرم الحي أن يخمر وجهه ; فأين لك ذلك الأصل الخبيث الذي تعلقوا به في رد السنن [ الثابتة ] . وابن عباس
قال : ونحن نقول : إن الحي المحرم لا يلزمه كشف وجهه ، وإنما يلزمه كشف رأسه فقط ; فإذا مات أحدث الله تعالى له حكما زائدا وهو أن لا يخمر وجهه ولا رأسه { علي لا يسأل عما يفعل } تعالى ، والقياس ضلال ، وزيادة في الدين شرعا لم يأذن به الله تعالى .
قال : لو كان تغطية المحرم وجهه مكروها أو محرما ، لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم ينه عن ذلك فهو مباح - وبالله تعالى التوفيق . علي